عبد المجيد جرادات
كاتب ومحلل أردني
على عتبات المئويّة الثانية للدولة الأردنيّة، يطرح كاتب هذا المقال جملة من الأسئلة ويقدِّم أفكارًا حولها: كيف سيستمرّ مشروع الدولة الأردنيّة خلال الفترة المُقبلة؟ وأين تكمن المقوّمات والحوافز التي تعزِّز حسّ الثقافة الإنتاجيّة، وتكرِّس منهجيّة الاعتماد على الذات؟ وما هي أنجح السُّبل التي تمنح الجميع الفرصة لمواصلة البناء على ما تمَّ إنجازه؟ وكيف يُمكن تطوير أساليب التعاون في المجالات الاقتصاديّة والعلميّة مع العالمين العربي والإسلامي سعيًا لمتابعة خطوات التَّحديث والإصلاح في المجالات التي أفسدتها نظم العولمة وشوَّشت عليها جائحة "كورونا" المتوحشة؟
عند الحديث عن المئويّة الأولى للدولة الأردنيّة، لا بد من الإشادة بحكمة القيادة الهاشمية العريقة وهمّة الروّاد والبناة من أبناء هذا الوطن الجميل الذين أسَّسوا لنهضة عمرانية، وتدرّجوا بتوسيع الرقعة الزراعيّة، وعرفوا قيمة وأهميّة العلم.. ثم شجَّعوا على تهيئة البنى التحتيّة وإعداد الكفاءات الأكاديميّة والتربويّة التي أتقنت فن تطوير المهارات وتزويد الشباب بأرقى الخبرات التي تمكّنهم من التكيُّف مع متغيّرات الحياة، بعد أن تعوّدوا على التحلّي بمقومات الصبر والثبات، وتجاوزا الصعاب ثم تمكنوا من ترجمة التحديات إلى نجاحات متميّزة ومشاريع مثمرة وغنية وسمعة تليق بالكفاءات الأردنيّة.
امتلك الإنسان الأردني منذ تأسيس الدولة الأردنيّة، روح العزيمة وأهمّ الحوافز التي تدفعه للتحلي بصفتي الإباء وعلوّ الهمّة، وفي تتبُّعنا لمسيرة الزمن وتطوُّرات الأحداث خلال المئويّة الأولى للدولة الأردنيّة، نتيقّن بأنَّ الشخصيّة الأردنيّة، تستمدّ مقومات كينونتها من سياقها الحضاري، وطبيعة موقعها الجغرافي والامتداد التاريخي، ومن أهم مزايا هذه الشخصيّة أنَّها منفتحة على أرقى الحضارات بعد أن أتقنت معادلة الحرفيّة في العمل والمهنيّة في الإدارة.
يكتسب الأردن أهميّته من حيويّة موقعه الاستراتيجي، فالمملكة الأردنية الهاشمية تتوسّطُ قلب الوطن العربي جغرافيًّا، وهي حلقةَ وصل حيويّة بين مَواطن الحضارات في الشرق والغرب، الأمر الذي عزَّز طابع الشعور بالعزّة الوطنيّة والنزعة القوميّة في سلوك الشخصية الأردنية التي تؤمن بوحدة الهدف والمصير على مستوى أبناء العروبة، وكان من الطبيعي أن تكون الثقافة الأردنية مبنية على منهجية الدافعية التي تسهم بحث الخطى نحو بناء نهضة اقتصادية على مستوى الوطن العربي، على الرّغم من الاعتقاد السائد بأنَّ فكرة تنسيق الجهود بين العرب، لا تروق للمتنفّذين في الدول العظمى والصناعية الذين يحرصون على أن يكون العرب مستهلكين لمنتجاتهم ومعجبين بثقافاتهم.
نقف ونحن في بدايات المئوية الثانية أمام شرفة القيادة الهاشمية التي عوَّدتنا على الاقتراب من طموحات أبناء الوطن منذ انطلاقة الثورة العربية الكبرى، وعندما أسَّس الملك عبدالله الأوّل ابن الحسين دعائم بناء الدولة وعمل على تكريس روح الإخاء والتناغم بين الناس، وجاء بعده نجله الملك طلال الذي وضع دستورًا يُعتبر من أرقى النُّظم التي تكفل وجود العدالة والمرونة وسبل التكافل والتضامن بين الجميع، ثم تسلّم الملك الباني الحسين بن طلال مقاليد الحكم وهو في ريعان الشباب حيث سجَّل أنجح المواقف في الإدارة الحصيفة والقيادة الرشيدة؛ رحمهم الله جميعًا وأسكنهم فسيح جناته.
يتفق الجميع على أنَّ دفء العلاقة بين الشعب الأردني وقيادته الفذَّة يستند على جملة حقائق أهمها أنَّ القيادة الهاشمية تتحلى بالشجاعة والحكمة، وقد استطاعت خلال المئوية الأولى أن تؤسس لنهضة تربوية وعلمية وحركة إنتاجية، وتمّ تشجيع أبناء الوطن على المثابرة والبحث عن المعرفة التي توفر لهم مناخات الإبداع وتحقق لهم شروط التفوّق في الأداء. إنَّ واحدة من أنبل صفات ملوك الأردن، بدءًا بالملك المؤسس عبدالله الأوَّل ووصولًا للملك المعزّز عبدالله الثاني ابن الحسين، أنَّهم يتقنون منهجيّة التَّحكيم بين الناس أكثر من اللُّجوء للاستقواء على أبناء الشعب، وقد كتبوا قصص حكمهم وإنجازاتهم بفيض حنكتهم السياسية وقدرتهم على الصُّمود في وجه الرّيح.
الذي يعنينا هنا هو: كيف سيستمر مشروع الدولة الأردنية خلال الفترة المقبلة؟ وأين تكمن المقومات والحوافز التي تعزز حس الثقافة الإنتاجية، وتكرس منهجية الاعتماد على الذات في كل الاتجاهات والمستويات؟ وما هي أنجح السُّبل التي تمنح الجميع الفرصة لمواصلة البناء على ما تمَّ إنجازه والحرص على تعميق مبدأ الشعور بالذات الفاعلة التي تحقق نجاحاتها بمبادراتها الخلاقة وأفعالها التي تنفع الناس وتمكث في الأرض؟ وكيف يُمكن تطوير أساليب التعاون في المجالات الاقتصادية والعلمية على المدى المنظور مع العالمين العربي والإسلامي سعيًا لمتابعة خطوات التحديث والإصلاح في المجالات التي أفسدتها نظم العولمة وشوشت عليها جائحة "كورونا" المتوحشة؟
• مجتمع متماسك ودولة قويّة
نشير ونحن بصدد الحديث عن أهم متطلبات المئوية الثانية للدولة الأردنية إلى تزايد التحديات الآنية والمستقبلية وأهمها: أزمات المياه، والطاقة، وحدّة الأسعار التي تؤثر على التنمية بشقّيها الاقتصادي والاجتماعي، إلى جانب تراكم أعداد الباحثين عن العمل، وتضخُّم مديونيّة الدولة.. هذا إلى جانب ملامح الأزمات في العلاقات الدولية، والتي تبرز بسبب تقاطع المصالح بين مَن يصنع السياسات ويُعدُّ السيناريوهات من جهة، ومَن يحصد شوك المكائد التي ثبت أنها لا ترأف بالأبرياء، ولا يهمّها استقرار الشعوب وتمكينها من استثمار خيرات أوطانها من جهةٍ أخرى.
نعوّل على حكمة القيادة والوعي الثقافي على مختلف المستويات، ونميل للتذكير بأهمية توطين ثقافة المشاركة ونقل المعرفة، ممّا يستوجب العمل على ثلاثة أبعاد: الأوَّل، يرتبط بمعوقات الفجوة المعرفية، أمّا البعد الثاني، فهو يتمثل بتحديات الطفرة الشبابية، في حين يتلخص البعد الثالث بدور البيئات الحاضنة، وهي المعنية بتوفير سبل التنشئة والرعاية التي تعتمد على أسلوب التدرُّج بتزويد الشباب بالخبرات والكفاءات وفقًا لمنسوب إبداعاتهم وميولهم واتجاهاتهم.
نبقى في مجال الحديث عن المعرفة لنقول: إنَّ شروط نقل المعرفة، تعتمد على جملة معطيات أهمها: مستوى التحدّي الذي يُحس به الناس وقدرتهم أفرادًا وجماعات على التفاعل أو المواجهة بالأسلوب الذي يؤكد وجودهم من أجل المحافظة على هويتهم، وهنا لا بد من التأكيد على أنَّ الشعوب التي تجسد حرصها على مكتسباتها ومضاعفة منجزاتها... تضع ضمن ثوابت سياساتها وفي أدق حساباتها عدم مشروعية احتكار المعرفة أو الانفراد باتخاذ القرارات.
من المفيد القول إنَّه أثناء عملية البحث عن المعرفة، يبرز جانب المكون الاعتقادي قبل التوصُّل إلى التيقُّن، ومن المعلوم أنَّ هذا المفهوم يكتسب أهمية خاصة، والسبب هو أننا عندما نباشر بعملية الاستقصاء لشيء ما، فنحن نطرح بالنتيجة القضية السوسيومعرفية، وفي هذه الأثناء، يتم التساؤل عن القيمة الواقعية أو مستوى المصداقية لهذه الصيغة، بمعنى أدق فإنَّنا نبحث عن معايير الصحة التي تستند عليها، بعيدًا عن اللجوء لمبدأ الشك الذي ينشأ في ظل وجود الاعتقاد، آخذين بعين الاعتبار أنه لا يوجد نسق معرفي مغلق، بل إنَّ كل الأنساق المعرفية مفتوحة نحو عالم المعرفة.
تتجلّى محاولات البحث عن المعرفة، بأهميّة الربط بين التأويل والإدراك، ولا يُمكن أن يكون هناك ربط، إلّا داخل السياق المقصود أو القضية المراد تحليلها سعيًا للتوصل إلى استنتاج، يؤدّي إلى التيقُّن بما نحن بصدد معرفته، والذي يقوم بهذا الدور هو صاحب الفكر الذي يبحث عن معرفة الحقيقة أو حقيقة المعرفة: وبحسب ما خلص إليه خبراء العلوم الاجتماعية، فإنه لا يوجد تفسير غير التصوُّر؛ والتصوُّر بطبيعة الحال، يحتوي على تمثلات تستند في جوهرها على وجود صورة ذهنية بصفة قبلية، أي قبل الشروع بعملية الاتصال، وما ينطبق على التصورات، والتي تتمحور بين الزمان والمكان والشخوص، يصدق على الأحكام التي تُصاغ في القضايا لتتشكل في المحصلة المعرفة المراد تحقيقها، والمستندة على دقة التشخيص وما نحصل عليه من أدوات المعرفة.
• منهجيّة العمل وتقييم الأداء
يندرج عنوان (القيمة الاستراتيجية للأمن الاجتماعي) ضمن أهم العناوين التي تحظى باهتمام خبراء السياسة والاقتصاد وأهل الفكر، وكل ذلك من أجل حشد الجهود والطاقات نحو مواكبة التطورات المعرفية والتكنولوجية، سعيًا لتوفير أدوات التنمية المستدامة بمفهومها الشامل، وفي هذا السياق نوثِّق ما سمعناه ذات يوم من المفكر المغربي عبدالله العروي حيث قال: "نحن بحاجة إلى استعادة روح روّاد النهضة الذين سبقونا... بما عُرفوا به من جرأة وصدق وتفاؤل)، وهذا هو الأسلوب الأمثل لتوظيف دور الثقافة ضمن مسيرة الإصلاح الإداري والتنمية المستدامة.
في محاولة الرَّبط بين أدوات الإصلاح المنشود بمعناه الشامل، وتشخيص التحديات الملموسة والمتوقعة في المئوية المقبلة، نذكِّر بأنَّ مهمّة الحكماء وأهل السياسة والفكر، تبدأ عند التخطيط لأيّ مشروع بسلسلة خطوات أهمها: طرح الفكرة للنقاش على مختلف المستويات، وهذا ما يُمهِّد لاتِّخاذ القرارات الرشيدة، ذلك لأنَّ مرور المشروع المَنوي تنفيذه بهذه المراحل، يؤدّي لمعرفة الأهداف والغايات، وكثيرًا ما تُمرَّر الخطة لوسائل الإعلام أو مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية لمعرفة ردود الفعل الحقيقية لدى الرأي العام حولها، وعند هذا الحدّ تتَّضح الصورة وتتلاشى أسباب الغموض. وفي المحصلة، فإنَّ تحليل البعد المعرفي في الآراء التي يتم تداولها، يؤدّي لوجود قاعدة بيانات معتمدة تنير الطريق وتجسِّد كل معايير تبادل الثقة، لتتواصل مسيرة العمل ضمن متطلبات الشفافية والعدالة المنشودة.
تبدو مهمّة أهل الفكر شائكة على ضوء علاقات التفكك بين الثقافة والفكر من جهة، والواقع الاجتماعي الذي فرضته تحديات العولمة والانفتاح الاقتصادي بين الدول الغنية وشركاتها العملاقة مع الدول محدودة الموارد من جهة أخرى؛ ذلك لأنَّ التقلُّبات الاقتصادية وما رافقها من تحوُّلات اجتماعية، تسبَّبت بوجود معادلة غير متوازنة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وتلك هي أبرز التحديات المستقبلية والتي تحتاج للمزيد من بذل الجهود الإصلاحية حتى يستقيم الحال، ويتم رسم آفاق المستقبل بأسلوب يوفر دوافع الأمل الذي يُعزز متطلبات العمل المنتج، وكل ذلك من أجل توفير شروط الرضى الوظيفي والدافعية التي تعزز روح الانتماء بإطاره الشامل.
• حكمة القيادة وإرادة العمل
أفرزت جائحة "كورونا" العديد من التحديات التي تستدعي بالضرورة حشد الجهود نحو التصويب وتفعيل نظرية (العمل في أجواء الأزمات)، ومن الواضح أنَّ خطط القيادة الأردنية تستند على رؤية موضوعية للاستمرار في الجهد الإصلاحي وتطوير نظم الحياة السياسية وتحفيز الاستثمار وزيادة فرص العمل والسعي ما أمكن للعمل بفرضية تجاوز رواسب الماضي؛ وبالمنطق العمليّ، فإنَّ تركيز قائد الوطن على أهميّة تفرُّغ كل مؤسسة لجوهر مهامها التي وُجدت من أجلها، يُشكل الحل الأمثل للحد من حالة التداخل بين دوائر صنع القرار، خاصة بعد أنْ ثبُتَ أنَّ هذا الأسلوب، كثيرًا ما يؤدي لتراجع الأداء وعدم التمكن من تحديد جوانب المسؤولية الأدبية منها والقانونية.
نتج عن سلسلة الإجراءات والقرارات التي نُفِّذت منذ مطلع العام 2020 -وهي الفترة التي ستسمى عام "كورونا"- جملة معطيات، تبدو في شكلها العام (سلبيّة)، ممّا يستدعي خلق ثقافة اجتماعية جديدة، تواجه التحديات المستقبلية، وتحاصر حالة التشاؤم التي تتطلب التحلّي بالإرادة الصلبة في مسيرة عمل الدولة الأردنية خلال مئويتها الثانية، وهنا نعيد طرح السؤال حول: كيفية متابعة الجهود التي تعالج أبرز الثغرات التي أحدثتها جائحة "كورونا"، وإلى أيّ مدى يُمكن صون حسّ التناغم الاجتماعي وما يترتّب على ذلك من استعادة الثقة التي تأثرت نتيجة التقلبات الاقتصادية وما أحدثته من تباينات بين شرائح المجتمع المختلفة؟
نطمئنّ من حيث المبدأ إلى الخطاب الثقافي وتوجُّهات وزارة الثقافة الأردنية في هذا الميدان، حيث نلمس في تتبُّعنا لجهد الوزارة بأنَّ برامجها مصمَّمة لتعبئة أوقات الفراغ عند الشباب والسَّعي لتغليب الأمل على مبدأ اليأس، حيث نلمس الاهتمام بأصحاب الكفاءات الواعدة من المبدعين والموهوبين الشباب على امتداد مساحات الوطن، وهذا ما تستدعيه متطلبات المرحلة وضرورة دعم المبادرات الخلاقة والتغلب على المنغصات ومعوقات مسيرة العمل المنتج.
خلال عقود المئوية الأولى، عُرف عن الكفاءات الأردنية بأنها تتميّز بدقة الإنجاز، ولديها حرفية عالية في عمليتي التحديث والتطور، وعندما نطلُّ من شرفة الثقافة على منهجيّة عمل المؤسسات الخدميّة، نلمح في أكثر من مكان بعض المشاهد التي نأمل أن يُعاد النظر بتصويبها من قبل المعنيين باستقامة الأمور في هذه الدوائر، وأهمّها الإبقاء على حالة الانسجام والودّ الذي نتطلع من خلاله إلى استعادة (تبادل الثقة) التي نعتبر أنها من شيم المجتمع الأردني؛ حيث التنافس الإيجابي بتأدية المهام بروح المبادرة وتجسيد حس النخوة بمفهومها الذي يرتبط بالعراقة والأصالة.
حتى تستمرّ مسيرة الإنجاز، وتسود أجواء الثقة، وتتكاتف الجهود لعدم تعطيل عجلة الإنتاج على مختلف المستويات، فمن الحكمة التوافق على المعايير التي يتم اعتمادها في مسيرة العمل المنتج، وهي:
- سبل المعيشة والكيفية التي توزع فيها مصادر الدخل القومي.
- الخدمات الصحية وأهمية تقديمها بأنجح مستويات الرعاية.
- الاحتياطات البيئية.
- مستوى التعليم بجميع مراحله.
- خطط التنمية الاقتصادية، وكيف تُنفَّذ الأسس والنظم التي تهدف لتحقيق الرقيّ الاجتماعي والاستقرار الاقتصادي.
ثمَّة تحديات نتجت عن تجربة التعاطي مع جائحة "كورونا"، وهي تحتاج لوقفة تأمُّل وتحليل موضوعي، بحيث يُمكن تبنّي رؤية واضحة تستشرف المستقبل، وحبذا لو تم التوسُّع بإجراء حوارات ثقافية واجتماعية بشأنها، تجنُّبًا للتأثُّر بمخرجاتها السلبية في قادمات الأيام، ولنا أن نوضِّح هذه التحديات على النحو التالي:
أولًا: واجهت المسيرة العلمية في المدارس على مختلف مراحلها، والجامعات الحكومية والخاصة، العديد من المنغصات التي جاءت بسبب الإغلاقات واللجوء للتعليم عن بُعد، وبمقاربات موضوعيّة بين ما تصرِّح به وزارتي التربية، والتعليم العالي، وما يُعلن عن نجاح الفكرة من حيث الشكل والمضمون على المستوى الرسمي، إلّا أنَّ المخرجات على أرض الواقع تؤكد مشاركة الأهل في الإجابة عن أسئلة الامتحانات التي تندرج نتائجها ضمن أدوات قياس المعرفة ومستوى التحصيل العلمي.
ثانيًا: قبل أعوام طُرحت فكرة لوضع خطة تكفل المحافظة على نظافة ونقاء البيئة، إذ تبرز الحاجة لأهمية تجنُّب التعدّي على البيئة وحفظ التوازن فيها، ومن المعروف أنَّ العديد من الشركات العملاقة العابرة للقارات والتي ترتبط بدول صناعية متنفذة، بدأت تنشئ مصانع خاصة بها في أراضي الدول التي تنعم بمناخ نظيف، والغاية المنشودة بالدرجة الأولى بالنسبة لأصحاب هذه الشركات هي الحدّ من عوامل التلوث البيئي في دولهم، ولا يعنيهم بالطبع حجم المؤثرات السلبية التي تحدثها مصانعهم على بيئة الدول المستضيفة.
ثالثًا: تشكِّل حركة التوسُّع العمراني في معظم الأماكن، أحد المظاهر التي تتسبَّب بزيادة عوامل التلوث البيئي، فهنالك عشوائية بإقامة المباني العاموديّة والتي تقترب من بعضها بعضًا ودون احتياطات تضمن الحد المطلوب من التهوية، ولنا أن نتوقّع حجم الأزمة على ضوء الاختناقات المرورية، ووضع الشوارع التي تضيق في معظم الأوقات بالمارة وتزدحم فيها حركة المركبات بكل ما تتركه من ضوضاء وعوادم.
رابعًا: تبرز بين الحين والآخر نشاطات على مستوى الدول والجماعات بمحاولات للتنبؤ الحذر حول (الأمن الغذائي والحفاظ على الصحة العامة) وفي هذا الاتجاه يتم اعتماد استراتيجيات تطمح لمعالجة قضايا المياه وسبل النهوض في خدمات التعليم، وإلى أيّ مدى يُمكن التوافق بشأن مواجهة الأزمات الاقتصادية، وما سينتج عنها من محاذير على المستوى الاجتماعي، وبحسب توقعات خبراء الاقتصاد، فإنَّ متابعة مهمّة التنقيب عن مكنونات الأرض في كل دولة والارتقاء بعمليات البحث العلمي يندرجان ضمن أهم الأولويّات، وهذا ما تستدعيه متطلبات العمل خلال المئويّة الثانية للدولة الأردنيّة.