د. غسان إسماعيل عبد الخالق
لم تدّخر هيئة التحرير السابقة، برئاسة الزميل الدكتور يوسف ربابعة، وسعًا للإسهام الفاعل في الاحتفاء بإربد عاصمة للثقافة العربية، فكلّفت الزميل الشاعر لؤي أحمد بإعداد ملف نوعي يشمل أبرز مناحي التميز في تاريخ ودور وإبداع هذه المدينة التي تغفو في أحلام كل الأردنيين بوجه عام، وفي ذكريات المثقفين منهم بوجه خاص.
ولأن هيئة التحرير الحاليّة التي أتشرّف بترؤسها، تعي كل الوعي الأهمية الاستثنائية لهذا الملف الذي يستغرق هذا العدد؛ فقد سارعت للاجتماع بحضور الزميل الشاعر لؤي أحمد الذي أطلع أعضاءَها على محتوياته، فثمّنت له جهده الجاد والملموس في إيفاء عروس الشمال الأردني ما تستحقه من الثناء والإشادة والفخر في كل الميادين.
وقد أسعدني الزملاء والزميلات في هيئة التحرير، بأن كلّفوني بإفراد افتتاحية هذا العدد الاستثنائي، للحديث عن ريادة إربد في حقل العلوم والتكنولوجيا، حتى تكتمل البانوراما الزاهية التي لم يدّخر كل المساهمين وسعًا لرسمها، سواء من زاوية التاريخ أو من زاوية الآثار أو من زاوية النهضة أو من زاوية الفنون التشكيلية أو من زاوية المسرح والموسيقى والمكتبات والترجمات أو من زاوية الإبداع السردي والشعري أو من زاوية التصوير الفوتوغرافي.
ومثل الآلاف من طلاب العلم في الأردن وكثير من أقطار الوطن العربي، فقد قيّض لي أن أشهد قصة النجاح الأكاديمي والعلمي الذي لم يقتصر على مدينة إربد فقط، بل تعدّاها حتى وصل إلى كل بيوت محافظات المملكة الأردنية الهاشمية وكل جامعاتها ومدارسها وهيئاتها الرسمية والأهلية، وأعني بهذه القصة إنشاء جامعة اليرموك وما أحدثته من حَراك علمي وثقافي واجتماعي، وما استقطبته من علماء وأكاديميين متميزين في الهندسة والرياضيات والكيمياء والصيدلة والعلوم الطبية مثل الشقيقين الدكتور علي نايفة والدكتور عدنان نايفة، وما ابتعثته من طلبة الدراسات العليا إلى أبرز الجامعات العالمية، وما رفدت به مؤسّسات الوطن من أساتذة وخبراء وموظّفين أكفياء.
وقد قيّض لهذه القصّة التي رسم ملامحها الأوّلية العالم والأكاديمي الفذ دولة الدكتور عدنان بدران، أن تكتمل وتتكامل عبر جامعة العلوم والتكنولوجيا التي رسّخت – حقيقة وليس مجازًا- عصامية العالِم الأردني وجدّيته وتفرّده، أردنيًا وعربيًا وعالميًا، وأطلقت في سماء إربد وسائر مدن الأردن، العديد من الأسماء المرموقة المتوهجة مثل: الدكتور كامل العجلوني والدكتور سعد حجازي والدكتور أحمد أبو الهيجا والدكتور أنور البطيخي والدكتور وجيه عويس، ناهيك بمراكز البحث ومستشفى الملك المؤسّس الذي يُعدّ مثالاً لما يمكن للجامعات أن تضطلع به على صعيد خدمة ورعاية المجتمع.
وأما بخصوص ما نشره الأكاديميون والباحثون في جامعة اليرموك والعلوم والتكنولوجيا فضلاً عن ما نشره زملاؤهم في جامعتي إربد الأهلية وجدارا، من أبحاث علمية محكّمة وكتب مرجعية مرموقة وما حازه بعضهم من براءَات اختراع لافتة، فإن الحيّز المتعارف عليه لهذه الافتتاحية لن يتّسع قطعًا، لأن الحديث يطول وسوف يذكرنا بضرورة المسارعة إلى توثيق إنجازاتنا البحثية والعلمية عبر العديد من الفهارس الدقيقة المتخصصة.
فهنيئًا لنا باختيار عروس شمالنا الأردني الأبيّ عاصمة للثقافة العربية، وطوبى لكل من أضاء شمعة في هذه التظاهرة الحضارية، وكلّنا أمل بأن نكون قد أسهمنا بدورنا الوطني والإعلامي والتثقيفي خير إسهام.