شعر: د. حكمت حسن جمعة
طبيب وشاعر سوري
• رِثَاء
فَجْأَةً في الشَّارِعِ الضَّيِّقِ
وَالمَسْدُوْدِ مِنْ قَلْبي
وَكَانَ اللَّيلُ غُولًا يحْظِرُ التِّجْوَالَ
غَابْ
لمْ أَجِدْ في دَرْبِهِ آثَارَ ظِلٍّ
والَّذي يُوغِلُ في السِّرْدَابِ
لا يَشْرَبُ نَخْبَ السِّرِّ إِلاَّ مِنْ مَفَاتِيْحِ العَذَابْ
غَامِضًا يمْضِيْ
وقَدْ وَشْوَشَهُ صَمْتٌ يَلِفُّ الوَرْدَ في جُنَّازِهِ
تُشْبِهُهُ صُوْرَتُهُ فَوقَ جِدَارٍ مَا
وَلَكِنَّ التَّفَاصِيْلَ الزَّمانِيَّةَ عَفَّتْ عَنْ مَكَانِ الصُّوْرَةِ
الجُدْرَانُ شَاخَتْ
وَالطِّلاءُ الأَبْيَضُ اسْوَدَّ رَمَادِيًّا
بِعَدْوَى الزَّمَنِ الدُّوْلاَبِ في أَشْيَائِهِ
كَانَ وَمَا زَالَ عَلى عَادَتِهِ مَحْفُورَةً بَصْمَتُهُ فِيْهَا
فَيَمْحُوها سَرَابْ
• حَسْرَة
بَعْدُ لمْ يُغْدِقْ عَلَيْنَا الكَرْمُ يَا تُفَّاحْ
مَوْسِمُ المُشْمُشِ لَوْ تَدْرِي قَصِيْرٌ وَالهَوَى فَضَّاحْ
خَانَنَا الوَقْتُ
كَأَنْ لَمْ نُصْغِ في يَوْمٍ إِلى صَافِرَةِ الإِنْذَارِ
إِلاَّ أَنَّ شَيْبًا صَاحْ
مَا الَّذي أَبْقَاهُ مِنْكَ الدُّوْدُ
يَا قَلْبي سِوَىْ أَصْدَاءِ صَوْتٍ
"مُرَّ بِيْ يا صَاحْ".
• هَزِيمَة
سَكَبَ الطَّوْفَانُ في أَقْدَاحِنَا أَحْدَاقَنَا
لمْ نَنْتَبِهْ
أَنَّ نُواسَ السَّاعَةِ اثَّاقَلَ في رِحْلاتِهِ بَيْنَ مجِيْءٍ وَذَهَابْ
غَمَرَتْنَا مَوْجَةٌ
مَا بَيْنَ هَذَا المَدِّ أَوْ ذَاكَ
سَنَلْقَى حَتْفَنَا اللائِقَ
كَانَ المَرْكِبُ الغَارِقُ لا يَنْتَظِرُ القَشَّةَ إِلاَّ مِنْ رِيَاحِ الدَّهْشَةِ
اسْتَوْلَى عَلَيْنَا الرُّعْبُ
حَتَّى صَارَ قُبْطَانًا وَقُرْصَانًا
يَدَاهُ مِقْوَدٌ يمْضِيْ بِنَا حَيْثُ الضَّبَابْ.
• مَوَّال
كُلُّ نَجْمٍ لاَحْ
خَانَهُ في وَمْضِهِ الإِيْضَاحْ.
• مُنَازَلَة خَاسِرَة
مَا الَّذي يَبْرِقُ في عَيْنَيْهِ سَيْفِي
أَمْ دُمُوعُ الخَيْبَةِ الأُوْلى لِحُبٍّ
مَا الَّذي يحْمِلُ في كَفَّيْهِ حَتْفِي
أَمْ ضُلُوْعَ الوَرْطَةِ
اسْتِحْيَاؤُهُ مِنِّي لَهُ وَشْوَشَةٌ
ضَمَّتْ رِهَانَ المَوْتِ
شَدَّتْ وَتَرَ القَلْبِ بِإيْقَاعِ الرَّبَابْ
رُبَّمَا اسْتَمْطَرَ في طَاعَتِهِ العِصْيَانَ
وَاسْتَوْحَشَ في دَاخِلِه المُهْرُ
الَّذي رَوَّضَهُ الدَّهْرُ
وَشَلَّتْهُ الحِرَابْ.
• حُلُمٌ أَعْمَى
كُلَّمَا دَارَ عَلَى دُوْلاَبِهِ المِفْتَاحْ
جَفْنُهُ بَابٌ
وَعَيْنَاهُ دَهَالِيْزُ مِنَ الأَسْرَارِ تُؤْوِيْ وَهْجَهُ اللَّمَّاحْ
صَاحَ بِيْ يَا صَاحْ
لاَ العَصَا تُوْقِظُ فِي الدَّرْبِ الحَصَى
لاَ وَلاَ الأَشْبَاحْ.
• نِهَاية لاَئِقَة
شَبَّ حَتَّى شَابَ مَا بَيْنِي وَمَا بَيْنَكَ لَيْلٌ عَابِثٌ خِلاَّنُهُ
كَأْسٌ وَرَاحُ
كُلُّ مَنْ أَحْبَبْتَهُمْ يَا صَاحِ رَاحُوا
رُبَّمَا مَرُّوا عَلَى أَيَّامِكَ التَّعْبَى
وَمَا إِنْ تَعِبُوا مِنْهَا اسْتَرَاحُوا.