شعر: قيس الطه قوقزة
شاعر أردني
qais.gogazeh@mot.gov.jo
الغُرْفَةُ السَّودَاءُ... حَولَكِ حُبْلَى
والزَّيتُ فِي المِصْبَاحِ صَارَ أَقَلَّا
كُلُّ التَّعَاوِيذِ الَّتِي عَلَّمْتِهَا....
لِي، لَمْ تَعُدْ تُنْجِي الغَرِيقَ لِتُتْلَى
الضَّوءُ فِي المِصْبَاحِ أَصبَحَ مِثلَنَا
مُتَبَاطِئًا... مُتَسَارِعًا... مُخـْـتَلَّا
الضَّوءُ فِي المِصْبَاحِ أَصبَحَ عَارِيًا
فَقدَ التَّوازُنَ... والخُطَى والشَّكْلَا
الغُرْفَةُ السَّودَاءُ... فِيهَا آخَرُونَ
مِنَ المَجَازِ... يُحاصِرُونَ العَقْلَا
وَجَوَانِبُ المِشْكَاةِ ضَاقَتْ حَولَنَا
فَـبـِـأَيِّ رُكْـنٍ تَزْرَعِيـنَ مَحَلَّا؟!
* * *
المَقْعَدُ الخَشَبِيُّ يَنْظُرُ حَائِرًا
والوَقْتُ يَسْرِقُ مِنْ يَدَيكِ الغَزْلَا
ولِأَنَّ نافِذَةَ الغِيَابِ بَعِيدَةٌ
لَمْ يُجْدِ أَنْ تُلْقِي إِلَيَّ الحَبْلَا
مُدِّي المَدَى نَحْوِي لِأَبْلُغَ مَوطِنًا
كَي لَا يَجُوعَ بَنُوهُ صَامَ وَصَلَّى
الثُّقْبُ فِي وَسَطِ الجِدَارِ مُحَدِّقٌ
نَحْوِي... وَيَرْمُقُنِي بِنَظْرَةِ ثَكْلَى
يَـتـَـــرَقَّبُ الخَوفَ الَّــذِي يَنْتَابُنِي
حَذَرًا... لِكَي يَنْقـَـضَّ فَوقِيَ قَتْلَا
فَبِنَظْرَةٍ يُبْدِي الحَقِيقَةَ وَجْهُـهُ
وَبِنَظْرَةٍ أُخْرَى... يُخَبِّئُ نَصْلَا
هُوَ لَا يُرِيدُ سِوَى فَنَاءِ قَصَائِدِي
أَو مِلءَ كَأْسِ الذُّلِّ حَولِيَ ذُلَّا
ولأَنَّ شُبَّاكَ الكَلَامِ مُهَشَّمٌ
سَرَقَ اللُّصُوصُ مَعَ الصَّبَاحِ الخَيلَا
* * *
لا نارُ يُؤْنِسُهَا النَّبِيُّ عَلَامَةً
والذِّئبُ لَمَّا جَاعَ، عَضَّ الحَقْلَا
وَبِبَابِ وَادِي النَّمْلِ لَمْ نَسْمَعْ حَدِيثَ
النَّمْلِ يُتْلَى... أَو نُشَاهِدْ نَمْلَا
لَا قَبْضَةٌ قَبَضَتْ يَدَاكِ لِنَقْتَفِي
أَثَرَ الرَّسُولِ، وَمَا غَرَفْنَا الرَّمْلَا
وَمَشَيتِ فَوقَ البَحْرِ كَانَ مَسِيرُنَا
عَبَثًا... وَمَا بَلَغَتْ يَدَاكِ النَّخْلَا
فَضَعِي مَعَ التَّابوتِ طِفْلًا آخَرًا
لَنْ يُرْجِعَ اليَمُّ المُزَيَّفُ طِفْلَا
* * *
الغُرفَةُ السَّوداءُ لَا تَحْتَاجُ نُورَ
الشَّمْسِ، بَلْ تَحْتَـاجُ أَنْ نَتَجَلَّى
وَالعَائِدُونَ مِنَ الهَزَائِمِ نَفْسُهُمْ
مَنْ أَقْنَعُوا الطَّاغُوتَ والمُحْتَلَّا
قَالُوا لِسَيِّدِهِمْ: نَعَمْ، وَرَأَيتُهُ
عَبْدًا، فَقُلْتُ لَهُ: رُوَيدَكَ، كَلَّا
هُمْ أَخبَرُوهُ بِأَنَّ رُمْحَ الشِّعْرِ أَخْطَرُ
مِنْ رَصَاصٍ في المُسَدَّسِ يُمْلَى
ولأَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ شَنْقِي عَلَى
أَرْضِي نَفَانِي لِلْبِلَادِ السُّفلَى
وَيُحَرِّضُ الطَّيرَ الَّذي رَبَّيتُهُ
طِفْلًا... عَلَيَّ، وَيَستَثِيرُ الإِبْلَا
وَيُحَرِّضُ الدُّنيَا عَلَيَّ، وبَحْرَهَا
وُحُقُولَهَا، وَجِبَالَهَا... والسَّهْلَا
هُوَ لَمْ يَنَلْ مِنْ كِبْرِياءِ قَصَائِدِي
وَسِوَايَ أَفْوَاهٌ... تُقَبِّلُ نَعْلَا
والأَرضُ كُلُّ الأَرضِ بَاتَتْ مَوطِنِي
وَرِمَالُهَا صَارَتْ لِقَلْبِيَ أَهْلَا
ولِأَنَّ شَكْلَ الخَوفِ لَا يَعْنِي تَضَارِيسِي
جَـعَـلْتـُكِ في كِتَابِـيَ فَصْلَا...
ولِأَنَّ في قَلبِي يُسَافِرُ عَاشِقٌ
يَهْوى الحَياةَ... قَتَلتُ فِيَّ الغِلَّا
فَمَلَامِحُ الطُّوْفَانِ غَطَّتْ أَرْضَنَا
والمَاءُ في الشُّطْآنِ أَصْبَحَ ضَحْلَا
والجُبُّ أَصبَحَ آمِنًا فِي قَعْرِهِ
والمَوتُ فَوقَ السَّطْحِ يَغْشَى الظِّلَّا
وَلِذَاكِ ظلِّي تَحْتُ، كَي تَتَنَفَّسِي
وَارْمِي بِجِذْعِ النَّخْلِ نَحْوَ الأَعلَى
سَنَمُوتُ خَنْقًا في الجِدَارِ وَرُبَّمَا
سَنَعُودُ مِنْ تِلْكَ النِّهايَةِ قَتـْـلَى