مداخلة أ. مجدي دعيبس
روائي
من المفترض أنّ العلاقة بين الكاتب والناقد علاقة تكامليّة؛ أي أن تؤدي إلى تطوير إصدارات الكاتب اللاحقة، لكن النقد في معظمه غنائي يركّز على الإيجابيّات ويعفو عن السلبيّات. عندما يقبل الناقد الكتابة عن عمل ما، فهذا يعني أنّ الكتاب موضوع النقد قد اشتمل على الحدّ الأدنى من المتطلبات الفنيّة والجماليّة والمعرفيّة، وإلّا فهو غير معني بديوان شعر أو رواية أو مجموعة قصصية ضعيفة دون المستوى المطلوب. ما يحدث أن بعض المقالات أو الدراسات تكون من باب التقريظ الخالص، أو على العكس من ذلك تمامًا، وهذا لا يفيد العمليّتين الإبداعيّة والنقديّة. يغيب النقد المتوازن الذي يبرز جماليّات العمل ويشير في الوقت عينه إلى ملاحظات الناقد الحصيف في مواضع خلل معينة في الرواية من حيث البناء العام أو الشخصيّات أو غيرها من الملاحظات التي على الأغلب سيفيد منها الكاتب في تطوير تجاربه اللاحقة. هذا الاختلاف أو التفاوت أمرٌ طبيعي؛ فمن غير الممكن أن تتوافق رؤية الناقد مع رؤية الكاتب تمامًا كأنّ أحدهما ظلّ للآخر، فالذائقة الأدبيّة تلعب دورًا في هذا المجال، وهي –أي الذائقة- تختلف من شخص إلى آخر؛ لأنّها مزيجٌ معقّدٌ من أشياء كثيرة. وفي النهاية رأي الناقد ليس ملزمًا للكاتب؛ يمكن الأخذ به ويمكن تركه. على الكاتب أن يتقبّل هذا الأمر وعلى الناقد أن يجتهد في دراسته دون أيّ تحفّظ حتى يعطيها مصداقية عالية.
من دون نقدٍ بنّاء سيظلّ الكاتب يدور في دائرة ضيّقة من الهواجس والخيال واللغة والموضوعات معتمدًا على قراءاته وتحليله الشخصيّ للأعمال التي يطّلع عليها، وهذا غير كاف للانتقال إلى مدار أعلى في تجربته التي سيتأخر نضوجها وستظلّ محصورةً في مجالٍ محدود.