نص: مروان البطوش
كاتب أردني
(1)
قطّةٌ لا تريد اللّعب
ما الذي يُجبرُ شابًّا طويلًا عريضًا، تجاوز الثلاثين أنْ ينبطحَ على ظهره في وسط الشّارع ليلعبَ مع قطّةٍ لا تريدُ اللّعب؛ سوى الوحدة؟
زمان.. قبل أكثر من عشرين عامًا كنتُ حين أسمعُ -في القرية- عن الرجل الذي باع أرضهُ وحمارهُ ليشتري راديو أضحك.. كنتُ أضحك.
الآن.. وبعد أكثر من عشرين عامًا صرتُ.. أبكي وأنبطح على ظهري في وسط الشارع لألعب مع قطة لا تريد اللّعب.
(2)
مشكلةٌ كلّ هذا الذي نحن فيه
أمسحُ لقمةَ الطعام اللذيذةَ التي سقطت من يدي على الأرض بخدّي.
و"أكبسُ كبسةَ الضّوء" في غرفتي، بلساني، كمن يقبّلها.
أدندنُ مع "بكب" الغاز حين يمرّ كي لا أسمعه.
أرنُّ وأفصلُ –فجرًا- على رقمٍ للطوارئ.
أبكي في الكأس الورقيّةِ مرّةً أو مرّتين بحسب العطش، أتثاقل أن أسيرَ إلى "كولر" الماء.
"كولرُ" الماء جدُّ بعيدٍ.
أضحكُ حين تراودني ذكرياتٌ حزينة، وأبكي إذا ما تذكّرتُ نكتة.
في الممرّ الذي يصلُ بين غرفتي والصالون ثمّةَ مرآة أرى -كلّ أسبوعين- فيها، أو يزيدُ.. شخصًا غريبًا ناولتُهُ مرّةً صفعةً ومن يومها لم أرَه.
مئةٌ وعشرة أمتار مربعة يسمّيها صاحبها بيتَهُ، وأسمّيها أنا: بيت صاحب البيت.
مشكلةٌ كلّ هذا الذي نحن فيه.. لا أنتَ أنتَ ولا هُم هُمُ.. أمسحُ لقمةَ الطعام اللذيذةَ التي سقطت من يدي على الأرض بخدّي.
وأبكي لأنّ قليلًا من الملح مسّ جرحًا -ليس ينزفُ- في القلب.