عُرُوجٌ إِلَى سِدْرَةِ فِلِسْطِينْ

عبدالحميد حسن محمد
شاعر سوداني

بآمَالٍ سَأَحْضُنُها طَويلًا
لِتَكْبُرَ داخِلِي مِنْ غَيْرِ سَقْفِ
وَأَرْضٍ فِي حُقُولِ الرُّوحِ بِكْرٍ
بِمُوْرِقِ طِيْنِها يَخْتالُ حَرْفي.
وَأَوَّلِ نَجْمَةٍ سَفَكَتْ ضِياها
لِتُرْشِدَ تِيْه أَيَّامِي وَلَهْفِي
وَأَجْنِحَةٍ مِنَ الزَّيتُونِ تَهْمِي
وَبِاسْمِكِ حِينَ يَمْحُو فِيَّ ضَعْفِي
خَرَجْتُ وَضَجَّ فِي خَلَدِي نِداءٌ
لِخَيْلِ الْحَقِّ فِي الأَرْجاءِ خِفِّي
فِلِسْطِينُ الْكَرامَةِ كَلِّمِيني
وَقُولِي لِلْغَوادِ الْحُمْرِ كُفِّي
جِراحُكِ فِي بَراحِ الْحُزْنِ تَجْرِي
وَأَلْمَسُ نَبْضَها فَأَضُمُّ نَزْفِي
يُرَوِّي تُرْبَ نَخْوَتِهِ شَهِيْدٌ
وَبَعْدُ الحُلْمُ يُثْقِلُ كُلَّ كَتْفِ
بِأَنْ نَلْقاكِ.. نَهْرُ الْحُبِّ حُرٌّ
وَيا خَضْرا مُحالٌ أَنْ تَجِفِّي!
وَلَمْ تَلِدِ الرِّمالُ لَنا رِحالًا
لِيَحْمِلَنا الحَنِيْنُ عَلَى الأكُفِّ


خَرَجْنا مِنْ كَثِيبِ الحُزْنِ غُبْرًا
وَهَذِي الرِّيْحُ بِنْتٌ ذَاتُ عَصْفِ .
لِنُنْشِدَ قَدْرَ ما احْتَمَلَتْ خُطانا
نُصُوصَ الشَّوْقِ كاساتٍ لِتَشْفي
عَبِيرٌ مَسَّ رُوحِي فَاسْتَفاقَتْ
هُنا القُدْسُ الَّتِي قَدْ صاغَ وَصْفي
بُطُولَاتٌ تُسَطَّرُ فِي مَعانٍ
تَفُضُّ بِشارَةً فِي كُلِّ كَشْفِ
وَغَزَّةُ طَائِرُ الفِينِيقِ تَعْلُو
وَتَنْهَضُ مَرَّةً مِنْ بَعْدِ أَلْفِ
وَيافا إِذْ تُصافِحُها قُلُوبٌ
عَلَى حَدَقاتِ أَعْيُنِنا فَرِفِّي
هُنا أَهْلِي شَبابِيْكٌ تُغَنِّي
تُضِيءُ الحُلْمَ صَفًّا قُرْبَ صَفِّ


بِحِبْرِ المَوتِ وَالدَّمْعِ المُدَمَّى
هُوِيَّتُنا تُسَطَّرُ دُونَ حَذْفِ
لِيُوْلَدَ صَوْتُ وَحْدَتِنا قَرِيبًا
مَدِينًا لِلْقَضِيَّةِ أَنْ يُوَفِّي
أَتَيْتُ وَلاحَ فِي أفُقِي بَرِيقٌ
وَأَزْهَرَتِ المَواسِمُ فَوْقَ كَفِّي
تُطَوِّقُنِي أَزاهِرُ أُمْنَياتِي
أُلَمْلِمُ مِنْ بَقايا الرِّيْحِ عَرْفِي
لِأَرْسُم فِي مَرايا الْغَيْمِ أُفُقًا
يُلَوِّنُهُ الفَراشُ بِدُوْنِ قَصْفِ
وأُمًّا مِنْ طُيُوْرِ الحُبِّ تَسْعَى
يُجَلِّلُهَا الحَنانُ بِما سَيَكْفِي


وُغُصْنًا لِلْيَمامِ يُظِلُّ شالًا
يُبَلِّلُهُ البَشِيرُ لِكي تُزَفِّي
بِجَنَّتِكِ البَرِيئَةِ هامَ قَلْبي
وَقَفْتُ وَثُلَّةُ العُشاقِ خَلْفي
أُرَتِّلُ ما تَيَسَّرَ مِنْ بَهاءٍ
وَأَقْرَأُ لِلْجِهاتِ السِّتِّ صُحْفي
خُذُوا مِنِّي صَباباتِي وَوَجْدي
وَآخِرَ دَمْعَةٍ كانَتْ بِطَرْفي
دَعُوا ما سَوْفَ يَبْقَى مِنْ وُرُوْدٍ
لِمُشْتاقٍ سَيأْتِي دُوْنَ قَطْفِ!!.