سونيا النجار
أكاديمية أردنية وباحثة معمارية
في مدنِ الأردنّ عامة وعمّان خاصةً، كانت البدايات في بروز الفراغ العام ناتجة عن الموروث الموجود من ساحاتٍ أو مساجد أو طرق قديمة تكوَّنت حولها الفراغات العامة، ورافقتها في معظم الأحيان الضرورات الطبوغرافية، فبات الأمر محسومًا حين كانت المدن صغيرة وعدد سكانها قليلًا، ولكن ما إن بدأت الهجرات إليها وزاد عدد السكان فيها حتى ارتبكت المدن وارتبك تخطيطها، وأصبحت العشوائيّات والمناطق غير المخدومة والاختناقات المرورية والسُّكانية فيها من أهم مشكلاتها. فلم يُعطَ الفضاءُ العام بمفهومه الكلاسيكي أهميّة، بل أصبح ترفًا يغضُّ عنه المخططون الطّرف، ويحاوره سكان المدن بغير اللغة التي استُحدث من أجلها، لا يفهمونه، لا يفهمهم، ولا يلبّي حاجاتهم المدنيّة الجديدة.
سأل جبرانُ يومًا: "هل فرشتَ العشبَ ليلًا وتلحّفتَ الفضا؟"، سؤالٌ يمثلُ اتِّساعًا وبُعدًا ثالثًا ورابعًا في كينونة الوجود الإنساني. وهل يغيب الفضاء عنّا أصلًا في أيّ حالٍ من أحوالنا الوجودية؟ إنه المتصل فينا وفي اللّانهاية، والذي يدور فينا وندور في فلكه، والذي يوجد فينا ونوجد فيه، ندركه ولا ندركه، نقيسه ولا نستطيع قياسه، فهل بإمكاننا تفسيره؟
حين احتضنَتْ المستقرّات البشريّة الأولى الناس قبل أكثر من سبعة آلاف عامٍ، وثبتت جذور بيوتهم في الأرض، وقاربت بينهم للحماية والتكاتفِ والزراعة، بعد أن هاموا دهورًا في القياف بحثًا عن الكلأ والماء، تشكَّلت نويّات المدن الأولى. وفي تطوُّرٍ لاحقٍ التفَّت الأسوار حول المدن وظهرت حدودها، مكتنفة ساكنيها. وقد كان هذا الحالُ الدّارجُ في المدنِ القديمة، حتى أنَّ كلمتي "جدار" و"مدينة" في اللغة الصينية تترادفان في المعنى، وكذلك كلمة "بلدة" (Town) الإنجليزية فإنَّ أصلها التوتوني (teun) يعني كذلك جدارًا محيطًا أو منغلقًا. وفي الفراغ السالب من هذا التجمُّع، في هذا المكان المتَّصل مع السّماء، تكوَّنَ فضاء المدينة أو فراغها العام (Public Space) على شكلِ شوارع وساحاتٍ وميادين وحدائق. إنه الجزء العام في نظر المطوِّرين والمخطِّطين ومَن يدرسُ العمران، لكنه أعقد بكثير عند الفلاسفة، ويثير جدلًا ما زال قائمًا بين مَن يعتبر الفراغ هندسيًّا أو إقليديًّا يمكن حساب طوله وعرضه واتِّساعه، وبين مَن يعتبره "مقولة" كما وضعه أرسطو ضمن الكاتيغوريا أو التصنيفات الدلالية لدى الإنسان.
أمّا "جوتفريد سيمبر" المؤرِّخ والمعماري الألماني فهو مَن حاول تفسير تأطير الفضاء لخلق العمارة من خلال وضع أطرٍ حول الفضاء وخلق وظائف مختلفةٍ هدفها الأساسي التجمُّع والاجتماع الإنساني. وهو ذاتهُ ما ذكره ابن خلدون في مقدِّمته حيث قال: إنَّ "الأولى في أنّ الاجتماع الإنساني ضروري". ويُعبِّر الحكماء عن هذا بقولهم: "الإنسان مدنيٌّ بالطبع أي أنه لا بدّ له من الاجتماع الذي هو المدينةُ في اصطلاحهم وهو معنى العُمران".
وقد تحدَّث "غاستون باشلار" أيضًا عن الصورة التكوينيّة لتأطير الفراغ في كتابه (جماليّات المكان) حيث وصف خيال الإنسان في تصوُّر المأوى، فالفضاء هو مكانه، والمأوى هو فضاء بحد ذاته متصل مع الفضاء الكوني، لكنَّ الخيال يبني "جدرانًا" من ظِلال دقيقة، مريحًا نفسه بوهم الحماية، أو على العكس فإنه يرتعش خلف جدران سميكة متشكِّكًا بقوة أفضل التحصينات. وطبقًا لجدل لا نهائي فإنَّ ساكن المأوى يُضفي عليه حدودًا، بينما يعيش هو تجربة المأوى بكل واقعيّتها وحقيقتها خلال الأفكار والأحلام.
وفي مثال أكثر توضيحًا لما سبق، وتأكيدًا على أنَّ الإنسان نسج خصوصية المكان من الفضاء الأكبر، نرجع إلى ما أوضحه "يوري لوتمان" الذي قال إنَّ الإنسان يحاول أن يأتي عادةً "بنظامٍ منمذج" كما يفسِّره علماء السيميوطيقا، يساعده على فهم العالم المحيط به وتفسيره من خلال علامات ودلالات يفهم من خلالها كُنه الفضاء وكُنه عيشه ووجوده ويقوّي تفسير محيطه ذهنيًّا ووجدانيًّا. ومن تلك العلامات التي يضعها الإنسان في محاولة تفسير المحيط؛ عناصر التخطيط الحضري والعمارة والفن برموزهما المختلفة، ولعلَّ أهم عناصر التخطيط الحضري وأجزاء الفراغ العام هو الشّارع. والشّارع هو فضاءُ المدينةِ الوظيفيّ، وهو مسرحُ السُّلطة ومواكبها، وكذلك مسرح الديمقراطية وإرادة الشعوب. وفي الشارعِ قامت الثورات والاحتجاجات ونُفّذت أحكامُ الإعدام والعقوبات وهُلّل لاحتفالاتِ النصر والتتويج. وتأتي في المقام الثاني من أجزاء الفراغ الحضري العام الساحاتُ والميادينُ العامّة، ولعلَّ المثال الأدق والأقدم على الساحات العامة الديمقراطية هو الأغورا اليونانية (Agora)، التي تجلّت أهميتها كمكان للالتقاء والتجمُّع لأبناء المدينة، ومكان سماع التصريحات السياسية أو التجمُّع والحشد للحرب.
ويمكن أن يمثّل الفراغ العام في المدينة مكان الالتقاء الدينيّ، فالتجمُّع للصلاة في صحن المسجد أو الكنيسة، وحتى في باحات المعابد الوثنية هو طقسٌ روحانيّ، يجسِّد اللقاء بين العبد وربّه. حتى أنّ علوّ البنيان قديمًا كما هو في الأهرامات وغيرها، كان محاولةً للتواصل مع السّماء والعوالم والفضاءات الأكبر، وإعطاء قدسيّةٍ لعلاقة البناء مع الفضاء. كما كان هو الحال كذلك في الكاتدرائيات القوطيّة التي حاولت السموّ بفضاءاتها الداخلية قدر المستطاع وكذلك بعناصرها المعمارية الخارجية، من أجل الاتصال مع الفضاء الأكبر والأعلى وحجز مساحات من مدى فضاء الرؤية للبشر داخل المدينة، بهدف تثبيت السلطة الدينية والهيبة المعمارية. وهذا تمامًا ما فعلته ناطحاتُ السحاب الحديثة التي تطاولت نحو السّماء، في سجالٍ مع الفضاء العام وحق الوجود والظهور الأكبر في حيز المدن وسمائها.
وإذا حاولنا أن نقرأ صفحة المدينة، وجدنا أنَّ الناس تنجذب إلى الفضاءات العامة فيها حيث تزولُ الحواجزُ والعوائق، ويشعر الإنسان بكامل حريّته. وفي هذه الأماكن تتمثل الحالةُ الإنسانية الحرة الحقيقية بأفضلِ تمثيلٍ لها كما ذكر ذلك مؤلف العصور الوسطى الفرنسي "بيير بيرسوير". ولهذه الفضاءات العامة في المدن ميثاقها الخاص، الذي ينصُّ في بنده الأوَّل على حرية التصرُّف أو حرية اللاتصرُّف، وفي بنده الثاني على التشارك في طقوس ومهرجانات واحتجاجات سياسية وغيرها من الأنشطة العامة، لذلك فإنّ توقيع هذا الميثاق مع الفراغ العام ما هو إلا عملية تشاركيّة في بناء الذاكرة المجتمعيّة والتاريخيّة. من ذلك كان للفضاء العام في نظريات التخطيط أهمية كبرى لدى المخططين، الذين هم بمثابة المصلحين الاجتماعيين على مدى التاريخ. فأولئك يشخصّون حالة المدينة ويقدِّمون العلاج اللازم، عن طريق تبنّي فلسفة راديكالية أو محافظة أو حداثيّة ساعيةً دومًا إلى طوباويةٍ تجعل حلم المدينة الفضلى ممكنًا. وتصوغ كذلك علاقة المدينة مع الفراغ العام ضمن اشتراكيّاتٍ أو ديمقراطيّاتٍ أو غيرها ممّا تعتنق المدن من سياسةٍ وفلسفة.
وفي مدننا العربية شجونٌ وقصص تُروى عن تخطيط المدن وحال الفراغ العام، فالمجتمع العربي انتقل من البداوة إلى المدنيّة بسرعة، وأخذ نماذج التخطيط في إدارة المدن وتنسيق الفراغ العام والخاص عن المدرسة الغربيّة. والملاحظ أنه في معظم المدن العربية والإسلامية كان وما زال الجزء التاريخي من المدينة جزءًا لا يتجزأ من نسيج المدينة وتكوينها. ومن ضمنه فراغ السوق والمسجد في المدينة الإسلامية أو الكنيسة من الفترات المسيحية، أو حتى شوارع المدينة الرومانية وساحاتها وميادينها، كانت وما تزال جزءًا من التخطيط والتكوين للفراغ الحضري في المدن العربية. وعلى الرغم من الغنى الذي يحققه هذا التكوين؛ إلا أنّ الموروث الحاضر في المدن ونمط الحياة الذي انتقل إلى المدنيّة بخطواتٍ أسرع ممّا يجب، جعل هناك قصورًا في مفهوم الفراغ والفضاء عند الإنسان العربي، بل وأدّى إلى اختناق المدن التي حاولت مواكبة التوسع وزيادة السكّان والاستقرار بشكل عجولٍ وغير مدروس في كثير من الأحيان.
في مدنِ الأردنّ عامة وعمّان خاصةً، كانت البدايات في بروز الفراغ العام ناتجة عن الموروث الموجود من ساحاتٍ أو مساجد أو طرق قديمة تكوَّنت حولها الفراغات العامة، ورافقتها في معظم الأحيان الضرورات الطبوغرافية، فبات الأمر محسومًا حين كانت المدن صغيرة وعدد سكانها قليلًا، ولكن ما إن بدأت الهجرات إليها وزاد عدد السكان فيها، حتى ارتبكت المدن وارتبك تخطيطها، وأصبحت العشوائيات والمناطق غير المخدومة، بل والاختناقات المرورية والسُّكانية فيها، من أهم مشكلاتها. فلم يُعطَ الفضاءُ العام بمفهومه الكلاسيكي أهميّة، بل أصبح ترفًا يغضُّ عنه المخططون الطّرف، ويحاوره سكان المدن بغير اللغة التي استحدث من أجلها، لا يفهمونه، لا يفهمهم، ولا يلبّي حاجاتهم المدنيّة الجديدة.
وبينما رافقَ التخطيطَ في الغرب نظرياتٌ ومفكرون وعلماء دأبوا وقدّموا وجرّبوا وانتخبوا، كان التخطيط الحضري في منطقتنا متكئًا على عكازين، يبحث عن التمويل من هنا أو سدّ الاحتياجات سريعًا من هناك، وخاصة في الدول العربية محدودة الموارد. وهذا طبعًا جعل الناتج لا يفكّر بالاستدامة أو المنعة بمفهومهما الحقيقيّ، ولا يُولي المشاة أو الأطفال أو المعاقين اهتمامًا، ولا يحقق الحدود الدنيا من متطلبات العيش والتنمية الحديثة في المدن. لذلك نشهد دومًا النوستالجيا والحنين إلى الفراغ القديم في المدن، لأنَّ ذاك الفراغ لبّى احتياجات سكان المدن في حين من الدهر ولم يستطع أن يلبيها حين كبرت المدن واتَّسعت.
وإذا عدنا بمدينة عمّان كمثالٍ إلى الوراء نحو مئة عامٍ خلت، وتتبَّعنا خطوات ناسها في فراغاتها العامة، لدُهشنا لإعادة إحياء المدينة نفسها مرارًا وتكرارًا خلال العصور حول الأماكن ذاتها والإمكانيات التخطيطية ذاتها فيما يتعلق بالفراغ العام وتجمُّع الناس وطقوسهم المختلفة. فشارع "الهاشمي" الذي يقطع المدينة القديمة من الشرق إلى الغرب يتبع بخجل آثار شارع "الدوكومانس" الروماني القديم، وكذلك "شارع فيصل" الذي يقطع "وسط البلد" يتبع آثار شارع روماني قديم آخر يتعامد مع "الدوكومانس". والساحة العامة أو "الفورم الروماني" كانت تقع إلى الغرب من المدرج الروماني وسط عمّان، موقعٌ بقي يشكِّل مسرحًا للأحداث الاجتماعية والسياسية والثقافية في عمّان حتى يومنا هذا. وحتى بعد قيام الإمارة وبعدها المملكة، بقي "شارع فيصل" شارعًا مواكبيًّا احتفاليًّا له رمزيّته السياسية والثقافية والاقتصادية. لقد كان هذا التجمُّع والتلاقي المتقارب الذي تشرف عليه المدينة وكذلك قصورها الأولى، استجابةً لما كانت عليه المدينة قبلًا وتمسكًا بعناصر نجاحاتها التخطيطية التاريخية. كانت هذه الفراغات العامة الأولى حاضرة في خدمة المشهد الثقافي، وبدأ دورها يتلاشى كلما بدأت المدينة بالتوسُّع والنّأي. حتى أصبح مركز المدينة مشتتًا وفضاؤها العام الرئيس مفرِّقًا بين الأحياء والجبال. وقد يتساءل بعضهم فيما إذا أثّر ذلك على انسجام الفضاء المديني مع الفضاء الكوني الأكبر؟ الإجابة هي نعم، فحينما تبتعد الحركة داخل المدينة عن الانسيابية والمرونة، يقل التواصل، والحضور المدنيّ، وبالتالي تفقد الهُوية الحضرية أهم أركانها.
ومع أنَّ الشوارع والجسور التي تُسهّل حركة المركباتِ كثيرة ومتنوعة في عمّان، إلّا أنَّ حركة الناس الانسيابية، وإدراكهم لكُنهِ فضائها تشوبهُ العرقلةُ الحضريةُ والتخطيطية. فلا يتخيّل السّاكن في المدينة انسيابية واضحة للفضاء العام، أو تركيزًا له في مناطق حيوية ديمقراطية ثقافية كما ينبغي. لذلك يبقى المشهد الثقافي محصورًا في بؤرٍ متفرقة أو قاعاتٍ مغلقة لا تطلُّ على الناس ولا يطلّون عليها في زوايا ذاكرتهم. وممّا يدعو إلى المقارنة بين صورة عمّان في الأمس واليوم هو تحوّلُ عمان إلى مدينةٍ غير صديقة للمشاة، وتأثير ذلك على التواصل الاجتماعي واغتراب الناس عن بعضهم بعضًا، وما لذلك من تأثير سلبي على الاندماج وتطوير الهويّة المدنيّة الحضريّة. وكذلك غيابُ المساحات الخضراء ضمن النسيج الحضري المكتظ، فلا رئة تتنفس منها المدينة، ولا مساحات يركض فيها الأطفال ويلعبون كثقافةٍ وطقس عمّاني تربوي وترفيهي واضح.
إنَّ المدنيّة والحضارة كما أسلفت مرتبطةٌ بالنهضة العمرانية، وخلق الفضاء العام الصحي السليم داخل المدن، وتنسيق علاقة الفضاء الخاص مع العام وما ينتج عن ذلك من تفاعل، فالمدن فعليًّا هي مهرجانٌ ولقاءٌ تمت الدعوة إليه بهدفٍ معلن وهو أن يحيا الناس ترف العيش ورغده. وقد تساءل الفيلسوف الإيطالي "جيوفاني بوتيرو" في القرن السّادس عشر عن ماهيّة المدينة، وعن سرّ عظمتها، خاصة أنه في وقت طرحِه هذا التساؤل في عصورالنهضة كان الاهتمام المفرط بشكل المدينة سائدًا، وكانت دراستها ودراسة تخطيطها متعلقة أكثر بالفنون، وخاصة في تشكيل فراغاتها العامة وساحاتها وتنسيق فضاءاتها. عارض "جيوفاني" هذا الفكر السائد، وكان رأيه أنّ عظمة المدينة وكينونتها تتجسّد في ازدهار عمليات النشاط الإنساني فيها سواء السّياسي أو العسكري أو التّرفيهي أو الاقتصادي. وهذا يفضي إلى وصف ما يقدمه الفراغ العام من وظيفة رمزية وما يخزنه من معنى وقيمة تاريخية تربط الإنسان بالمكان والزمان.
وبين حُلم المخططين وجدلِ الفلاسفة، يبقى الفضاء والفراغ العام حالةً إنسانية لا تبتعد عن وجدان الأمم، فها هو "المقريزي" الذي جاب الآفاق يصف القاهرة في كتابه "الخطط" بحنينٍ ويقول إنّها هي "مسقط رأسه، وملعب أترابه، ومجمع ناسه، وموطن خاصته وعامته"، وإنها "جوّي الذي ربّى جناحيّ في وكره وعُشّ مأربي فلا تهوى الأنفس غير ذكره". والجوّ هو وصف الفراغ والفضاء والمكان الذي يؤهّل للحدث والشيء والإنسان، وهو الفراغ أو الفضاء الذي اكتنفَ نموّ جناحيه وتحليقه، في رمزيّةٍ بديعةٍ لعلاقة الفضاء المدني بالفضاء الكوني الأكبر، الذي لم نستطع للآن تفسيره حتى بأدوات القياس الحديثة. ولكن عيشنا في المدن، وعلاقتنا مع شعابها وفراغاتها هو الذي يمنحنا الترابط والانتماء فنتكوّن منها وبها، ونجري داخلها وتجري داخلنا، تمامًا كما يجري الماء وينفذ بين الفراغات والشقوق، أو كما يؤسس وينحت مجاريَ وأنهارًا، ويصل فراغًا فيتجمَّع ويصير بحيرة، أو ينحدر فيصبح شلّالًا، هكذا يتحرَّك الإنسان ويسري في الفضاء في ديناميكيّةٍ حياتيّةٍ مستمرّة تفسِّر معنى الوجودِ وسرّه.