أوَّل العشق.. أوَّل الحياة

‎ ‎عبدالكريم أبو الشيح

شاعر أردني

 

 

‏"العشقُ هو تركُ الاختيار"‏

جلال الدين الروميّ

عشتار وتمّوز

نادى بها ‏

صوتٌ كما لو أنّه يجيئها من مُضغة سحيقةْ‎:‎

أنِ اهْبطِي ‏

إليه من سمائكِ البعيدةْ ‏

من سابع الرياحِ وانثري على ‏

خُطاهُ من رياشكِ الخصيبةْ

وجاسدي أحلامَه

فتورق الصّحراء مِن ألحانِهِ...‏

وتولد المدينةْ‎ ‎

‏ ‏

 

 

عشتار:‏

 

هذا الراعي ‏

أغواني في يده النايْ

أيقظ فيَّ فراشات الشبقِ المكنوز بخاصرة النومِ

وأسلمني ‏

لرؤايْ

كمْ كانَ بهيًّا وجريئًا

إذ أوقفني في منتصف الدربِ وناداني باسمي‎:‎

عشتارْ....‏

أأنا عشتارْ

أأنا ‏

تلك المازلتُ أجوبُ بأرجاء الكونِ ‏

وما في جنبيّ سوايْ

وسوى شهواتٍ أبذرها ‏

في دربِ العشّاقِ وأتركهم جثثًا تتلظّى ‏

ما بينَ الأمل المنذورِ وبينَ الإنذارْ

 

أأنا ‏

تلكَ الكانتْ....؟

هل حقًّا ‏

كنتُ أسير محرّرةً من ستِّ جهاتي

أمْ أنّي ‏

كنْتُ أسير إلى منفايْ؟

يحدوني ذاكَ الصوت اليتردَّدُ مثلَ رنين الشهوةِ..‏

يَنْسُلُ ‏

من بين ثيابي وأنايْ

ويقودُ خطايَ إلى حيث يشاءْ

ذاك الراعي

كنتُ أراهُ إذا أغمضتُ جفوني للنومِ

وفي الصبحِ ‏

أراهُ احتلَّ مرايايْ

أيكونُ هو العشقُ؟؟؟!‏

فإنّ العشقَ يكونُ بترككَ أن تختارَ

وهذا ما ‏

علّمني في فقهِ العاشقِ مولايْ.....‏‎ ‎

 

 

تمّوز

سأرجعُ من كلِّ موتٍ أشدَّ اخضرارا

وأندى رواءً

وأذكى أوارا

وأبذر في قلبِ عشتار كلَّ الفصولِ

وأُجري على راحتيها النَّدى ‏

سواقيَ عشقٍ ‏

وفي راحتيها... تفكُّ الإزارا

وأهطلُ في كلِّ وادٍ ‏

براعمَ خصبٍ ‏

لتعقد حين تجيءُ المواسمُ ولهى ‏

وتَمْلا الجِرارا

فأبعثُ فيها

رويًّا يشفُّ

وحرفًا يضمُّ إليه الفصولَ

وينثرُ في حافتيها النّهارا.....‏

سأرجع كي لا يطولَ انتظارٌ

فلستُ أطيق عليها انتظارا