نصرالدين شردال
كاتب وباحث مغربي
تشهد القصيدة العربيّة المعاصرة بالمغرب، في شكلها العمودي الخليليّ والتّفعيليّ طفرةً نوعيّةً مع جيل جديد من الشّباب الذين أعادوا للقصيدة العموديّة ماءها وألقها الشّعري الوضّاء؛ شعراء يجيدون العزف على أكثر من ناي، والكتابة على أكثر من نمط (قصيدة التّفعيلة والعموديّة) والمزج بينهما، والسّباحة في أكثر من بحر. وعلى الرّغم ممّا حققوه من مجدٍ شعريٍّ إلاّ أنّ النّقد المغربيِّ المعاصرِ ما يزالُ ينظرُ إليهم بعينِ الرّيبةِ والشّكِ والإقصاء!
"كُلُّ شِعْرِيَّةٍ جَدِيدَةٍ هِيَ نَظَرِيَّةٌ جَدِيدَةٌ لِلْشِّعْرِ، ونَقْدِهِ أَيْضًا"
)شريف رزق(
أَصْبَحَ الشِّعْرُ العربيّ الحَدِيثُ وَالمُعَاصِرُ في المغرب غابةً متداخلةَ الأغصانِ، متعددة الألوان، تتموج فيها التّيارات والمدارس والحساسيات التّعبيرية المختلفة.. فشبّت عنِ الطّوقِ، وأضحتْ قطوفها دانية.. لكنّها -في المقابل- وجدت مدرسةً نقديّةً لا تكادُ تستوفيها حقها من الرّعايةِ والتّشذيبِ، وإنْ فعلتْ، فإنّهَا تركزُ على خصائص تجديدهِ وانفتاحهِ على الأجناسِ والأنساقِ والفنونِ الأخرى.
لقد قطعت القصيدة العربية الحديثة بالمغرب أشواطًا ومراحلَ ظهرت فيها أسماء شعرية بارزة، ومنذ أواخر سبعينات القرن الماضي تَسَيَّدَتْ "قصيدة النّثر" واستفردت بالخطابِ النّقديِّ الموازي وخفتتْ أضواءُ القصيدةِ العموديةِ والتّفعيليةِ شيئًا فشيئًا..
وَمعَ بدايةِ الألفيةِ الثّالثةِ، بدأتْ تتصدّرُ المشهدَ الشّعريَّ كوكبةٌ منَ الشّعراءِ الجددِ، أغلبهم شبابٌ مغربيٌّ من جغرافيات ومجالات متعددة، شعراء متوقدون حماسة وإبداعًا، جاؤوا من الهامشِ الثّقافيِّ، حيثُ تربوا في الصّمت، على الرغم من ذلك لم يقتلوا آباءهم، تصالحوا مع امرئ القيس والنّابغة وزهير بن أبي سلمى وأبي العلاء المعري والمتنبي، لم يتنكَّروا لأحمد شوقي وعمر أبي ريشة وعلال الفاسي ومحمد الحلوي وأحمد مفدي ومحمد علي الرباوي، وإسماعيل زويريق وأمينة المريني، ومع كلّ شعراء ما قبل "قصيدة النّثر" و"قصيدة الهايكو"، بل انفتحوا على شعريات عالمية: "لوركا" و"بيسوا" و"ويتمان" و"بودلير"، و"نيرودا"...
ويؤثثُ مشهد هذه الجماعة الفتيّة والصّلبة؛ "جماعة العمود الجديد" كوكبة مضيئة من الشّعراء الشّباب، منهم: محمد عريج، ياسين حزكر، أحمو الحسن الأحمدي، عمر الراجي، نوفل السّعيدي، خلود بناصر، أحمد الحريشي، صباح الدبي، حكم حمدان، كمال أبوظريف، زين العابدين الكنتاوي، عزيزة لعميري، أبوفراس بروك، زكرياء الزاير...
شعراء يجيدون العزف على أكثر من ناي، والكتابة على أكثر من نمط (القصيدة التّفعيلية والعمودية) والمزج بينهما، والسّباحة في أكثر من بحر، لكن هناك مَن يتساءل: أين ملامح التّجديد، والشّعرية في شعرهم؟
إنّ الجواب عن هذا السّؤالِ ستكشفهُ الأيام القادمة، وتكشفه قصائدهم الّتي تنضحُ برؤيةٍ تجديديةٍ في المضمونِ والرُّؤية، وإن كانت أصولية (القصائد) معيارية في الشّكلِ، إلاّ أنّها حداثية في الرّؤية، وذلك هو الأهم، ذلك هو مربط الشّعر!
هؤلاء الشّعراء المبتعدون عن طريق قصيدة النّثر، والوصاية الأدبية وطوابير الأيديولوجية والأحزاب وآباء الشّعر الجدد، لم يقفوا طويلًا في الطّوابير لانتظار تأشيرة الاعتراف الشّعري المحلي، ولم يأتوا من المركز الوطني، ولم تفرزهم مكاييل ومعايير التّصفية الأدبية القديمة بالمغرب (مجلات، صحف، أمسيات، مسابقات، نقد) لقد أفرزتهم تصفيات أكبر المسابقات الشّعرية العربية بالخليج العربي، ومدَّتهم بالطّاقة وشحنةِ الإبداعِ ليحلّقوا بعيدًا، وسرعان ما أعادوا للقصيدة العمودية ماءها وألقها الشّعري الوضّاء.
لقد ظهروا وفي فمهم ملعقة من ذهب الشّعر، فما تكاد تقرأ للواحد منهم قصيدة في منبر مغربيّ إلكترونيًّا أو ورقيًّا حتّى تسمع عن تأهُّله للدور النّهائي في أكبر مسابقة عربية. ولعلّه من الإنصاف أنْ نؤكد أنّ برنامج أمير الشّعراء هو "المجمع"/ المدرسة الّتي تخرجت منها هذه الكوكبة، إذ قوّمتهم بالتّوجيه النّقدي الحصيف (د.صلاح فضل، د.علي بن تميم، د.عبدالمالك مرتاض) ومدّتهم بنسغ الشّهرة والإبداع.
كان لفوز بعضهم بجوائز شعرية مرموقة تتويجٌ لمسيرة هذه الجماعة واعترافٌ بجهودها المحمودة في تقريب الشّعر من الجمهور، ممّا جعل الأنظار تتَّجه إليها وسط زوبعة من الأمواج المتلاطمة بين القبول والرّفض.
وقد أعادوا الشّعر إلى جمهورهِ في الملتقيات والنّدوات والأمسيات الشّعرية المغربية والعربية، تسعفهم في ذلك قصائدهم العمودية والتّفعيلية المرصعة بالتّشكيل الإيقاعي، مع قدرتهم على الإنشاد والتّلوين الصّوتي وإقناعهم فئة عريضة من المتتبعين، وعلى الرغم ممّا حققوه من مجدٍ شعريٍّ إلاّ أنّ النّقد المغربيِّ المعاصرِ ما يزالُ ينظرُ إليهم بعينِ الرّيبةِ والشّكِ والإقصاء!
في طليعة هؤلاء الشّعراء نجد الشّاعر ياسين حزكر الّذي مع تقدمه في النّشر والكتابة تحسّنت تجربته، حتّى إنّكَ تُحِسُّ هذا التّطور من قصيدة إلى أخرى في ترتيبها بديوانه "أغاني السّيرنا"، وفي إبداعه مواءمة بين الحسّ الشّعريِّ والوعيِّ النّظريِّ، فهو يكتبُ ويعي ما يكتبُ، يكتبُ بوجعٍ وبحسٍّ استشرافيّ:
"فَياَ وَجَعَ القَصِيدَةِ
دُونَ صَدْرِي سِياطُكِ وَاكْتُبِي
فَقَدْ انْتشيتُ
رُؤى وَغِوَايَة
وخطوط كفي تقاومُ رغْبتِي..
إِنِّي غويتُ..."(1).
لا يتعاملُ الشّاعرُ ياسين معَ القصيدةِ إلا كتعبيرٍ صادقٍ موجعٍ يجلدُ الذّات في سبيل التّعبير عن المواضيع الأكثر حساسية، والقبض على جمرة الشّعر الملتهبة؛ فهي سيف ذو حدّين: نشوة ووجع، غواية ومقاومة، ونشوة للمبدع والمتلقي.
وفي كلّ قصيدة حضور للأنا الجريحة وهي تنوء تحت ثقل الواقع البئيس والغربة الوجودية، لكنّها تواصل شغبها ونضالها ضد الطّغيان والظّلم، وطمس القيم الإنسانية النّبيلة، وتتوحد مع الأنا "المحلية" والأنا القومية العربية وتطمح إلى معانقة الذّات الإنسانية جمعاء.
ومن بين الدّرر النّاصعة في عمله الشّعري قصيدة "زهرة من دم النّارنج" حيث يصل فيها الفعل الشّعري مداه، وتقول القصيدة ما تعجز عن قولهِ الكتابةُ المباشرةُ، تَطَوَّعُ القوافي والصّور والحركات وإيقاع الذّات وتعجنُ اللّغةُ وتتشكلُ من أجلِ بناءِ صرحٍ شعريٍّ منيرٍ:
(...) وأُمُّكَ أُمِّي..
مَعْبَدَانِ تَتَوْأَمَا،
وَمَنْ يَذْكُرِ "الزَّهْرَاءَ" لمْ يَنْسَ "مَرْيَمَا".
تَحَدَّبْتَ عِشْقًا؛
فاسْتَقَمْتُ مَحَبَّةً..
وَعَمَّدْتُ ثَوْبِي؛
فائْتَزَرْتَ لِتُحْرِمَا.
لأَنَّكَ نَبْضُ الماءِ..
نَبْعُ يَقِينِهِ،
فَفِي "بِئْرِ يَعْقُوبٍ" تَنسَّمْتُ "زَمْزَمَا".
وَحُبًّا
تَشَظّى المَاءُ مِنْ تَحْتِ عَرْشِهِ،
لِيَسْقِيَ "قِبْطِيًّا"
وَيَسْقِيَ "مُسْلِمَا"(2).
تتميَّز هذه القصيدة بالوحدة العضوية والبناء المحكم، وتدعو إلى التّعايش والمحبة والتّسامح ونبذ التّعصب وتكسير شوكة الأيديولوجية.. مواضيع شتى، وصورٌ تنهالُ على المتلقي معجونةٌ باللّغةِ الرّقيقةِ المموسقةِ، وبها يكونُ الشّاعر قد حقق المعادلة الأصعب في العملية الشّعرية –راهنًا- وهي دور الشّعر في مواجهة الإرهاب والتّطرف، أليسَ "في أزمنةِ الظّلامِ، تبدأ عين الشّاعر بالرّؤية" بحسب تعبير "ثيودور ريكتيه".
أمّا الشّاعر محمد عريج صاحب "كنت معي" و"تركنا نوافذنا للطيور"، فهو شاعرٌ "يكتبُ متخففًا وحرًا من شرك المعاني القديمةِ، ومنتصرًا للحداثةِ الّتي يؤمن بها" ومؤمنًا بـ"مدى قدرة القصائد الموزونة على خلق عوالم جديدة، وابتكار أدوات شعرية جديدة تلائم متطلبات القارئ الجديد، وتخرجهُ من رتابةِ وغبارِ الورقِ الميّتِ المهملِ":
"على الرّيح أنْ تكنسَ الطّرقات
منَ الورقِ الميّتِ المهملِ
على الماءِ ألّا يرى نفسه
ويكفر بالبئر والجدولِ
على الشّاعر أن يسبّ الطّريقَ
ليهرب من نصّه الأوّلِ"(3).
لقد حوّلَ محمد عريج (أستاذ الرياضيات) الإبداعَ الشّعريّ إلى معادلات رياضية، وطوَّعَ القوافي وِفْقَ متتالية حسابية متطورة ومتجددة هاربة من النّص الأول ومقتحمة التّجربة بمزيد من الإصرار، ذلك الإصرار الّذي تشترك فيه هذه المدرسة الشّعرية برمتها، والّتي يقول عنها –نائبًا- الشّاعر زين العابدين الكنتاوي:
"بصبرِ الرّعاة القدامى نجيءْ
بَخورًا كمثل السّديم الوضيءْ
نلفُّ الدّقائقَ بالأغنياتِ
لنُخْرس صوت الضّجيج البذيءْ
ونرسمُ للقادمين مدى
من الضحكات كظلٍّ يفيء"(4).
غير أنّ للشاعر أحمو الحسن الأحمدي سمةً شعريةً تتمثَّل في تلك القدرة الهائلة على الاتكاء على الموروث الشّعري العربي وإعادة تشكيله بما يليق بالذّائقة العربية المعاصرة، مع تمكُّنه من الإيقاع المهمل وإعادة توظيفه والنّسج على منواله وتطويعه لينفتح به على اليوميّ والهامشيّ ويصعد به إلى الأفق الشّعري المبهر. نصوصه معتّقة، لكنّها معتمةٌ وممتعة في آن، ولعلّ في العودة إلى نصّه "حناء" -تمثيلًا لا حصرًا- ما يضيءُ جوانبَ متعددة من تجربتهِ المعتصمةِ بالشّعرِ دائمًا وأبدًا، ومن نصوصه الأولى نقرأ:
"عِشْرُونَ عَامًا وَأَبْيَاتِي مُعَتَّقَةٌ
أشْدُو عَلَى مَسْمَعِ الدُّنْيَا فَتَرْتَجِفُ
هِيَ القَصِيدَةُ، بِكْرًا دُونَهَا غُرَفٌ
مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ... مِنْ تَحْتِهَا غُرَفُ
لاَ عَاصِمَ اليَوْمَ إِلاَّ الشِّعْرُ منْ حُرَقٍ
فَاركبْ مَعِي زَوْرَقًا بِالنُّورِ يَلْتحِفُ"(5).
ومن بين الشّعراء الّذين عادوا إلى الذّات وتنخلوا أحاسيسَ وجودها وغاصوا في دهاليز صمتها في أسى شفيف، وأصبحت الرّؤية عندهم هاجسًا باطنيًّا مُعذّبًا من أجل استشرافِ المستقبلِ، نجد الشّاعر حكم حمدان:
"أرَاقِبُ النَّجْمَةَ البيضاءَ، تسألُني:
إلى متى؟ فيضيءُ الصّمتُ مُتقِدا
أُحاصِرُ الدَّمْعَ، والرُّؤيا تُحاصرني
فأهرقُ الدّمعَ في رؤيايَ مُرْتَعدا"(6).
وتبقى اللّغة الشّعرية في جزالتها ورقَّتها هي أهمّ ما يميز هذه التّجربة الحيّة، وهناك من يتخذها "مسكنًا للذات"، تسكن ذاته ويسكنها ويقيم فيها ويتخذها وطنًا ويبادلها النّداء والمحبة ويدخل معها في علاقة حبٍّ وألفةٍ، هذا ما نجده عند الشّاعر عمر الرّاجي:
"كانت اللّغةُ الجميلةُ أقربَ
الغرباء لِي
سميتها: وطني
ونادَتْني: حبيبي... يا حبيبي..."(7).
أمّا الشّاعر أحمد الحريشي المتميز بإلقائه الشّعري وحضوره المتجدد، فهو يجاهدُ على أن يكون هو هو لا غيره، وأن تكون قصيدته شمسًا مضيئةً لا أثرًا عابرًا لمن سبقه:
"كُنْ أَنْتَ نَفْسَكَ شَمْسًا لاَ تَكُنْ أَثَرًا
لِلْــعَابِرِينَ وَلاَ ظِــلاَّ لِمَنْ سَبَقُــوا
وَسِرْ لِبَحْرِكَ فَوْقَ الحِبْرِ مُرْتَجِيًا
فِيهِ النَّجَاةَ.. وَلاَ تَحْفَلْ بِمَنْ غَرِقُوا"(8).
ويبقى استواء هذه التّجارب الشّعرية هو مطمح أصحابها، لذلك يبوح الشّاعر نوفل السعيدي مستعيدًا سيرة المتنبي وداوم ألقه وحضوره:
"أريدُني هكذا أُعْلِي القَصَائِدَ حَت
تى تَرتمِي منْ سَمَاءِ الله تَتْبَعُنِي
...أريدُني شاعرًا تحيا قصائدهُ
"فَالخيلُ واللّيل والبيداءُ تعرفني"(9).
وبعيدًا عن الفحولةِ الشّعريةِ، قريبًا من الكتابةِ النّسائيةِ الشّعريةِ (على الرغم ممّا يثيره المفهوم من جدل) نجد مجموعة الأسماء، في مقدمتهنّ كل من: صباح الدّبي، خلود بناصر، عزيزة لعميري... هذه التّجارب تختلف عن غيرها فِي البوحِ والتّشظيّ وتجاهدُ أن تسيرَ إلى جنبهم أو تتفوَّق عليهم، نقف عند الشّاعرة صباح الدبي الّتي تبوح:
"أُسَافِرُ فِي أَرْخَبِيلِ الكَلاَمِ
وَأَسْكُنُ أَوْهَنَ بَيْتٍ
سَقَتْهُ العَنَاكِبُ
بِمَاءِ الحُلْمِ"(10).
تكشف تجربة الشّاعرة صباح الدبي أنّ الشّعر تجربة سفر روحية في الذّات والواقع والحلم عبر الكلام، وتعرية لقبحيّات الواقع والتّعالي عليه في آن، وتفضح ما استضمر من أنساق معيبة للمرأة داخل المجتمع والإكراهات الممارسة عليها جراء الهيمنة الذّكورية، وتعلي من شأن الأنوثة/ القصيدة الّتي تسكن أوهن البيوت.
في السّياق ذاته، لا يمكننا أن نغفل تجربة شابة ستكون شمعة مضيئة في مستقبل الشّعر العربي، هي خلود بناصر ومن أجواء تجربتها نقرأ:
"ماء كلانا، بهذا الآن نعترفُ
وما نزالُ بطبعِ الوردِ نَتَّصِفُ
ماءٌ وَنَعْكِسُ ألوانَ الحياةِ، فَهَلْ
نوّحدُ الماءَ إلاّ حينَ نَخْتَلِفُ"(11).
في شعر خلود بناصر رقةٌ أنثويةٌ بالغةٌ، وهمسٌ عاطفيٌّ شفيفٌ، وتعبير عن انشغالات الشّباب بلغة توحي ولا تقول، الإيقاع هادئ كرقصة الباليه أو تحليق فراشة، لغة شفافة تمتح من حقل التّصوف ومشبعة بالأحلام والخيال اللّذيذ.
يتبيَّن لنا من خلال النّماذج الشّعرية السّابقة وغيرها، أنّ القصيدة العربية المعاصرة بالمغرب، في شكلها العمودي الخليليّ والتّفعيليّ تعرف طفرة نوعيّة مع جيل جديد من الشّباب الّذي لا يزال مؤمنًا بطاقاتها المتجددة وإمكانياتها التّعبيرية الهائلة، وأنّها ليس قصيدة معيارية أصولية تقليدية، بل قصيدة معاصرة تحمل سمات التّجدد والتّجديد وحبلى بالمرجعيات والرّؤى المعرفية والوجودية للواقع والعالم ولم تستنفد طاقتها بعد، وكأنّي بالخليل بن أحمد الفراهيدي يعود إلى أيامنا، وإن كان تقليديًا في شكله ومظهره، فإنّه حداثيٌّ ومعاصر في جوهرهِ، يبصرُ ويرى إلى ما هو أبعد وأعمق.
إنّ الأيام القادمة هي أيام الشّعر، أيام هؤلاء الشّعراء الشّباب، وما يزال أمامهم طريق الشّعر محفوفًا بالصّبر والمكابدات والمكشافات.
• الهوامش والمراجع:
1. ياسين حميد حزكر، أغاني السيرنا، منشورات أكاديمية الشعر أبو ظبي، ط1، 2018، ص14.
2. ياسين حميد حزكر، أغاني السيرنا، ص92، 93، 95.
3. محمد عريج، تركنا نوافذنا للطيور، منشورات جائزة أثير (سلطنة عُمان)، ط1، 2016، ص8.
4. زين العابدين الكنتاوي، ترنيمة صباحية لدون كيشوت، مجلة القوافي، العدد العاشر حزيران/ يونيو 2020، ص86.
5. أحمو الحسن الأحمدي، خمس وعشرون، من صفحة الشاعر في الفيس بوك.
6. حكم حمدان، نبوءة حزن، مجلة القوافي، عدد10، حزيران/ يونيو 2020، ص100.
7. عمر الرّاجي، المرافئ الأخيرة، مجلة القوافي، عدد 9، أيار/ مايو 2020، ص90.
8. أحمد الحريشي، حبر اللّيل، مجلة القوافي، عدد11، تموز/ يوليو 2020، ص92.
9. نوفل السّعيدي، أريدُني هكذا، مجلة القوافي، عدد11، تموز/ يوليو 2020، ص95.
10. صباح الدبي، بطاقات شعرية، جمع وتنسيق بوجمعة العوفي.
11. خلود بناصر، ماء كلانا، مسابقة أمير الشعراء، الموسم الثامن، 2019.