محمد سلّام جميعان
شاعر وناقد أردني
• ثقافة عربيّة
البنية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في القدس/ عبدالله كنعان ونصر شقيرات
للقدس تاريخ طويل وهويّة عريقة عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى طمسهما، وفرض على المدينة المقدّسة أرضًا وسكانًا أوضاعًا اجتماعية واقتصادية وثقافية، يعاينها هذا الكتاب الذي مهّد مؤلفاه بالحديث عن وحدة العلاقة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بين الأردن وفلسطين منذ أن كانتا وحدة إدارية واحدة في صدر الدولة الإسلامية في العهد الأموي حتى اللحظة الراهنة.
وسلّط الكتاب الضوء على وحدة العيش المشترك والتآلف بين المقدسيين، فإحصائيات المعابد الدينية ورمزيّتها وممارسات معتنقي الديانات كلها تؤشِّر على الترجمة العملية للعهدة العمرية التي أقرّها أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية.
وفي الجانب الآخر من الكتاب يكشف المؤلفان أثر الاحتلال في تمزيق هذه الوحدة وانعكاساتها. تمامًا كما تأثرت الأوضاع الاقتصادية سلبًا بالسياسات الإسرائيلية، وبخاصة القطاع السياحي الذي يشكل ركيزة أساسية في الحياة الاقتصادية في المجتمع المقدسي، نظرًا لما تحظى به المدينة المقدّسة من مكانة دينية وثقافية وتاريخية.
ويقدم الكتاب صورة معبّرة للتحوُّلات التي عصفت بالمدينة جرّاء الاحتلال مشفوعة بالجداول الإحصائية التي ترصد رقميًّا الأوضاع التعليمية والأوضاع الصحية وطمس المعالم العمرانية فيها.
وفي سبيل تجاوز كل التحوُّلات والتغييرات المتعسِّفة التي لحقت بالمدينة سكّانًا وحضارة وعمرانًا، يقدِّم المؤلفان طرائق منهجيّة للحفاظ على الثقافة والتراث المقدسي، سواء على الصعيد المحلي الفلسطيني أو العربي والإسلامي وكذلك الدولي، منوّهين بالدور الأردني في دعم ورعاية الأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في القدس.
رسائل من روكس بن زائد العزيزي ومن أدباء وكتّاب آخرين/ يوسف حمدان
بعد أن كاد فنّ الرسائل يندثر، يعود الأديب يوسف حمدان إلى بعثه من جديد، فينتقي جملة وافرة من الرسائل الأدبية بينه بين عدد من الأدباء، الذين لهم مكانتهم العليّة في الشأن الثقافي، فيجعلها في كتاب يحضن حروفها. وقد انتقاها من بين عدد وافر من الرسائل التي ظلّ ضنينًا بنشرها هنا في هذا الكتاب، لأسباب لم يفصح عنها.
الرسائل الأدبية كما كُتب سير الأدباء تكشف بوضوح أكبر عن طبيعة الحراك الثقافي، وعن جدلية العلاقة بين المثقفين، وتجلّي للقارئ كواليس كثير من المشهد الثقافي العام والخاص، فبالقدر الذي تحمل فيه الرسائل النبض الذاتي فإنها تكشف عن سيرورات الفعل الثقافي وبُناه ومنعرجاته.
لقد حملت هذه الرسائل مادة خصبة عن واقعنا الثقافي. ولعلَّ هذا بيّن أكثر ما يكون في رسائل الأديب المرحوم أحمد عودة، فرسائله مليئة بالامتعاض من واقعنا الثقافي في الثمانينات، ومن كل ما يلتبس فيه من شلليّة الكتّاب في النشر، والتذمُّر من انتخابات رابطة الكتّاب وكواليسها، وغيرها من القضايا الثقافية التي ترصد ما لا يتوافر في كثير من كتب التاريخ الأدبي.
وفي سبيل تحقيق أكبر قدر من الحيادية في هذه الرسائل فإنَّ مؤلف الكتاب نشرها من دون أي تصرُّف أو تزويق في محتوياتها، وتأكيدًا لهذه الحقيقة، أثبت نصوصها بخط أصحابها، ليكون المطبوع موافقًا للمخطوط باليد. إنها ستٌّ وعشرون رسالة تطفح بالبؤس والفرح، وما ورد فيها من شكوى الواقع الثقافي ما زال يرين على واقعنا الراهن ثقافيًّا.
حبيب الزيودي شاعرًا/ قاسم محمد الدروع
يتناول الكتاب تجربة حبيب الزيوي الشعرية، على مستويي الشكل والرؤية، دون أن يفصل المؤلف بين حبيب الإنسان وحبيب الشاعر. وجاء الكتاب في مقدمة وثلاثة فصول. تناول الفصل الأول حياة الزيودي ونشأته والظروف البيئية التي أثرت في تجربته الشعرية وتكوينه النفسي إضافة على مصادر ثقافة الشاعر وطريقة تشكُّلها، ومواطن التأثير والتأثر، وأثر الشعراء السابقين والمعاصرين في تجربته الشعرية. كما غطّى هذا الفصل أبرز الأنشطة الأدبية التي شارك فيها الزيودي.
وخصّص المؤلفُ الفصل الثاني للحديث عن أبعاد الرؤية الشعرية، وأجملها في البعدين الداخلي والخارجي، والمرأة وأثرها فيه وتغلغلها في وجدانه، والمكان بأبعاده المختلفة وتعلّق الشاعر به، وأثر ذلك كله في تنوير تجربته الشعرية وإضاءة آفاقها المختلفة، إضافة إلى النماذج الوطنية في شعر الزيودي.
أمّا الفصل الثالث فأفرده المؤلف لدراسة بعض الظواهر الفنية في شعر الشاعر، فتتبَّع التناص بأشكاله المختلفة (الديني والأدبي والتاريخي) مبرزًا مواضع التناصات ومستواها الفني، وكذلك ظاهرة الانزياح ودورها في وصف تجليات الشاعر، والصور الفنية التي أثرت في تجربة الزيودي الشعرية، واستخدام العامّي واليومي لإظهار انغماس الشاعر في الحياة اليوميّة الشعبيّة، كما وقف المؤلف عند ظاهرة الدراميّة والمونتاج اللتين استعارهما الشاعر من الفنون الأخرى.
يتبيَّن للقارئ فور فراغه من قراءة الكتاب الدَّور المميَّز للشاعر الزيودي الذي أسهم بشكل بارز ومؤثِّر في المشهد الثقافي.
• ثقافة عالميّة
الخلاص من الغرب.. الأوراسية..
الحضارات الأرضية مقابل الحضارات الأطلسية/ ألكسندر دوغين، ترجمة علي بدر
في هذا الكتاب يبشِّر الفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين بالحركة الثقافية الأوراسيّة، التي تشتمل على أطروحة فلسفية سياسية معادية لليبرالية تمامًا، ومعادية للنظم الغربية وللحضارات الأطلسية. ويبيِّن تناقضاتها وانهيارها الوشيك، إذ ستسمح كحتمية تاريخيّة للنظرية الأوراسيّة بالانتصار الساحق.
يوضِّح المترجم بدر أنَّ للأوراسيّة شقّين، شقّ جيوبوليتيكي، وشقّ أيديولوجي سياسي. الجيوبوليتيكي يعين الأوراسية بالمنطقة الممتدّة بين أوروبا وآسيا، وتشمل حضارات أربع؛ الحضارة الروسية، والحضارة الصينية، والحضارة الهندية، والحضارة الإيرانية. وهي حضارات أرضية تللورية تقوم بصراع أبدي مع الحضارات الثالاسقراطية البحرية والأطلسية، مثل بريطانيا وفرنسا قديمًا، والآن أميركا. وتتعلق الحضارات التللورية بالأرض، فالفكرة الأساسية في هذا المفهوم أنها فلسفة تفسّر الناس وحياتهم وثقافتهم من خلال الأرض التي يسكنونها، فهذه الشعوب تحافظ على القديم والروحاني، وتتصف بالشمولية والمحافظة، وتقاوم بضراوة قيم الحضارات البحرية التي تصفها بالتقلّب، كما أنّ الحضارات الأرضية تنافي قيم الحضارات الدنيوية، وتعادي أفكارها ولا سيما الأفكار الليبرالية وأيديولوجيا الحداثة وقيم عصر الأنوار.
وطبقًا لهذه النظرية، فإنَّ روسيا والسلاف والرومان واليونانيين والصينيين والهنود والمسلمين "هم كيان قارّي" في حدّ ذاته يدعى أوراسيا.
ويُعتبر ألكسندر دوغين "عقل بوتين". وهو يتمتَّع بتأثير قوي على صنّاع القرار في الكرملين، وقراءة فكره الاستراتيجي تشكِّل منطلقًا لفهم المشروع الروسي أو "البوتينيّة".
وجذبت نظريّات دوغين العسكريين الروس لأنها قدَّمت لهم تفسيرًا لموقف الغرب من روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، واستمرار التهديد الغربي بعد تفكُّك الاتحاد السوفياتي، وقدَّمت نظريّاته تفسيرًا لاستمرار زحف حلف الناتو على روسيا على الرغم من تنازلاتها على الصعيدين العسكري والاقتصادي وقتها.
وعندما وصل بوتين إلى السلطة عام 2000 بمساعدة أطياف متعددة في روسيا، تبنّى نظريات دوغين علنًا، في خطابه السياسي وكذلك في قراراته، في مضاعفة روسيا أهميّتها الجيوسياسية، وذات سيادة ومتنفذة في عالم القرن 21 في مجال التوزيع الجديد للقوى الاقتصادية والحضارية والعسكرية.
يشتمل الكتاب على أطروحة فلسفية سياسية معادية لليبرالية تمامًا، ومعادية للنظم الغربية وللحضارات الأطلسية. ويبيِّن عبر قراءة معمَّقة تناقضاتها وانهيارها الوشيك، إذ ستسمح كحتميّة تاريخيّة للنظريّة الأوراسيّة بالانتصار.
وطبقًا لهذه النظرية، فإنَّ روسيا وكل المناطق السلافيّة (وعلى رأسها أوكرانيا) هي كيان قاري مستقل في حد ذاته يدعى "أوراسيا". ويتوقف دوغين عند أوكرانيا، فيركز على أوجه التشابه والتشابك الثقافي والديني واللغوي والعرقي بين البلدين روسيا وأوكرانيا. "فمن دون أوكرانيا، لا يمكن لروسيا أن تصبح قطبًا سياديًّا لعالم متعدِّد الأقطاب".