د. محمد أحمد عنب
أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية المساعد بكلية الآثار- جامعة الفيوم
"إنفوجرافيك" أو "المعلومات المصوَّرة" هو فنّ تحويل البيانات المُعقَّدة والمعلومات إلى صُورٍ ورُسوم مرئيّة يسهل على مَنْ يراها استيعاب الفكرة الأساسيّة للموضوع وفهمها دون الحاجة إلى قراءة الكثير من النصوص. ويُعدُّ الـ"إنفوجرافيك" أحد الأساليب المُستحدثة لإِيصال المعلومة في إطارٍ فنّي بأسلوبٍ سهل وجذّاب، وقد ازدادت الحاجة إليه في معظم المؤسّسات، وخاصة التعليميّة، بعد ما شهده العالم من إغلاق بسبب جائحة "كورونا".
للتقدُّم التكنولوجي أَثره الكبير في العمليّة التعليميّة، فلم يعُد التعليم التقليدي بطرقه التقليديّة قادرًا على الوفاء بمتطلِّبات تلك العمليّة، فبدأت المُجتمعات في البحث عن صيغٍ جديدة للتعليم وأصبح الأمر ضرورة لا بدّ منها خاصة في ظل الظروف الإستثنائية التي يعيشها العالم من انتشار جائحة فيروس "كورونا" وما نتج عنه من إغلاقٍ للكثير من المؤسّسات التعليمية، وأصبح التعليم عن بُعد أمرًا مُهمًا بدأت في تفعيله معظم المُؤسّسات خاصة التعليميّة منها، وكان لا بدَّ من التفكير في أَفكارٍ إبداعيّة تجذب انتباه الجمهور على اختلاف أنواعهم، ومن أشهر أمثلة هَذه الأفكار؛ الـ"إنفوجرافيك" والذي يُعد أحد الأساليب المُستحدثة لإِيصال المعلومة في إطارٍ فني بأسلوبٍ سهل وجذّاب.
• أصل ومفهوم كلمة "إنفوجرافيك"
"إنفوجرافيك" مُقتبسة من اللفظ الإنجليزي Info graphic، وهي اختصار لكلمة Information graphic ومعناها (المعلومات المُصوَّرة)، ويُعرَّف بأنّه فن تحويل البيانات المُعقَّدة والمعلومات إلى صُورٍ ورُسوم مرئيّة يسهل على مَنْ يراها استيعاب الفكرة الأساسية للموضوع وفهمها دون الحاجة إلى قراءة الكثير من النصوص(1)؛ ويُعرِّفه العالم "سميكلز" Smiciklas بأنّه نوعٌ من الصُور التي تمزج بين البيانات والتصميم، ويستطيع من خلالها الأفراد والمُنظمات توصيل رسائل موجزة للجمهور، ولهذا الفنّ العديد من المسمّيات منها؛ الإنفوجرافيكس Info graphics، والبيانات التصوّرية التفاعلية Data Visualization، وأيضًا التصاميم المعلوماتية Information Design وغيرها، ومن خلال هذه المسمّيات يمكن القول إنَّ الإنفوجرافيك هو شكل من أشكال التواصل المرئي الذي يساعد على تبسيط المعلومات؛ ويمتاز بتأثيره البصري الجذّاب وبفاعليته الكبيرة.
ويعتمد الإنفوجرافيك في أصوله على فكرة الخرائط الذهنيّة التي ابتكرها عالم الذاكرة البريطاني الشهير "توني بوزان" Tony Buzanوالتي تعتمد على الصور والرموز بشكلٍ عام، واعتبرها "بوزان" أحد أفضل طرق المذاكرة وحفظ المعلومات؛ وهذا يتفق تمامًا مع المثل الصيني الشهير (الصورة بألف كلمة)، وأصبحت (لغة الومضة البصرية) هي مرحلة إنتاج جيلٍ جديد من الكتب المكتوبة بلغة الإيحاء البصري الذي يُخاطب العقل واللاشعور في آنٍ واحد، ومع استخدام أَقل عدد ممكن من الكلمات والأَرقام(2).
• تصميم الإِنفوجرافيك
تمرُّ عملية تصميم الإنفوجرافيك بخمس مراحل أساسية كالتالي؛ مرحلة الدراسة والتحليل ويتم فيها تحديد الاحتياجات التعليمية وتحليل الأهداف والمحتوى التعليمي الذي يُراد نقله للقارئ بشكلٍ واضح، ثم مرحلة التصميم ويتم فيها تحديد شكل التصميم، ويتضمّن اختيار الأَلوان والخطوط والأشكال المستخدمة، وطبيعة التخطيط لشكل الإنفوجرافيك وشكل المحتوى والأهداف بداخله(3)، ثم مرحلة الإنتاج ويتم فيها تطبيق التصميم الذي تمّ وضعه في المرحلة السابقة، ووضع المادة العلمية والأهداف بدَاخله، وتختلف مرحلة الإنتاج بإختلاف نوع الإنفوجرافيك المستخدم، ثم مرحلة التقييم ويتم فيها عرض الإنفوجرافيك للتأكُّد من أَنّه يشمل جميع أَجزاء المحتوى العلمي المطلوب عرضه بطريقةٍ بصرية مُشوِّقة وتُناسب الفئة التعليمية المُستهدفة، وآخر المراحل هي مرحلة النشر والاستخدام(4).
وتوجد بعض الاعتبارات التي يجب مراعاتها أثناء تصميم الإنفوجرافيك لجعله أكثر تفاعُلية منها؛ مراعاة الألوان المستخدمة في التصميم وتجنُّب الألوان غير المناسة للعين، واختيار الخطوط المستخدمة في التصميم، والأيقونات والصور الرمزية التعبيرية عن الموضوع وينبغي أنْ تكون متناسقة بشَكلٍ مُنظَّم لِتصل بشكلٍ صحيح للقارئ، كما يجب أنْ يشتمل الموضوع أو الفكرة على حقائق ومعلومات وأرقام وإحصائيات متنوّعة تُكسب تصميم الإنفوجرافيك قيمةً غنيّة مُنفّذة بطريقةٍ إبداعيّة.
• أنواع الإنفوجرافيك
هناك العديد من أنواع الإنفوجرافيك ومن أشهرها:
- إنفوجرافيك الإحصائيات، ويعتمد على عرض معلومات وأرقام بطريقةٍ جذَّابة.
- إنفوجرافيك التغيُّر الزمني، ويعرض تطوُّر أمر معيَّن مع مرور الوقت.
- إنفوجرافيك المعلومات، وهو يُلخّص مفهوم أو معلومة معيَّنة ببعض الصور والكلمات البسيطة.
- إنفوجرافيك الخطوات، ويُلخّص الخطوات اللازمة لعمل شيء معين.
- إنفوجرافيك المقارنات، ويعتمد على المقارنة بين موضوعين من مختلف الزوايا الممكنة.
- إنفوجرافيك الأماكن، ويختصّ بعرض المعلومات الجغرافيّة والديموغرافيّة على شكل خرائط تفاعُليّة.
وهناك تصنيف آخر لأنواع الإنفوجرافيك وذلك من حيث طبيعة الإنفوجرافيك ويُقسّم لأَربعة أَنواع كالتالي؛ الإنفوجرافيك الثابت Static Info graphic ويشتمل على عناصر بصرية (نصوص- رموز...إلخ) تُعبِّر عن موضوعٍ ما في شكلٍ مطبوع أو الكتروني، والإنفوجرافيك المُتحرك Motion Info graphic وهو عبارة عن عناصر بصرية متحركة تتحرك بحركاتٍ مُعبِّرة ومُدمج معها مؤثرات صوتيّة متنوِّعة بهدف توضيح فكرة ما بطريقةٍ شيّقة، والإنفوجرافيك التفاعُلي Interactive Info graphicويضمّ عناصر بصريّة مبرمجة عن طريق بعض أدوات التحكُّم والأكواد لصنع نوعٍ من التفاعل معها، ويتحكّم المستخدم بها عن طريق برمجة بعض الأَجزاء التي سيكون التحكُّم والتفاعل من خلالها، وأخيرًا الإنفوجرافيك المُختلط Mixed Info graphic وهو يدمج بين الإنفوجرافيك المُتحرك والتصوير العادي، وفيه يتم كتابة سيناريو كامل يتناول طريقة التصوير وشكله والعناصر المتحركة وطريقة التفاعل معها لنصل لفيديو متكامل مُعبِّر، ولذلك فإنّ هذا النوع يحتاج لفريق عمل متكامل(5).
• مميّزات الإنفوجرافيك وأهميّة استخدامه
للإنفوجرافيك مميزات عديدة منها قدرته الكبيرة على تبسيط المعلومات والمفاهيم المُعقَّدة وجعلها سهلة الفهم، وعرض المعلومات والبيانات بطريقةٍ جذّابة وشيقة وذلك لاعتماده على المُؤثِّرات البصرية في توصيل المعلومة عن طريق تحويل المعلومات والبيانات من أرقام وحُروف مُملّة لصورٍ ورسومٍ شيقة، ممّا يسهل معه قراءة وتحليل هذه الكميات الهائلة من البيانات المعلوماتية؛ ولذلك فهو وسيلة رائعة وجذّابة تساعد في إنشاء اتصالٍ مُميّز بينك وبين الجمهور، وهو بذلك يُحفِّز الجمهور على مشاهدة تفاصيله والانتباه إلى الفكرة المعروضة داخله لفترةٍ طويلة من الوقت دون ملل(6).
ومن جانب آخر، يمتاز الإنفوجرافيك بأنّه يُوفّر المساحة؛ لأنَّ صورة واحدة من الإنفوجرافيك تساوي ألف كلمة، وبالتالي ستتمكَّن من اختصار ما تُريد عرضه في لوحة رسوميّة واحدة، فضلًا على أنّ الإنفوجرافيك يمتاز عن غيره من الوسائل الحديثة بسهولة نشره عبر الشبكات الاجتماعية ومواقع الويب مِمّا يسهّل التواصل مع المستخدمين(7).
ويُستخدم الإنفوجرافيك حاليًا في معظم المجالات، فبجانب استخدامه كأحد الوسائل التعليمية المهمة؛ يُستخدم في العروض التقديميّة للشركات الكبيرة، وكذلك في الحملات الدعائية، كما تستخدمه المُنظَّمات غير الربحية والمُؤسَّسات الحكومية لتوعية الناس بقضيةٍ مُعيّنة مثل جائحة فيروس "كورونا"، فهو يجعل الحملة الدعائيّة تنتشر بشكلٍ أكبر وبصورةٍ أكثر تأثيرًا واقناعًا.
وأخيرًا، يشهد العالم تغيُّرات معلوماتيّة كبيرة في الآونة الأخيرة في جميع ميادين المعرفة، وفي ظلّ التعليم الإلكتروني أصبحت الحاجة مُلحّة لطرقٍ غير تقليديّة في تقصِّي المعلومات بشكلٍ سهل وجذّاب، ويُعتبر الإنفوجرافيك واحدًا من أهم هذه الطرق التي يجب أنْ تُعمَّم في جميع المجالات لخلق بيئة جذّابة وأكثر تفاعليّة.
* الهوامش:
(1) شريف الأتربي؛ التعليم الإلكتروني ومهارات القرن21: أدوات واستراتيجيات التعليم الحديثة، ص140.
(2) توماس إيتون، إنفوجرافيك دليلك إلى الحياة والكون وكل شئ، العبيكان للنشر، ص7.
(3) آية يحيي محمد، الصوره المثالية للجسد بين المشاهير والواقع، ص137-138.
Islamoglu, H., Ay, O., Ilic, U., Mercimek, B., Donmez, P., Kuzu, A. & Odabasi, F. (2015). Infographics: A new competency area for teacher candidates, 32-39.
(4) آية لطفي زكريا حبق، دور الإنفوجرافيك في التعليم عن بعد في ظل أزمة فيروس كورونا بكليات الفنون، ص321-335
(5) آية لطفي زكريا حبق، المرجع السابق، ص321-335.
(6) حسن فراج حسن، تكنولوجيا الإقناع في تصميم مواقع الصحف الإلكترونية، ص178.
(7) ريهام الجندي، الإنفوجرافيك والبيانات، ص1-7.