ساحِر القُبَّعَةِ...‏

 

ساحِر القُبَّعَةِ...‏

شعر: قيس الطه قوقزة

شاعر أردني

 

أَنا ساحِرٌ يُتْقِنُ الرَّكضَ‎ ‎في مَسْرَحِ الوقتِ

أَدخلُ في عقلكمْ، ثمَّ أَخرُجُ مِنْهُ

وأُدخلهُ بيديَّ إلى القُبَّعهْ

‎ ‎

وأُخرجُ أَرنَبَتَينِ

أُطَيِّرُ سِرْبَ حَمامٍ

أُفَتِّتُ أَعصابَكَمْ دونَ أن تَشْعُروا

وأُحرِّضُ موجَ التَّفاصيلِ

أَنثُرُهُ

أُغْرِقُ البَحْرَ والأَشرِعَهْ

 

أَنا مَلِكِ الحِيَلِ المُنتقاةِ

أَتيتُ لكي أَدخُلَ العقلَ

كي أَسْرِقَ العقلَ أَو أَخدَعَهْ

 

أَنا سَيِّدُ الانزلاقاتِ والأَقنعهْ

أُراهِنُ دومًا على خِفَّتِي

حينَ أَمشي سريعًا على

مَسْرَحِ الكَذِبِ الجَانِبيِّ أُحرِّكُكُمْ

مثلما أَشتَهي

غالبًا لا أُواجِهُ مشكِلَةً

ليسَ يَلزَمُني‎ ‎

غيرَ أَنْ أَنقُلَ المَشْهَدَ الحُرَّ

مِنْ طابِقِ العَقْلِ للأَرضِ

في خُطْوَةٍ مُسْرِعَهْ

 

وإِنْ واجَهَتني المَتاعِبُ

لا أَفعَلُ المُستَحيلَ

أُشتِّتُ في الخُطُواتِ انتباهَ الجَمِيعِ

وأَقفِزُ كالذِّئبِ حولَ ظِبائِي

مَتى أَحْكَمَ الذِّئبُ قَبَضَتَهُ

فسيُصبِحُ سَهلًا على

الظَّبيِ أَنْ يَتبَعَهْ

 

أُمارِسُ إِلْهاءَكُمْ

أَختَفي فَجْأَةً مِنْ أَمامِ الحُضُورِ

وأَظهرُ خَلْفَ الجَمَاهيرِ

في لَقْطَةٍ مُقْنِعَهْ

 

أَنا كاذبٌ لستُ أُؤْذي أَحدْ

لا نِساءَ ولا شَيخَ لا طِفْلَ

لا رَجُلًا لا وَلَدْ

وأَكذبُ مثلَ الجميعِ عليكمْ

وأُقسمُ بالأربعهْ

 

وأَنتم تُحِبُّونَ‎ ‎

تَصْديقَ هذا الكَذِبْ

ورؤْيةَ شيءٍ ثقيلٍ يطيرُ

ورؤْيةَ شيءٍ خفيفٍ يسيرُ

وأَنْ يقطعَ الماءُ في غفلَةٍ إصْبَعَهْ

 

أُجَوِّعكمْ دونَ جوعٍ

وأَعرفُ أَنَّ الَّذي جَوَّعَتْهُ

مُشَاهَدَةُ الكَذِبِ (اللازورديِّ)‏

والملمَسُ المَخْمَليُّ

وصَدَّقَ ما قَدْ رآهُ

سَيعشَقُ مَنْ جَوَّعهْ

 

أَنا ساحرٌ يُتقِنُ الرَّسمَ

بالماءِ والحَرَكاتِ‎ ...‎

يُشَكِّلُ طِينَ المَجازاتِ

يَكْسِرُ وَجْهَ الحَقيقَةِ

أَكْسِرهُ ثمَّ أَكْسِرُهُ

مَرَّةً، مَرَّتينِ‎ ...‎

لِكَي أَجْمَعَهْ

 

أَنا أَكْسِرُ الوَقْتَ فيكُمْ مِرَارًا

وفي ظاهرِ الأَمرِ كنتُ أُحاوِلُ تَقْديمَهُ

حيثُ تَسْتَسْلِمُ النَّظَرَاتُ‎ ‎

وأَمَّا الحقيقةُ‎:‎

كُنتُ أُحاولُ أنْ أُرْجِعَهْ‎ ‎

 

وَرغمَ جَميعِ الشُّكُوكِ

الَّتي في البِدَايَةِ

كانَتْ تُراوِدُكمْ

فأَنا الآنَ طَوَّعتكمْ

وتُريدُونَ مِنِّي المَزيدَ

‎- ‎‏ تمامًا - كما المَعدِنُ الصَّلبُ

يتْبَعُ مَن طَوَّعَهْ

 

تَظُنُّونَ أَني أُرَفِّهُ عنكُمْ

‎ ‎ولكنَّني في الحَقيقَةِ لَسْتُ هٌنا كَي

أُداعِبَكُمْ

بَل أَنَا

أَعْرِفُ الغائِبينَ

وأَحْفَظُ أَسمَاءَهُمْ

أستَطيعُ تَذَكُّرَ كُلِّ الحُضورِ

لآخُذَكُمْ دُفْعَةً وَاحِدَهْ

إِلى اللَّحظَةِ المُمْتِعَهْ

وَأَدفَعَكُمْ مرَّةً واحِدَهْ

إِلى السَّقْطَةِ المُوجِعَهْ

 

وفي لَحْظَةِ الخَوفِ والشَّكِّ

في لَحْظَةِ الضَّعْضَعَهْ

وَفِي قِمَّةِ المَعْمَعَه‎ ...‎

أَنا أَنْحَني فَيُصَفِّقُ مَنْ دَخَلوا

عالَمِي

أصْبَحوا تَحْتَ سَيطَرَتِي

تَحْتَ مِطرَقَتي

آمَنوا بِخُطايَ

وَبِالقُبَّعَهْ.‏