أزمة المعرفة في رباعيّات عمر الخيّام (1048-1131م)‏

د. إيهاب محمد زاهر ‏

مدرِّس في قسم التاريخ/ الجامعة الأردنيّة

ehabzaher40@yahoo.com

 

لم يكن الخيّام ريبيًّا في مضامين المعرفة، بل وجد ضالّته المنشودة في منهج الريبيّين ‏الذي وجد فيه سبيلًا إلى نقد المعرفة الوثوقّية بكلّ اتجاهاتها وممثِّليها، ودعوة إلى ‏مراجعة الطُّرُق المنتهجة في بناء تلك المعرفة من خلال الكشف عن أخطائها ‏وتناقضاتها الداخليّة.‏

عاش الشاعر والكاتب عمر الخيّام في القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي، ‏حيث شهد في هذه الحقبة الصراع الفكري وانحسار النشاط العقلي الحُرّ لحساب النشاط ‏‏"الخرافي"؛ فازدهرت ظاهرة التَّنجيم في العصر السلجوقي حتى كان لكلّ سلطان أو ‏ملك فريقه الخاص من المنجِّمين الذين يستعين بهم في استشعار الحوادث والتنبُّؤ ‏بالمستقبل، ولعلّ هذا يشير في وجه من وجوهه إلى قلق الجهاز السياسي السلجوقي ‏على مكانته غير المستقرّة داخل الشَّرق الإسلاميّ.‏

إنّ وضعًا سياسيًّا وفكريًّا مثل الذي وصفنا حريٌّ بدفع الفلاسفة إلى التقيّة أو العزلة ‏خشية تهمة الإلحاد التي طالت الكثيرين منهم مثل عمر الخيّام، "وانتهى بالتالي ذلك ‏العهد الذي كان فيه محمد بن زكريا الرّازي يحدِّث بأفكاره الفلسفيّة بصراحة تامّة ‏وحتّى إّنّه يدير في (الرّي) مجالس المناظرة بحضور الحاكم والقاضي والعلماء جاعلًا ‏العقل وحده الدليل للبشريّة".‏

والحديث عن أزمة المعرفة عند الخيّام يطرح علينا السؤال الآتي: إذا كان من البديهي ‏أن يكون الخيّام مستاءً من الحال التي صارت إليها المعرفة في عصره، فهل تقدّم ‏ببديل عنها؟

في البداية، نحن هنا لا نظفر في رباعيّات الخيّام بنسق معرفي متكامل؛ لأنّ مجال ‏الشعر يضيق عن ذلك ومع ذلك، نعثر في الرباعيّات على أسئلة ملحّة تتردَّد على ‏امتدادها يوجِّهها الخيّام إلى كلّ الأنماط المعرفيّة السائدة في عصره ومن أهمّها: هل ‏في إمكان الإنسان أن يعرف؟ هل معارفه واضحة بديهيّة؟ هل عمليّة الوصول إلى ‏المعرفة هيّنة؟ هل يملك الإنسان المهارات الكافية للوصول إلى المعرفة؟ ثم ما جدوى ‏المعرفة أصلًا؟

إنّ هذه الأسئلة التي تلحّ على الخيّام تدفع بقارئه إلى القول إنّ هدف الرباعيّات كان نقد ‏المعرفة السائدة في عصره والكشف عن أسسها الواهية. ومن ثمّ التَّأسيس لمعرفة ‏جديدة. إذْ كتب في إحدى رباعيّاته:‏

 

‏"لا أنـــــــــــا عالــــــــم ولا أنــــتَ ســـــرّ الـ

دَّهـــــــــر أو حــــــــلّ مشكــــــل منه دقــــــا

نتظـــــــــنّى خلـــــف الستـــــــار فـــــــإنْ زا

ل فــــــلا أنـــــــتَ أو أنــــــــا ثــــــــــم نبقى".‏

يقوم المعنى في هذه الرباعيّة على الرَّبط بين ثلاثة أطراف أوّلها "الأنا"، ضمير يعود ‏على الخيّام دون التباس، في حين يظلّ "الأنت" غائمًا يحيل على مُخاطَب يتعدّى ‏حضوره ذهن الخيّام إلى واقع عيني، ونضطرّ هنا إلى التأويل استنادًا أوّلًا على أنَّ ‏المُخاطَب يجب أن يكون مختلفًا عن المخاطِب باعتبار أنّنا نُخرج هذه الرباعيّة من ‏صنف "المونولوج" أو الأدب "الاستبطاني" الذي سيتجلّى أكثر في رباعيّات أخرى، ‏وهذا الواقع العيني الذي ينتمي إليه المخاطَب نرجِّح أن يكون عصر المخاطِب؛ أي ‏عصر الخيّام نفسه. هنا يأخذ ضمير "الأنتَ" معنى الإطلاق، بمعنى أنّه لا يقصد ‏طرفًا بعيْنه، بل كلّ الاتِّجاهات التي "تدَّعي" المعرفة، ونحن نعلم أنّ كلّ التيارات ‏الفكريّة "الرّسميّة" على الأقلّ قد بلغت في العصر الخيّامي درجة من الوثوقيّة أباحت ‏لها اعتبار المُخالِف كافرًا؛ فـ"أنتَ" هنا قد تشمل كلّ التيّارات المعرفيّة الوثوقيّة دون ‏تحديد. أمّا الخطاب فيتحدَّد بالنَّفي عبْر الأداة "لا" التي تتكرَّر ثلاث مرّات تأكيدًا لهذا ‏النَّفي المطلق لإمكانيّة المعرفة التي يخصِّصها الشاعر من خلال ذِكْر موضوعها وهو ‏الدَّهر. وعلى الرّغم من تعريفات هذه الكلمة (الدَّهر) المختلفة، إلّا أنّنا نكتفي هنا ‏بالقول إنّه مجال ينتمي إلى عالم ما وراء الطبيعة. من هنا يمكن أن نترجم هذه ‏الرباعيّة بالقول إنّ "الأنا هي عمر الخيّام والأنت كلّ الاتِّجاهات الفكريّة الوثوقيّة: لا ‏يمكننا أن نعرف أيّ شيء عن عالم الميتافيزيقا وهذا الأمر هو الذي سوّغ للكثيرين ‏اعتبار عمر الخيّام شاعرًا لا أدريًّا، فأديب التّقى مثلًا يقول في مقدّمة ترجمة النجفي ‏لرباعيات الخيّام: "إنّ الخيّام في مسائل (ما وراء الطبيعة) أي في مسائل الوجود ‏المطلق و(حقائق الأشياء) و(حقيقة الروح) و(المبدأ والمعاد) من صنف الفلاسفة اللا ‏أباليّين ‏Agnostiques‏ الذين يعترفون بالجهل ويرون أنّ طاقة البشر لا تستطيع أن ‏تحيط بمثل هذه المسائل"(عمر الخيام- الرباعيات، ص24). في حين ينفي عنه عبدالمنعم ‏الحفني "تهمة" اللا أدرية ويعتبرها تُناقض القول إنّ الخيّام كان علّامة في الرياضيّات ‏متسائلًا: كيف يكون كذلك وهو لا يدري؟"(عمر الخيام والرباعيات، ص188)، أمّا نحن ‏فنختلف مع الرأيين؛ ذلك أنّ الخيّام لم يكن حتى في المجال الميتافيزيقي لا أدريّا بأتمّ ‏معنى الكلمة إذ أعلن في رباعيّة له:‏

‏"ليـــــــــــــس لــــــــذا العـــــــــالــــم ابـتـــداء‏

‏ يبــــــدو ولا غـــــايــــــة وحـــــــــــــــــــــــــدُّ

ولـــــــم أجــــــــــد مـــَـــن يقــــــــول حـقــًّـــا

‏ مــِـــن أيـــــن جئـنـــــــــا وأيــــن نغـــــــــــدو؟".‏

تنطوي هذه الرباعيّة ظاهريًّا على تناقض واضح؛ إذ يقرّ الخيّام في الشطر الأوّل منها ‏برأي يقيني واثق حول مسألة تنتمي إلى مجال الميتافيزيقا وهي قِدَم العالم، وبما أنّ ‏الخيّام يدرك ما لهذا الإقرار من نتائج خطيرة تُناقض النّص القرآني الذي يقرّ بخلق ‏العالم وما يترتَّب على ذلك من نتائج، فقد تدارك الأمر بإدّعاء الحيرة من خلال سؤال ‏‏"من أين جئنا وأين نغدو؟" الذي أفرغه الشطر الأوّل من الرباعيّة من ثقله وجديّته، ‏وأصبح بذلك سؤالًا شكليًّا مفتعلًا بعد أنْ أجاب عنه الخيّام في بداية الرّباعية بطريقة ‏إثباتيّة لا تدع مجالًا للقول بلا أدريته. ‏

هذا التفسير يدعّم ما نذهب إليه وهو أنّ الخيّام لم يكن ريبيًّا فعلًا، بمعنى أنّه لم يكن ‏يعتنق المذهب الرَّيبي في نظرته إلى الوجود، وذلك على الرّغم من أنّه في بعض ‏فترات حياته وتحت وطأة خيبات عديدة تزعزعت ثقته في عدد من القِيَم المعرفيّة ‏والأخلاقيّة. فأعلن في بعض رباعيّاته -بدافع انفعالي- أنّ السماء تنهدّ على رأسه وأنّه ‏عدم التمييز بين الحقّ والباطل، إلاّ أنّه وجد في المذهب الرّيبي المذهب المنشود لنقد ‏أسس المعارف الدغمائيّة التي سادت عصره، ولبيان تهافتها، ولإرساء منظومة من ‏قِيَم جديدة قوامها الدّعوة إلى الانصراف عن الميتافيزيقا إلى شواغل الفيزيقا.‏

لم يكن الخيّام، إذن، ريبيًّا، وإنّما سلك المنهج الرّيبي شكليًّا باعتباره أداة مقاومة ‏لدغمائيّة القرنين الحادي عشر والثاني عشر التي سادت العالم الإسلامي مشرقًا ‏ومغربًا محاولًا الحدّ من تطرُّفها المعرفي والأيديولوجي، وزعزعة بديهيّاتها عبْر الكمّ ‏الهائل من الأسئلة التي توجِّهها الرباعيّات لإحراج الأنماط المعرفيّة:‏

‏"ليـــــــس يـــــدري بـمـنـــــطق وقيــــــــاس‏

أي وقـــــــت دارت بـــــــــــــــــــــه الزرقاء

أو متــــــى تصبــــــح السمـــــــاء خرابـــــــا

‏ فتــــداعـــــت وانــهـــــدَّ منـــــها البنــــــــــاء".‏

ويمكن أنْ نعتبر أنَّ الإحراج الأكبر الذي يوقعُ فيه الخيّام -من خلال رباعيّاته- هذه ‏المنظومات الفكريّة المخاطَبَة هو تأكيد عجز العقل الإنساني عن الإجابة عن هذه ‏الأسئلة التي تشذّ عن المنطق والقياس. فالخيّام حين يعلن فشل العقل ضمن هذا المجال ‏إنّما ينزع عن الإجابات المعرفيّة التي تناولت هذه المسائل صفة المعقوليّة، ويجعل ‏منها إجابات متهافتة لا تستند إلى أدلّة برهانيّة واضحة، ممّا يفقدها الشرعيّة العقليّة ‏الإقناعيّة لتصبح حقائق ذاتيّة أو إيمانيّة أو عرفانيّة، لا يمكن الارتفاع بها إلى مستوى ‏الحقائق المطلقة التي تدّعيها هذه المعارف والتي بموجبها تعتبر الشاكّ في هذه الحقائق ‏ضالًّا عن سواء السبيل.‏

إنّنا، هنا، كأنّنا إزاء إعادة تشكيل المعرفة عبْر نقد مبادئها ومجالاتها من أجل إعادة ‏بنائها من خلال بيان حدود العقل الإنساني أوّلًا، ومن أجل شرعنتها بإسنادها إلى أطر ‏الوضوح والعقل ثانيًا، وحصر مجالها في إطار الممكن ثالثًا، وهذا ما يسوّغ لنا القول ‏إنّ المشروع الأكبر الذي حملته رباعيات الخيّام كان "أنسنة" المعرفة إنْ صحّت هذه ‏العبارة، أي أنّ حلم الرباعيّات ووعدها كان الانزياح بموضوع المعرفة من المطلق ‏إلى النسبي، ومن المستحيل إلى الممكن، ومن السماء إلى الأرض إلى الإنساني ‏المحدود، مثل هذا المشروع هو الذي حققته الحداثة الغربيّة بعد مخاض دام قرونًا ولم ‏تشرع فيه إلّا بعد عصر الخيّام. ‏

لم يكن الخيّام ريبيًّا في مضامين المعرفة، بل وجد ضالّته المنشودة في منهج الريبيّين ‏الذي وجد فيه سبيلًا إلى نقد المعرفة الوثوقّية بكلّ اتجاهاتها وممثِّليها ودعوة إلى ‏مراجعة الطُّرُق المنتهجة في بناء تلك المعرفة من خلال الكشف عن أخطائها ‏وتناقضاتها الداخليّة. ومن وراء ذلك محاكمة العقل الفاقد معرفته بذاته قبل الولوج في ‏موضوع المعرفة أصلًا؛ ممّا يجعل الإنتاج المعرفي وهمًا أو مَجازًا يتكشّف عن ‏صعوبات داخليّة لا حدّ لها. فهدف الخيّام في رباعيّاته هو الكشف عن تلك ‏الصعوبات، لذلك كانت أسئلة الخيّام في رباعياته التي تغوص في هذا الجانب أكثر من ‏أجوبته، وهذا ليس غريبًا إذْ: "ليست الريبيّة مذهبًا منفصل العناصر بقدر ما هي ‏مسأليّة مشكليّة نقديّة مفتوحة. فالريبي لا يدّعي إنشاء حقائق جديدة أحقّ من غيرها ‏بالاعتناق، ولا يزعم اكتشاف قناعات أجدر من سواها بالاتِّباع، وإنّما يدعو إلى ‏مراجعة طريقنا في بناء الحقيقة وإلى إعادة النَّظر في ما اعتقدنا أنّنا أنهينا النَّظر فيه ‏لأنّه أضحى بحكم التعوُّد والألفة من البداهة ما يرفعه فوق كل تساؤل ويحميه ضدّ ‏مداخل الشكّ. ولذا فالأقرب إلى الحقّ أن نعتبر الريبيّة موقفًا منهجيًّا نقديًّا يطرح من ‏الأسئلة أعمقها ويزعزع من القناعات أوثقها ويفتح من الآفاق ما يجعل الفكر يرتدّ إلى ‏ذاته بعد طول غفلة عنها".‏

وإذا كانت هذه الرباعيات تلحّ على أخطاء المعرفة وعلى صعوبة إدراك الحقيقة، فإنّ ‏الخيّام يرتدّ في رباعيات أخرى إلى مراجع العمليّة المعرفيّة ليخضعها لنقدٍ قاسٍ: ‏

‏"إنَّ الذيـــــن تـــرحلـــــوا مـــن قبلنـــــــــــا ‏

‏ نــــزلــــــــــوا بـأجــــداث الـغــرور وناموا

اشــــــرب وخــــــذ هـــــذه الحقيقــة من فمي

‏ كــــل الــــــذي قـالـــــوا لنــــــا أوهـــــــــــام".‏

تمتدّ "ريبيّة" الخيّام في هذه الرباعية لتشمل الشكّ في الرَّصيد المعرفي الإنساني ‏عمومًا. ولتنزع عن هذا الماضي قداسته وإطلاقيّته المعرفيّة وشرعيّة حيازته الحقيقة، ‏ومن ثمّ نقد المناهج الفكريّة التي تعتمد على أسبقيّة الحقيقة الزمنيّة في بناء أنساقها ‏والتي تعتبر أنّ الحقيقة تستمدّ سلطتها من الماضي، فيصبح التفكير تقليدًا أكثر ممّا هو ‏سعي مزامن لوجود الإنسان، فتنبني حقائقه وفقًا لذلك على أسبقيّة تخرج عن الفكر في ‏حدّ ذاته، وكأنّ هذه الرباعيّة تلمِّح إلى اتِّجاهات فكريّة بعينها سادت عصر الخيّام ‏واعتبرت السَّلف مرجعًا مقدّسًا يمنح الحقيقة أبعادها الأزليّة ويحكم على المجهود ‏الإنساني بالفشل واللا جدوى، وكأنَّ الخيّام يتستَّر وراء رباعيّته هذه ليدين التَّجميد ‏الرَّهيب الذي تعرّضت له الحركة الفكريّة في عصره بعد أن أغلقت المذاهب الفكريّة ‏السنيّة الأربعة الرَّئيسة باب الاجتهاد منذ القرن العاشر الميلادي، وبعد أن حكمت ‏المذاهب السلفيّة وخاصة التيّار الأشعري على العقل الإنساني بالعجز عن مباراة ‏السَّلَف الذي اعتبرته المصدر الرَّئيس للمعرفة.‏

إزاء هذا الارتداد إلى الماضي الذي شهدته الحضارة الإسلاميّة، والذي بدأ منذ القرن ‏الحادي عشر يسير وفق وتائر متسارعة مفرِّغًا الحاضر من كلّ قيمة، مغنيًا الماضي ‏بقيم وهميّة، معتبرًا القرن السابع الميلادي العصر الذهبي الذي لا يمكن للعقل البشري ‏أن يتفتَّق عن أفضل منه، وبالتالي حصر المجهود الإنساني في السَّير على هدى هذا ‏القرن واتِّباع سننه. يهدم الخيّام هذا الماضي ويعتبره وهمًا وأسطورة، وبذلك يتحوّل ‏عمله من نقد وسائل المعرفة وموضوعاتها إلى نقد أصول المعرفة التي تكرِّس قيمة ‏القديم، فيكتسي مشروعه أهميّة بالغة تَبرُز في النَّظرة الثَّوريّة جدًّا التي تطالب الإنسان ‏بالتمرُّد على سيطرة الماضي بكلّ سننه وسلطته من أجل تأسيس معرفة إنسانيّة ‏يضطلع فيها الإنسان الفرد بعمليّة المعرفة دون الاتِّكال على مرتكزات ماضويّة ‏يعتبرها الخيّام وهمًا وزيفًا ممّا يعطي موقفه هذا أبعادًا صداميّة قصوى تنال من ‏النصوص الأولى ومن كلّ التيّارات الفكريّة التي تراهن في مقاربة الوجود على هذه ‏النصوص، ولعلّ هذا ما يبرِّر العلاقة المتوتِّرة التي جمعت بين عمر الخيّام ومختلف ‏التيّارات الفكريّة والسياسيّة التي أحسّت أنّ في الرباعيّات شحنة ناسفة؛ فاتُّهِمَ الخيّام ‏بالزندقة والكفر والإلحاد.‏

وعندما نعود إلى الخيّام نرى أنَّ نقده للثقافة المعرفيّة في عصره، وتأكيده على طابع ‏الدغمائيّة الذي اتَّسمت به هذه الثقافة، والتشكيك في حقائقها، كل ذلك كان يعبِّر عن ‏رغبة الخيّام في بناء ثقافة بديلة تنفتح على النسبيّة وعلى تعدُّد الحقائق، وكان ‏مشروعه عقلنة هذه الثقافة باعتماد مؤسّسات بديلة عوض المؤسّسات الفقهيّة والدينيّة ‏التي حكمت الثقافة الإسلاميّة في عصره.‏