شعر: عمر أبو الهيجاء
شاعر أردني
قبل أكثر من غياب
لمّا نامَ الليلُ على الكتفِ
نثرتُ القلبَ على مداخلِ البلادِ
رُحتُ من بُعد البعادِ
أقرأ فراغَ العُمر في الخطوِ
مشيتُ يسبقني الصوتُ إلى المنافي
وطنٌ يدقُّ أبوابه
أكثر من ستين رمحًا
ولم أنتبه لإيقاعِ الرّيح أوّل الطَّوفان
لم أنتبه لوجه أمّي في مفرزةِ الطين.
وعلى سُنةُ الماءِ الرحيمِ
رأيتُني كهلًا في كهفِ الأرضِ
أرضٌ وسِعتْ كلّ شيء إلّاي
ولم أنلْ ملامسة أعالي التراب
لم أنلْ مراسيم الورد
عندَ أطرافِ الحلمِ
كُنتُ مثل كومة قشٍّ أدركتها النّار
ولم أرَني في الرَّماد.
قبل أكثر من اغترابٍ
أعلمُ عن ظهرِ ضُحاي وتواريخ الرُّؤى
أعلمُ غُموضَ الأشياءِ في سلّةِ الكونِ
كُنتُ على قيد الريحِ المخبّأةِ في ثيابي
حينَ درّبتُ الأصابعَ على الطيرانِ
درّبتُها على الكلام
وأنْ تشم وجهَ الليلِ في ممكنِ الإيقاعِ
كُنتُ عاريًا من دمعِ الأمِ
عاريًا من احتمالاتِ
الماءِ في تأثيثِ الجسدِ
رملٌ يحوّم بي حتى آخر السراب
رملٌ يحشدُ الذبابَ في رأسي
.. ولم أنَمْ
يا الله.. ثقُلتْ عليّ موازيني
ثقلَ عليّ فحيح الأفاعي بدمي
ثقل عليّ الفقدُ
ثقل عليّ الحلمُ
ثقل عليّ الوعدُ
ثقل عليّ السّلمُ
ثقلتْ عليّ الحرابُ
ثقل عليّ الغيابُ
ثقلت عليّ الأغنيات
وثقلتْ عليّ
آهٍ كم ثقلتْ عليّ الحياةُ.