أستــــــــأذنُ الرحيـــــل


"إلى ولدي عدي"
عمر أبو الهيجاء
شاعر أردني

كانَ عليَّ
أن أشقَّ غُبارَ الرؤيةِ
لأرى قلبي
أيُّها الفَجَرُ الذي أدمَنتُه
مُبتَهلًا طويلًا
لم أهتدِّ من فَرطِ العِشقِ
لِحُلمٍ واحدٍ مُبللٍ بريقِ الرؤيا
أيقظني خِطابُ أحوال النفس
كُنتُ مثل قِطٍ
أنتَظرُ رقصةً في البالِ
رقصة أمٍ هَدّها مُلح الانتظار
رقصة طوتها ألسنةُ الغُبار
رَاحتْ من لَهفتِها تُطيّر حَشيشة القلب
تتكئُ على جذعِ أملٍ تَيّبسَ في الجِوارِ
لم يَمسَسها غير نور عالقٍ في الثِيابْ
يا وَلدي/
الذي لَسعتُه جِمارُ التَشظي والغياب
وكِلابُ المدنِ في جُيوبه تَنبحُ
لا ماءَ في جعبةِ القَلبِ
وثوبُ اللُقيا في الرؤى مُمزقُ
كلُّ الطُيورِ عَادت لأعشاشِها
وطيري غَريبُ
يا وَلدي/
الذي مُنذُ ماءِ التَشَكّلِ كُنتهُ
وعلى ظَاهرِ اليدِ
أتَحَسّسُ وردَ القُبَلِ النيءِ
كُنتُ شَغُوفًا
أُناجي الروحَ في عُزلتِها
وأُناجي حُجرةَ المَنزِلِ
وأشرقُ في الكلامْ
أنا لَحمُ المَنافي
تأكُلني على مَهلٍ حِكمةُ الطَريقِ
ويَبلغَني الغُبار
لَم أنَمْ مَحفُوفًا بالعِناق
ريحٌ تُثَرثِرُ دَاخِلي
ولم أنَمْ
هَكذا أخَرُجُ منّي إليَّ
تُلاحِقُني في أقَصى الروح ظِلالُكَ
وتَغيبُ..
يا وَلدي/
يا ابن هَدهَدةِ البِيوتِ والسماءْ
ليّلُكَ قَاحِلٌ
مثل أبيك..
أبوكَ الذي مَشطَ بأصابِعهِ جَدائلَ القَصائِدِ
وبَاتَ مُثقلًا بالمعنى
أيُّ المرايا سَرقَتُهُ في غَابةِ الوقتِ؟
وأيُّ الخَطايا في نَصِّ الحُريةِ
أسَلمته مُنفَردًا لِحُلمٍ ضَريرٍ
شاعرٌ تَخَندَقَ في اللُغَةِ
يَصطادُ في صورِ الحَنينِ
معنى الأملْ.
يا وَلدي/
ها أنا أذوبُ في مِحبَرة الأيامِ
يَداي مُعَلّقَتَانِ بِجَمرِ الوَصلِ
وحِيدًا تَتَملكُني مَجازات العَطشِ
أنا الكَنعانيُّ
حَارس التراب ورائحةِ الذكرى
هُنا في المُدنِ الخَرساء
أتمِم في الفَجرِ القُبَلَ على ظهر اليَدِ
لا تُسقِط من عَلٍ مَفاتِيح البَيتِ
قَلبُك نَجمٌ
وقلبي ليلٌ كَسيح
في البدء لا يخطئُ قَلبٌ بَوصلتَهُ
يا وَلدي/
حَرقَتنِي الحُروف في مَوقدها
أحتاجُ للمرايا
كي أُطل عَليكَ
لا عَليكَ منيّ
لأني أراني فِيكَ
يا وَلدي الذي كُنته
... يا ولدي
أستأذنُ الرحِيلْ
يا وَلدي
أ
س
تَ
أ
ذِ
نُ
ا ل رَ حِ ي لْ.