سعيد يعقوب*
إِلَى كُنْهِ مَا لَا نَفَاذَ لَهُ وَمَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُفْهَمُ
يُحَلِّقُ بِيْ السِّحْرُ سِحْرُ العُيُونِ وَيَأْسِرُنِيْ فَجْرُهَا المُعْتَمُ
فَأَسْرِقُ مِنْ نَارِهَا جَمْرَةً لِيَحْرِقَنِيْ ثَلْجُهَا المُضْرَمُ
وَأَغْرَقُ فِيْ عَالَمٍ مُظْلِمٍ لِيُنْقِذَنِيْ لُجُّهُ المُظْلِمُ
هُنَالِكَ حَيْثُ تُفِيقُ المُنَى فَأَغْفُو لَدَيْهَا وَأَسْتَسْلِمُ
وَتَشْرَبُنِيْ الكَأْسُ فِيْ صَحْوِهَا فَتَهْدِمُ مِنِّيْ الذِيْ تَهْدِمُ
يُبَعْثِرُنِيْ فِيْ المَدَى صَمْتُهَا وَيَجْمَعُنِيْ صَوْتُهَا الأَبْكَمُ
وَتَبْكِيْ المَسَافَاتُ مِنْ وَحْشَةٍ وَخَطْوِيَ مِنْ دَمْعِهَا يَبْسُمُ
فَمَا زَالَ سِيزِيفُ لَا يَشْتَكِيْ وَلَيْسَ يَمَلُّ وَلَا يَسْأَمُ
وَيَبْدَأُ مِنْ حَيْثُ كَانَ انْتَهَى فَصَخْرَتُهُ قَدَرٌ مُحْكَمُ
وَيَنْسُجُ مِغْزَلُهُ وَهْمَهُ وَتَنْقُضُ كَفَّاُه مَا يُبْرِمُ
كَأَنِّيْ أَسِيرُ بِغَيْرِ هُدَىً وَأَمْشِيْ إِلَى حَيْثُ لَا أَعْلَمُ
كَأَنِّيَ نَجْمٌ أَضَاعَ الخُطَا وَتَسْخَرُ مِنْ خَطْوِهِ الأَنْجُمُ
كَأَنِّيْ اعْتِرَافٌ لِمَا لَمْ يَكُنْ وَمَا ثَمَّ جُرْمٌ وَلَا مُجْرِمُ
فَمُدِّيْ يَدَيْكِ لِمُسْتَضْعَفٍ مِنَ الوَجْدِ وَالشَّوْقِ يَسْتَرْحِمُ
أَجِيرِيْ مِنَ البَرْدِ أَيَّامَهُ فَمَا البَرْدُ يَحْنُو وَلَا يَرْحَمُ
وَضُمِّيْ لِصَدْرِكِ أَحْلَامَهُ فَمَا زَالَ فِيْ دِفْئِهِ يَحْلُمُ
إِذَا أَنْتِ آزَرْتِ مِنْهُ القُوَى فَهَيْهَاتَ يَعْثُرُ أَوْ يُهْزَمُ
فَإِنِّيْ الغَوِيُّ الذِيْ لَمْ يَتُبْ وَإِنِّيْ أَنَا العَاشِقُ المُغْرَمُ
وَإِنِّيْ بِنَجْوِاكِ مُسْتَرْسِلٌ وَإِنِّيْ بِيُمْنَاكِ مَسْتَعْصِمُ
وَمَا قِيمَةُ العَيْشِ إِنْ لَمْ يَثُرْ لِيَرْشِفَ شَهْدَ الرُّضَابِ فَمُ
وَرُدِّيْ إِلَيْهِ شَبَابَ الرُّؤَى لِيَبْقَى فَتِيًّا فَلَا يَهْرُمُ
فَعَيْنَاكِ عُشْبُ الخُلُودِ الذِيْ دَعَاهُ لَهُ سِرُّهُ المُبْهَمُ
*شاعر أردني