شعر: سعيد يعقوب
شاعر أردني
رُدِّيْ إِلَيَّ الذِيْ وَلَّى مِنَ العُمُرِ // وَأَرْجِعِيْ الَّليْلَ بَعْدَ الفَجْرِ لِلشَّعَرِ
رُدِّيْ لِقَلْبِيْ الصِّبَا إِنِّيْ تَلَبَّسَنِيْ // هَمٌّ دَعَا العُمْرَ بَعْدَ الطُّولِ لِلْقِصَرِ
نَادِيْ الطُّيُوفَ التِيْ وَلَّتْ لِتَرْجِعَ لِيْ // وَنَبِّهِيْ مَا غَفَا مِنِّيْ إِلَى السَّهَرِ
حَطَّتْ عَلَى غُصُنِيْ الأَحْزَانُ وَاسْتَنَدَتْ // رُوحِيْ عَلَى جِذْعِ شَوْكِ الهَمِّ وَالكَدَرِ
كُلُّ الأَمَانِيِّ جَافَتْنِيْ بَشَائِرُهَا // وَلَمْ أُكَحِّلْ بِهَا سَمْعِيْ وَلَا بَصَري
إِنِّيْ تَكَنَّفَنِيْ هَمٌّ أَضِيقُ بِهِ // وَمَا عَلَيَّ إِذَا اسْتَسْلَمْتُ لِلْقَدَرِ
مَا حِيلَةُ المَرْءِ إِنْ يَنْزِلْ بِهِ قَدَرٌ // وَمَا الذِيْ تَتْرُكُ الأَقْدَارُ لِلْبَشَرِ
دَاوِيْ الجِرَاحَ التِيْ فِيْ القَلْبِ تَنْزِفُنِيْ // بِمَا لَدَيْكِ مِنَ الآيَاتِ وَالسُّوَرِ
رَوِّيْ فُؤَادِيْ بِمَا فِيْ العَيْنِ مِنْ حَوَرٍ // إِنِّيْ قُتِلْتُ بِمَا فِيْ العَيْنِ مِنْ حَوَرِ
وَأَرْجِعِينِيْ إِلَى أَيَّامِ "وَلْدَنَتِيْ" // إِنِّيْ أَتُوقُ لِمَا قَدْ كَانَ فِيْ صِغَري
وَالقَلْبُ سَاحَتُهُ خَضْرَاءُ زَاهِيَةٌ // وَالرُّوحُ نَشْوَى تَهَادَتْ فِيْ المَدَى النَّضرِ
مُدِّيْ لِكَفِّيَ كَأْسًا كُلَّمَا فَرُغَتْ // كَأْسِيْ، وَزِيدِيْ، وَلَا تُبْقِيْ وَلَا تَذَري
عَلِّيْ أُطَارِدُ خَلْفَ الوَهْمِ أَخْيَلَةً // تَرُدُّ قَطْرَ النَّدَى لِلْيَابِسِ الشَّجَرِ
عَلِّيْ أَبُلُّ أُوَامَ الرُّوحِ أَنْهَكَنِيْ // مَا بِتُّ أَلْقَاهُ لَمَّا طَالَ بِيْ سَفَري
شَذِيَّةَ الثَّغْرِ هَلْ أَحْظَى بِقُبْلَتِهِ// إِنِّيْ ظَمِئْتُ لِهَذَا الفَاغِمِ العَطِرِ
مَا زِلْتِ لِيْ أَمَلًا أَسْرِيْ بِطَلْعَتِهِ// لَوْلَاكِ لَمْ أَسْرِ فِيْ لَيْلٍ إِلَى وَطَري
حَتَّى الذِينَ بِهِمْ قَدْ رِشْتُ أَجْنِحَتِيْ // عَنِّيْ تَخَلَوْا وَلَوْلَا أَنْتِ لَمْ أَطِرِ
لَوْلَاكِ لَمْ أَرْقَ أَجْوَازَ الفَضَاءِ وَلَا // تَرَكْتُ مُنْحَدَرًا إِلَّا لِمُنْحَدَرِ
مُرِّيْ عَلَى شَفَتِيْ أَصْدَاءَ أُغْنِيَةٍ // فِيهَا سَتَرْتُ جُنُونَ الوَجْدِ عَنْ وَتَري
وَأَطْفِئِيْ جَمْرَ أَشْجَانِيْ إِذَا اتَّقَدَتْ // وَفَجِّرْي فِيْ دَمِيْ نَهْرًا مِنَ الفِكَرِ
مَا زَالَ فِيْ البَالِ ذِكْرَى الأَمْسِ مَا ذَهَبَتْ // كَأَنَّهَا الآنَ لَمْ تَذْهَبْ وَلَمْ تَسِرِ
لَمَّا التَقَيْنَا وَنُورُ الفَجْرِ مُنْبَلِجٌ // مِنْ مُقْلَتَيْكِ كَنُورِ الشَّمْسِ لِلْقَمَرِ
وَالبِشْرُ يَغْمُرُ وَجْهَيْنَا كَمَا غَمَرَتْ// بِالبِشْرِ أُعْطِيَةٌ تُعْطَى لِمُفْتَقِرِ
وَلِلْمُنَى البِيضِ شَدْوٌ حَوْلَ مَقْعَدِنَا // وَلِلصِّبَا حَوْلَنَا طَيْشٌ بِلَا حَذَرِ
أَنَا وَأَنْتِ هُنَا يَكْفِيْ، وَلَيْسَ لَنَا // حُلْمٌ سِوَى ذَاكَ، هَذَا غَايَةُ الظَّفَرِ
وَلِلْعُيُونِ حَدِيثٌ طَابَ تَرْجَمَةً // أَرْقَى المَعَانِيْ الذِيْ نَحْكِيهِ بِالنَّظَرِ
مَضَى الزَّمَانُ الذِيْ كُنَّا نُسَرُّ بِهِ // وَأَحْرَقَ الصَّفْوَ مَجْنُونٌ مِنَ الشَّرَرِ
وَغَاضَ نَبْعُ الرِّضَا مِنْ بَعْدِ فَوْرَتِهِ // وَجَفَّ مِنْ رَوْضَتِيْ مَا كَانَ مِنْ زَهَرِ
لَمْ يَبْقَ إِلَّاكِ شَيْءٌ أَسْتَجِيرُ بِهِ // مِمَّا أُلَاقِيهِ مِنْ بُؤْسٍ وَمِنْ ضَرَرِ
تَخَلَّلِينِيْ وَذُوبِيْ فِيَّ وَاتَّحِدِيْ // هَوَاكِ لِيْ قَدَرٌ يَا رَوْعَةَ القَدَرِ