د. حكمت النوايسة*
يُعدّ سليمان القوابعة من الروائيين المميّزين الذين يملكون صوتهم الخاصّ في كتابة الرواية، ذلك الصوتُ المطعّمُ بنكهة الحكّائين الأسلاف، مع نبرةٍ صحراويّةٍ قادمة من أرض هي آية في الخصب والجمال، الطفيلة، وهذه من المفارقات العجيبة في الحرف الذي يخطّه القوابعة في رواياته، رواياته التي تكاد شخصيته الخاصة تقفز من بين السطور فيها، ولكنّها ليس الأنا بتجربتها الخاصة، ولكنّها تلك الأنا الباحثة عن أمان الفرد في الجماعة، والجماعة في روح الفرد، كالبحث عن الراحة التعب، والبحث عن إلقاء عصا الترحال في (بلاد جبال) كما يسميها، وهي من الأسماء المعروفة للطفيلة/ جبالها وأوديتها.
من (بلاد جبال)، ومن الخطِّ الصحراويّ الذي يربطُ الجنوب بالشمال، ومن التجربة الفريدة التي خاضها مدرّسًا في المملكة المغربية وكانت تنتيجتها رواية شجرة (الأركان) وغيرها من الآثار التي تظهر هنا وهنا، من كلِّ هذا نسير مع سليمان القوابعة في تجربته الروائية، وفي هذا الملف الخاص بهذه التجربة، وهذا الملف الذي يسعدنا فيها أن نخبة مميّزة من النقّاد قد أسهموا في إضاءته، وهم الدكتور غسان عبدالخالق، والدكتور محمد عبيدالله، والدكتور عماد الضمور والدكتور سلطان الزغول، والدكتور عبدالله الكساسبة، وجاءت المواد التي أسهموا بها مميّزةً، متنوعةً، كفيلةً بإعطاء الصورة المتكاملة لهذه التجربية الروائية المميّزة.
هذا الملف هديّةٌ من مجلة أفكار لهذا الروائيّ ذي النكهة الخاصة، والصوت الوطني الإنساني الصافي، وقبل الولوج فيه لا بدّ من تقديم الشكر لكلِّ الأساتذة الأجلّاء الذين أسهموا في إنجازه بما أناروه من جوانب متنوعة في تجربة القوابعة الروائيّة.
*ناقد وشاعر أردني.