أما زلتِ تذكرينهُ؟
شعر: أحمد مصطفى سعيد
شاعر مصري
(إلى بنلوب الروح أماني)
(1)
وكيف لي أن أنساه
وكلّ صباح
يجمعنا لقاء
ثلاثتنا أنا وهو
واللّهفات
والبراحُ طوق
لحبٍّ مُباح
أو بين العذول
العيون في الزّحام
قطّاع طريق
يملأ روحي دفئًا
بصباحك فرحًا
يا عمري
ومطرًا من القبلات.
(2)
كيف أنساه
وساعي البريد يفرح أكثر منّي
بطيبِ هداياه
أعرف قدومه
نشاز غنائه الحلو
يسبق خطاه
"انزل يا جميل في الساحة"
كان يغافلني في ذكرى مولدي
بهداياه عطري المفضّل
و(الشكولاتة)
وقصائد نزار
السّاعي يعود لأولاده
بجود عطاياه
ألق عيني
وخجل ابتسامي
وكمشة حلواه.
(3)
كيف أنساه
وذاكرتي ما خانتني
والقدّ المخلص
لهمس كفِّه
يجترُّ مسعاه
كلّ مساء
وأنا على مهدي
أقاسم الوحدة.
(4)
كيف أنساه
واللّه هو مَن عقد
حبل الوصل
والله أزليّ.
(5)
كيف أنساه
وفنجان قهوته
منفضة سجائره
أقلامه
ومسوّدات قصائده
دموعها
تغافلها كلّما
سألت الصّغيرة
أين بابا؟
قال لن أغيب
منذ عقدين
ولم تفارق الباب.
(6)
كيف أنساه
كريم العطاء حيًّا
وبعد الممات
لم يلتقِنا أحد
صافحنا ودًّا
وتمتم
بفاتحة الكتاب
وفيض دعاء.
(7)
كيف أنساه
وأنا أقلّب في دفاتره القديمة
ترك وصيّة
إيّاكِ والحزن
الدّنيا قصيرة
وإن طالت
روحي حارسك
وهناك بفرح
أنتظرك
والحور ممسكات بالشّمعات
ناثرات الزّهور بركات.
(8)
كيف أنساه
ولا قرط في أذني
ولا عقد
فأنا بليدة ساعة الزّينة
وكان ماهرًا هو
يرسمني
يلوِّنني بمهارة
ساعة العناق
يد تطوّق خصري
والأخرى
ترفو مزق الخيبات.
(9)
رغم غضبه
وعيناه بالشّرر قادحتان
كلّما خذلوا الوطن
كان يقولها بيقين المنتصر
خالد أنتَ يا وطن
والمخنّثون
مصيرهم
العدم.
(10)
كيف أنساه
وذات ليلة
أيقظته الدَّهشة
والفرح
رأيتُ النّور محمدًا
قال: أبشر
ابتساماتك
في وجه المعتمة أرواحهم طوق نجاة
وبكاء في سكون الليل
مناجاة
آخذ بيدك
لتصل إلى عدن.