رامي عبدالله الجنيدي
شاعر أردني
تعبتُ من هذه الرؤيا،
في الرؤيا أسألُ غريبًا، لا أعرفه
وكأنّني أسألني من أنا أيّها الغريب؟
ويسألني الغريب من أنا أيضًا؟
حتى تحاصرني الغِوايةُ، والماءُ والذئب،
وجرح القناص والجنرال، والبياض،
رغم أنّني مُحاصرٌ برؤاي،
كيف لي أن أخلعَ هذا البياضَ؟
وأنا أقودُ رحلة المعنى مع الذئب،
الذئب أتعبته حكاية الغريب.
هذه الطريقُ بصيرة الرؤيا
رغم ثقوبها الملأى بالأمل.
يا لهذه الطريق تسلّم علينا،
وكأنَّنا من رسم الأمل على بندقية القناص
في ليلة عرسهِ رغم شُح الماء،
ورغم أنَّ البياضَ
ترقُص على خاصرته امرأةٌ مجنونةٌ
تبحث عن رجلٍ عاقلٍ
كي تشربَ نخب نبيذ الغواية
على أجسادنا الخرساء.
الغِوايةُ مجروحةٌ بلا ذئب،
والذئبُ يقرأ رؤية القناص من أول رشة عطر.
هُنا خلف المرايا كان لبندقية القناص
كلامًا لم تقله نحلة تغازل زنبقةً
منذُ يومين لم تشرب الماء،
هُنا ساقتني الرؤيا لأرى الرائي،
هل سيكون الرصاصُ ذات يومٍ
صديقًا لأجسادنا الخرساء؟!
وهل أجسادنا تجرح الرصاص؟
ويسأل الجنرالُ ذئبَ الغِواية
هل تخون البندقية رحلة المعنى مع القناص
وهوَ ينكُش أسنانه برصاصة عمياء.
لا ندري إلى أين تقودنا هذه الرؤيا
لا أراني الآن أُشبه حُلمي
ولا أُشبه بياضي،
أيّها البياض حينَ أخرج من هذه الرؤيا
سأنزعك عني...
رغم أنّني كبرت ولم أدخُل عالم البياض
من فستان امرأة عاقلة
كي تهذّبَ هذا الجنون،
هذا البياض أبوابه كثيرة
وأنا لا أُريد لهذا الجنون أن يهدأ.
متعبون بسيرتنا الأولى
أتعبتنا الحكاياتُ والأغنياتُ المثقلةُ بالهزائم
منذُ أن جئت إلى هذه الدنيا
وأنا أبحثُ عني
أبحث عن أُغنية غنيتها كانت تشبهني.
سأنزع عني هذا البياضَ
رغم أنّني محاصرٌ بي.
ورغم أنَّ لي في قطرة الماء بعض التمني
وبياض القلب،
لقد أتعبتنا رحلة الوقوف على أبوابِ مسارح الأمل،
وهرمنا ونحن نقف على الرقعة البيضاء
وما زلنا نحِنُّ إلى أصل سيرة المعنى
ستنسى وتنُسى.
في لَحْظَة المُشْتَهَى مع الصِّلْصَالِ،
احذر أيّها الغريب
من جرح الصِّلْصَال
فهو دمارٌ على الكائناتِ،
وإيّاكَ أن يسيلَ دمهُ.
هذا بابُ مَدِينة من الجنيّات.
غداً ستنبُتُ الصفصافة ها هنا.
هذه الأرض لا تموت،
وسيظل الصِّلْصَالُ أصلَ بيوتنا وسيرتنا.
إذن اذهب وقل للصِّلْصَال يكفي،
لقد هرمنا حين تُهنا في الطريق
إنّي أحْنُّ إليها وأتوجعُ لغيابها.
وأفرحُ حين أراها تهبُّ نحوي كنسيم الهواء.
وأفكّرُ بها حين تنساني.
الليل يمرُّ ثقيلاً عليّ
وطويلٌ بغيابها. أسمعُ صوتها
هنا في حجرة القلب.
ولكن حينْ أبحثُ عنها
لا أجد شيئاً.
وكأنَّه الحنينُ إلى سيرتنا الأولى.
يا لهذا الإيقاع المنفرد بهذه الرؤيا
التي تخرج من القلب كأنَّها ثرثرةٌ بلا معنى
وقد لا أكون بريئًا أيّها الغريب.