عامر الصمادي
إعلامي ومترجم ومدرب دولي
لعلَّ جيلَنا من الأردنيين ممن كانوا أطفالًا أو شبابًا في سبعينيات القرن الماضي وثمانينيّاته، ما زالوا يذكرون ذلك الصوتَ وتلك الصورةَ التي ارتبطت بذاكرة الرياضة الأردنية، فلا يمكن تخيّل أيّ حدثٍ رياضيٍّ دون وجوده أو سماعِ صوته مُعلّقًا عليه، هو أوّلُ من قدّم برنامج "المجلة الرياضيّة" التي مازالت تُبث حتى اليوم، بدأت بعشر دقائق وعندما أُحيل إلى التقاعد وصلت مدتها إلى ثلاث ساعات متواصلة من التغطية الرياضيّة، حيث كنّا نتحلقُ حول التلفزيون عصرَ كلِّ يوم جمعة لمتابعة المجلة الرياضيّة بكل ما فيها من إثارة.
محمد جميل عبدالقادر اسمٌ ارتبط بالرياضة الأردنيّة منذ تأسيس التلفزيون الأردنيّ، وتعود معرفتي به إلى نهاية السبعينيات من القرن الماضي عندما كنتُ في فريق المدرسة الرياضيّ، وكنتُ شغوفًا بمتابعة برنامج المجلة الرياضيّة؛ خاصةً سؤال الحلقة الذي كان يطرحه الأستاذ محمد جميل على الجمهور في نهاية الحلقة، ومن يعرف الإجابة يقوم بكتابتها وإرسالها برسالة إلى البرنامج عبر صندوق بريد التلفزيون؛ وهذا يعني أيضًا أنّني كنت أمشي مسافًة طويلًة للوصول إلى مكتب البريد وشراء الطوابع وإلصاقها على المغلف، ثم وضعه في صندوق خاص، لتصل بعد عدة أيام إلى التلفزيون. وكنت أواظب على إرسال الرسائل كلَّ أسبوع إلى البرنامج لكن دون فائدة ولم يحالفني الحظ بالفوز بأيِّ جائزةٍ حتى أصابني المللُ وتوقفتُ عن إرسال الرسائل، وفي إحدى حلقات البرنامج فوجئت باسمي فائزًا بجائزة البرنامج، ولا يتخيّل أحدٌ مقدار فرحتي يومها، وأصبحتُ نجمًا في الحارة والمدرسة، الكلُّ يهنئني على الجائزة التي لم أكن أعلم ما هي، وفي اليوم التالي اتصل والدي بالتلفزيون للاستفسار عن كيفية الحصول عليها، فقالوا له أن يصطحبني بعد أيام وإحضار إثبات شخصية وهذا ما حصل، ولأنَّ والدي لم يكن يمتلك سيارةً يومها، ومبنى التلفزيون بعيدٌ نسبيًّا فقد استقللنا تاكسي ووصلنا إلى التلفزيون، وبقينا ننتظر إلى أن حضر الموظف المعني، لكنّه طلب إلينا أن نعودَ في يومٍ حدّده لنا بسبب عدم وجود مسؤول اللوازم يومها، وهكذا عدنا بعد أيام بالطريقةِ نفسها، وتم منحي الجائزة وكانت عبارة عن "راديو ترانزستور" ثمنه لا يتعدى يومها الدينارين ونصف، لكنّه كان بالنسبة لي لا يُقدر بثمن، وبقيت أحتفظ به لسنواتٍ طويلة، حتى أنّني اصطحبته معي إلى جامعة اليرموك فكان مصدر متابعتي للأخبار، وأذكرُ أنَّ أهمَّ ما تابعته عبر ذلك الراديو كان خطاب المغفور له الملك الحسين بن طلال عام ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين حول فكِّ الارتباط مع الضفة الغربية، والذي استمر حوالي أربع ساعات، وكنت جالسًا عصرًا في حديقة مبنى (الفيلج) أي دائرة اللغة الإنجليزية، أتابعُ كلَّ كلمةٍ من ذلك الخطاب التاريخيّ.
في عام ألف وتسعمئة وستة وستين تخرّج محمد جميل من كلية التربية الرياضيّة في جامعة القاهرة، واختارته الكلية ليلقي كلمة باسم الطلبة (الشرقيين) كما كان يُطلق على القادمين من دول المشرق العربي، وعندما انتهى الحفل نادته عميدة الكلية لتقول له أنه يصلح أن يكون مذيعًا، ولم يكن في الأردن يومها بثٌ تلفزيونيّ، لكن هذه الملاحظة بقيت في نفسه، عاد بعدها إلى الأردن ليوفي التزامه بالعمل مع وزارة التربية والتعليم، فعمل منذ عام 1967 وحتى عام 1970 موجّها ومسؤولًا عن التربية الرياضيّة في محافظة العاصمة/ عمان.
العملُ الإعلاميُّ في التلفزيون
يقولُ الأستاذُ محمد جميل في مقابلة أجريتُها معه في مكتبه كرئيسٍ للاتحاد العربي للصحافة الرياضيّة: إنَّ الإعلاميّ الراحل رافع شاهين كان مُكلّفًا من طرف إدارة التلفزيون بمتابعة الأنشطة الرياضيّة بمدارس المملكة، فاستعان به كمشرف للرياضة كي يساعده في إعداد البرنامج، وبقي يساعده لأشهرٍ طويلة إلى أن أُصيب رافع شاهين بكسرٍ في قدمه منعه من تقديم البرنامج، فطلب مدير البرامج جواد مرقة منه أن يقدّم البرنامج، لكنّه تردّد فلم يسبق له أن قدّم برنامجًا أو تدرب على ذلك، كما أنَّ البرامج كانت تُبث على الهواء مباشرةً؛ مما زاد من صعوبة الموقف، لكن تشجيع إدارة التلفزيون وبعض الزملاء له؛ مثل يسار الدرة ومخرج برنامج الرياضة يومها الأرمني "هارتون أرتوريان"، سهّل عليه خوض التجربة، إضافةً إلى أنَّ رافع شاهين-رحمه الله- كان قد بدأ الإعدادَ لبرنامجه (جرّب حظك)، وهكذا أصبح مذيعًا، وتم تكليفه بتأسيس الدائرة الرياضيّة في التلفزيون، لكنَّ المشكلة كانت أنّه مشرفٌ تربويٌّ في وزارة التربية والتعليم، ويجب أن ينتقل إلى التلفزيون، رغم أنّه ملتزم لوزارة التربية، فعُرض الأمر على وزير التربية والتعليم يومها المرحوم ذوقان الهنداوي، فلم يوافق، وذلك لأنَّ الوزارة بحاجة لمشرف رياضيّ أكاديمي، وحينما عُيّن الدكتور إسحاق الفرحان وزيرًا للتربية والتعليم سهّل انتقاله إلى التلفزيون، وبقي فيه حتى نهاية عام 1989 عندما أُحيل إلى التقاعد.
رياضيٌّ منذُ الصغر
لعلَّ من أسباب نجاحه في الإعلام الرياضي هو أنّه كان رياضيًّا منذ الصغر، فقد كان يلعب كرة الطاولة، وهي اللعبة التي كانت منتشرة في مدارس الضفتين بكثرة، وحصل على بطولة المملكة للمدارس عام 1959، ثم انتقل ليلعب كرة القدم مع (النادي الأدبي/ نابلس) وأخيرًا توجّه لدراسة التربية الرياضيّة في جامعة القاهرة. وهكذا تميّز بأدائه الإعلامي عندما كان يُعلّق على الأحداث الرياضيّة، فهو دارسٌ أكاديميٌّ للرياضة وممارسٌ فعليٌّ لها في الملاعب.
عندما طارت الأوراق
يروي الأستاذُ محمد جميل قصةً طريفةً تدلل على أهميةِ أن يكون الإعلاميُّ متخصّصًا ومُحضِّرًا جيّدًا لموضوعه فيقول: في إحدى السنوات كان من المقرَّر أن يُعلّق في مهرجانٍ رياضيٍّ كبير في ستاد عمان الدولي، بحضرة جلالة المغفور له الكبير الحسين بن طلال، ويُبثُّ التعليقُ على الهواء مباشرةً، وكان من المقرَّر أن يدخل جلالتُه من باب كبار الزوّار إلى المنصة، بينما كان المعلّق يجلس كالعادة يومَها عند حافة الملعب، وأمامَه طاولةٌ صغيرةٌ يضع عليها أوراقه والميكرفون وشاشة صغيرة (مونيتور) لمتابعة الحدث الرياضيّ، كانت المفاجأة أنَّ المغفورَ له الملك الحسين هبط بمروحيته وسط ستاد عمان الدولي؛ مما أدى إلى تطاير كلّ ما حولها بسب شدّة الرياح التي تسببها المروحية، وكان أهمّ ما تطاير هي الأوراق التي أعدَّ عليها ما سيقوله خلال التعليق على المهرجان، مما اضطره للتعليق شفهيًّا ومن مخزونه المعرفيّ على المهرجان كاملًا، دون العودة لأيِّ نصٍّ مكتوبٍ ولم يكن هذا ليتمَّ لولا التخصّصُ والخبرةُ الكبيرة.
تأليفه الكتبَ الرياضيّة
في بدايةِ حياتِه العمليّة في وزارة التربية والتعليم ألّف محمد جميل كتابًا بعنوان (الألعاب الصغيرة) وكان ذلك عام 1968. ثم أتبعه بكتابٍ بعنوان (التربية الرياضيّة الحديثة ) عام 1974 . كما أسهم في كتابة مناهج التربية الرياضيّة وإعدادها لمدارس المملكة. وما زال يحاضرُ في الإعلام الرياضيّ منذ عام 1984 وحتى اليوم. وهو العامُ الذي حصل فيه على درجة الماجستير بالإعلام في جامعة القاهرة.
الإعلاميُّ الرياضيُّ المؤسّسُ
خلال مسيرتِه الإعلاميّة الرياضيّة أسّس عددًا من الدوائر الرياضيّة المهمة في الإعلام الأردني، بدأها بتأسيس الدائرة الرياضيّة في التلفزيون الأردنيّ، وبقي رئيسًا لها منذُ عام 1969 وحتى تقاعده عام 1989، ويُعزى إليه الفضلُ في توظيف عددٍ من الإعلاميين الرياضيين الذين أصبحوا نجومًا في الإعلام الرياضيّ فيما بعد؛ مثل: عثمان القريني وخالد الغول ومحمد قدري حسن، ولطفي الزعبي ومحمد المعيدي وغيرهم. كما أسّس الدوائر الرياضيّة في كلٍّ من الصحف التالية: صحيفة الرأي، والدستور، والشعب، والأسواق، والعرب اليوم، وصحيفة جوول، وكلّها صحفٌ يوميّة، وهذه الصحف خرّجت الإعلاميين الرياضيين في بلادنا.
لماذا لم تُبث إحدى مقابلاته مع المغفور له الملك الحسين بن طلال؟
يقولُ الأستاذُ محمد جميل إنّه قابل جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال خمسَ مراتٍ في حياته، لكنَّ أطرفها كانت المرة الأولى، وذلك عندما كان وفريق برنامجه في مدينة العقبة لتغطية مهرجانٍ للرياضة البحريّة هناك في بداية السبعينيات، واتصل به مدير التلفزيون محمد كمال ليبلغه أنَّ هناك مسيرة تأييد للملك حسين ستنطلق بعد ساعة، ولا وقت لإرسال فريق من دائرة الأخبار لتغطيتها، وبما أنَّه هناك طلب إليه أن يتوجّه إلى القصر الملكيّ لنقل المسيرة. وبالفعل وصلت المسيرةُ وخرج المغفور له الملكُ الحسين لاستقبالها، حيث صعد إحدى السيارات وبدأ بمخاطبة الجماهير، وكان على محمد جميل أن يتعلّق بطرف السيارة الواقفة بين الحشود ليرفع الميكرفون ليكون قريبًا من الملك، لكن الخطاب طال مما أدى إلى تعبه وإرهاقه، ولاحظ المغفور له ذلك، وعند انتهاء خطابه ربت على كتفه وطلب إليه الدخول معه إلى القصر، وشكره على صبره وتعبه، وهنا اغتنم الفرصة وطلب إلى المغفور له أن يخصّه بحديثٍ رياضيٍّ مطوّل، فوافق جلالة الملك وطلب أن يكون ذلك في اليوم التالي على يخته في عرض البحر. ويصف محمد جميل اللقاء قائلًا: إنَّه عندما بدأ بتوجيه أسئلته لجلالة الملك بدا عليه الارتباكُ والتوترُ، وهو يُمسك بورقة الأسئلة التي حضّرها، فما كان من جلالته إلّا أن طلب إيقاف التصوير وأخذ الورقة من يديه وألقاها في البحر وقال له: يا محمد أنت وأنا شباب ولا داعي للأسئلة المكتوبة، اسأل ما تريد وأنا سأجيب لكن بعد أن نقوم بجولة بحرية. وطلب إلى قائد اليخت أن يتجّه نحو الحدود البحريّة السعودية، وأخذ يشرح للفريق التلفزيوني ماذا يُخطّط كي تصبحَ العقبةُ مثل "الريفيرا" الفرنسيّة، وكان يقوم بتقديم المرطبات لهم بيده، حتى تأكّد أنَّ الرهبة زالت وأصبح الجوُّ وديًّا، عندها بدأ اللقاء وكان طبيعيًّا عفويًّا، وعند العودة إلى التلفزيون تم مونتاج اللقاء تمهيدًا لبثّه. ويتابع محمد جميل قائلًا: لكنّنا فوجئنا بقرارٍ من وزير الإعلام يومَها "عدنان أبو عودة" بعدم الموافقة على بثّه، ومرّت الأسابيعُ حتى كانت هناك مباراة "بولو" بين الأردن والباكستان في الزرقاء، شارك فيها المغفور له الملك الحسين والأمير الحسن- حفظه الله-، وذهبنا لتغطيتها، وعندما شاهدني جلالتُه سألني عن المقابلة، فقلتُ له إنَّها أوامرُ معالي وزير الإعلام؛ والسببُ أنَّ جلالته كان يرتدي "الشورت" على ظهر اليخت، فاستغرب جلالته وقال: أنا أريد توجيه رسالة لكلِّ الأردنيين بأهمية الرياضة، وأنَّ الملك نفسه يلبس "الشورت" لممارستها. وطلب إلى طيّاره الخاص "بدر الدين ظاظا" أن يذهب في اليوم التالي إلى التلفزيون لمشاهدة المقابلة ويبلغهم ببثّها، وهكذا كان.
وعندما سألتُه عن أبرز ما يذكره من حديث المغفور له الملك الحسين في ذلك الوقت، قال إنَّه لن ينسى إجابته له على سؤاله: ماذا تعني لك الرياضة؟ عندما أجابه: "إنها تعني لي الحياة!!! ولولا الرياضة لما استطعتُ القيامَ بأعباء الحكم كما أفعلُ الآن". وهذه كانت إجابةً متقدمةً جدّا في بداية السبعينيات من القرن الماضي.
ومن الطرائف الأخرى التي حصلت معه أنّه كان يعلّق على إحدى المناسبات الرياضيّة التي حضرها المغفور له الملك الحسين بمعية الملكة نور، وقام بالترحيب بهما لكنّه بدل أن يذكر الملكة نور ذكر الملكة علياء(التي كانت قد توفيت قبلها بسنتين) دون أن ينتبه لذلك، وما إن خرج من ستاد عمان حتى بدأ الناسُ يلومونه على ذلك، فاضطرب ولم ينم من القلق خشيةَ أن يتخذها البعضُ ذريعةً للإيقاع به، لكن ما حصل في اليوم التالي خفّف عنه، فقد كان الإعلاميُّ الكبيرُ الراحلُ "جبر حجّات" يقرأ خبر مغادرة الملك الحسين المملكة بزيارةٍ إلى دولةٍ ما، بمعية الملكة نور، لكنّه ذكر الملكة علياء بدلًا عنها، ممّا رسخ الاعتقاد أنّها فلتة لسان لا أكثر عندهما؛ بسبب تعلق الناس وقتها بالملكة علياء وحزنهم الشديد على وفاتها، ولم تتم محاسبتهما على ما كان يُعتقد أنَّه خطأٌ فادحٌ وقتها، وتم الاكتفاء بعقوبة التنبيه عليهما.
الإعلامُ الرياضيُّ بين الماضي والحاضر
خلالَ حديثي الطويل معه سألتُه عن رؤيته للإعلام الرياضيّ حاليًّا، وكيف يقارنه بما كان عليه الوضع سابقًا فقال: في أيامنا كنّا نجاهدُ ونسهرُ الليالي للإعداد والتحضير ثم التصوير، وبعدها مونتاج الأفلام بالطريقة القديمة، حيث يقوم المونتير باستعراض النيجتيف، ثم قصّ اللقطات غير المرغوبة وإعادة لصقها مع اللقطات الأخرى يدويًّا، باستخدام المِقصات ومواد اللصق وغيرها، فكانت عملية المونتاج تستغرقُ وقتًا طويلًا، كما أنَّ الكاميرات كانت ثقيلةً جدّا، ولها جهازُ تسجيلٍ خارجيّ يحمله شخصٌ آخر، بينما اليوم هناك ثورةٌ تكنولوجيّة غيّرت من مفاهيم العمل الإعلاميّ وأصبح أسهلَ بكثيرٍ، لكن لم يرافق ذلك تطورٌ واضحٌ بالأداء والمعرفة، والشكل التلفزيوني للإعلام الرياضي. كما أنّ التطوّر التكنولوجيّ الموجود حاليًّا يُعتبر ثورةً بالنسبة لما كان بين أيدينا من معداتٍ قديمة وقتها، فمثلًا الكاميرات التي كنّا نستعملها كانت كبيرةَ الحجم وثقيلةَ الوزن، وأعطالها كثيرة، وكنّا نتعرضُ لمواقفَ مُحرجةٍ جدّا، وأذكرُ أنّنا كنّا نصوّر سباقًا للضاحية برعاية الأمير رعد بن زيد، وعندما أعطى شارة البدء انطلقنا مع المتسابقين لنكتشفَ في الطريق أنَّ الكاميرا لا تعمل، وبقينا نوهم المتسابقين أنّنا نصوّر، حتى تم إصلاح الكاميرا، ثم طلبنا من الأمير أن يعيد إطلاق شارة البداية مرة أخرى، وقمنا بعمل المونتاج اللازم، وتقبل الأمير رعد ذلك بكلِّ رحابةِ صدر.
أداءُ الإعلام الرياضيّ حاليًّا
وحول أداءِ الإعلام الرياضيّ هذه الأيام يقول: إنَّ هناك فرقًا شاسعًا بين أوضاعنا سابقًا وأوضاع الإعلاميين حاليًّا، فلم يصل الأداءُ الإعلاميُّ الرياضيُّ حاليًّا المستوى المطلوب رغم كلّ التقدم التكنولوجيّ، وتنوّع مصادر الحصول على الأخبار واللقطات وسبل التدريب والاطلاع على قدرات الآخرين، وكان يجبُ أن يواكبَ كلَّ هذا التقدم تطورٌ في الأداء والتعليق والتحليل الرياضيّ وغيره.
نصيحةٌ للإعلاميين الرياضيين
يقول الأستاذُ محمد جميل إنَّ أهمَّ ما يجب أن يتمتع به الإعلاميّ الرياضيّ هو حبُّ الرياضة، وأن يكون شغوفًا بها، وأن يكون ممن مارسها كلاعبٍ، أو درسها أكاديميًّا؛ فهذا يُعطيه بُعدًا إضافيًّا ومعرفةً علميّةً أوسع، فالرياضةُ أصبحت جزءًا أساسيًّا من حياة البشر، وانتشارُها واسعٌ جدّا، وتأثير الرياضة على الشباب أكبر بكثير من السياسة، وبالتالي المسؤولية أكبر على عاتق الإعلاميّ الرياضيّ، وهناك مسؤوليةٌ على عاتق الدولة بتوسيع الاهتمام بالرياضة بشكلٍ رسميّ؛ فمثلًا في ألمانيا لا تتم ترقية الشخص إلى وظيفة أعلى إلا بعد اختبار لياقة بدنية، ويجب أن لا يكون هناك واسطة في الرياضة على أيِّ مستوى، خاصةً الإعلام الرياضي.
المواقعُ الحاليّة والسابقة
ما زال محمد جميل يشغل منصبَ رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية منذ عام 2005. وقبلها كان يشغل منصبَ رئيس الاتحاد الأردنيّ للإعلام الرياضيّ منذ عام 2001 وحتى عام 2017، وقبلها رئيسًا لرابطة الإعلام الرياضيّ الأردنيّ منذ عام 1984 وحتى عام 1990. وعمل نائب رئيس اللجنة الإعلاميّة في الاتحاد العربي لكرة القدم منذ عام 1980 وحتى عام 2010 .ورئيس تحرير مجلة الكرة العربيّة التي تصدر عن الاتحاد العربي لكرة القدم لسنواتٍ طويلة. وعضو اللجنة الأولمبية الأردنيّة والمكتب التنفيذيّ لأكثر من دورةٍ أولمبية.
ومن أعماله التطوعيّة:
- كان عضوًا وأمينًا عامًّا وأمينًا لصندوق الاتحاد الأردني لكرة القدم منذ عام 1974 وعلى فترات حتى عام 1989.
- رئيس اتحاد الرياضة للجميع من عام 1998 وحتى عام 1999
- نائب رئيس اتحاد المعلّقين والمذيعين الرياضيين العرب منذ عام 1976.
- رئيس نادي عمان منذ عام 1984 وحتى عام 1997، في عهده فاز النادي ببطولة الدوري الممتاز لكرة القدم عام 1984، وفاز 7 مرات ببطولة أندية المملكة لكرة اليد، وتقاسم مع نادي "الاستقلال" بطولات المملكة بألعاب القوى لسنواتٍ طويلة، وفاز ببطولة أندية المملكة للسيدات بكرة الطاولة سنواتٍ طويلة.
التغطيات الإعلامية
خلال مسيرتِه الطويلة شارك بتغطية عددٍ من الأحداث الرياضيّة المهمّة على مستوى العالم، منها عددٌ من الدورات الأولمبيّة وبطولات كأس العالم، والعديد من الدورات الرياضيّة الآسيويّة والعربيّة، وعشرات البطولات العربيّة والآسيويّة .
الأوسمة:
حصل خلال حياته على عددٍ من الأوسمة والجوائز منها :
- جائزة تقديرية من لدن جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين .
- وسام سمو الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز رئيس الاتحاد العربي لكرة القدم في التعليق الرياضي .
- فاز بجائزة الدولة التقديريّة لأحسن موضوعٍ سياسيٍّ لطلاب وطالبات الجامعات والمعاهد العليا المصريّة (مؤتمرات القمة وقضية فلسطين).
- وسام التميّز من فخامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وما زال الأستاذُ محمد جميل عبدالقادر شعلةً من النشاط الإعلاميّ، يقضي وقتَه بين عمله في متابعةِ الأحداثِ الرياضيّة وبين متابعة شؤون أولاده الثلاثة: طارق الذي يعمل مديرًا للبرامج في محطة "عمان تي في"، وهو الوحيدُ الذي اتّجه للعمل الإعلامي بعد حصوله على الماجستير في الإعلام، أمّا ابنتاه أنجاد وزينة فتعملان في مجالات الكمبيوتر والإدارة، وله تسعة أحفاد يقضي أمتع أوقاته معهم، والغريب أنّه ليس من بينهم من يهتم بالرياضة إلّا واحدٌ فقط.