السفرُ الأخيرُ

 

تيسير نظمي
كاتب أردني

على طاولةٍ عند الزرقةِ الفاصلة
بين آسيا وأوروبا؛ سوف أعدُّ سنينَ عمري
شجري الذي مات في الوطن
منازلي التي رحلتُ منها
عصافيري التي رمتها بندقيةُ الصياد
وعناويني التي لا تذكرها البلادُ
والخطوةَ القاتلة.

على كرسي بجانب البوسفور
سوف أجلسُ وحيدًا
أعزل من الوطن ومني
أستذكرُ (الحياة جميلة يا صاحبي)*
و (مجنون فوق السطح)**
وأقلّب صفحاتِ كتابي الأخير
أرى إلزا*** وأرى البحرَ
أرى السمكَ الصغيرَ
أرى الطفلةَ الضائعة
وأرى البحرَ الأسودَ صافيًا من الأيدولوجيا
أرى ما أرى
وأغمضُ العينَ على النسمة الشاردة.

وحدي أحاسبُ نفسي على ما اقترفته يداي
من سنين الطبشور في العمر المنثور
ولا يعاقبني سواي.
وحدي أحاسبُ نفسي على ما كتبته يداي
ولا يقرأني سواي
أُودِّع الصحارى
في شراعٍ يطلُّ من البعيد
أبيض اللون بلون الغيم في سماء زرقاء
ويقتربُ
يقتربُ
كما النهايات المفتوحة على سنوات العمر الباقية.

يقتربُ الشراعُ البعيدُ مني ويقترب
ولا يطمح مجدّدًا بالطيران
يقترب كما أنا وحدي من تراب الأرض
ليحيا في الوردة القادمة
السنة القادمة
والسفر الأخير.

هوامش
*رواية لناظم حكمت
**مجموعة قصصيّة لعزيز نيسين
*** إلزا تريوليه حبيبة الشاعر لويس أراغون، واسم الابنة الكبرى للكاتب.