الميتاسرد والتاريخانيّة الجديدة ‏ في قصيدة "ذات الأبواب" للشاعر نزار عوني اللبدي ‏

 

‏ ليث سعيد الرواجفة

باحث وطالب في مرحلة الدكتوراه- اللغة العربية وآدابها- ‏الجامعة الهاشمية

 

يعدُّ الخطاب الميتاسردي في قصيدة "ذات الأبواب" كتابةً قائمةً على المركزيّة الذاتيّة ‏وسبر أغوارها، ومن جانب آخر ارتكزت سرديّة القصيدة في بنائها على الحوار ‏والسَّرد معًا، متخذة من السَّرد أداة محوريّة لنقل التجربة الشعرية إلى الذات المتلقِّية، ‏والهروب من الغنائية الذاتية المنعزلة عن الآخر إلى الدراميّة الموضوعيّة. وأمّا النَّسق ‏المُضمر من استقراء النص بأكمله فيُحيل إلى أنَّ كل باب من هذه الأبواب يشكِّل هويّة ‏معيّنة ضمن حقول دلاليّة خاضعة لثقافة تاريخانيّة تحتاج إلى نبش ومُحاسبة، وكتابة ‏جديدة. ‏

 

ميتاسرديّة القصيدة

يقف وراء الميتاسرد قصديّة الشاعر التخييلية التي تكبر في بؤرة وعيه؛ لتتشظى في ‏عالم لاوعي المتلقي من خلال توظيف بعض الأدوات السردية التي تكشف خدع النص ‏الكامنة بين بنياته الدقيقة، وذلك يكون بالحديث عن الكتابة وهمومها وتحدياتها داخل ‏فضاء النص الشعري، ويمتاز النص الميتاسردي بمعجمه الذي يشير دائمًا لوجود ‏الأقلام أو الأوراق، أو مسودات لبعض العبارات والنصوص، أو لشخصيات بعض ‏الأعمال الأدبية الخاصة بالمؤلف، وغيرها فيما يخص الهم الإبداعي(1)، وفي قصيدة ‏‏(ذات الأبواب) حضر المعجم الميتاسردي (حرفيًّا) في موضعين هما: ‏

أولًا: ورمٌ بذاكرتي، وفي كفّي قلمْ،

ثانيًا: ورمٌ، قلمْ، ‏

كما أنَّ المشهد الذي بدأت به القصيدة احتضن ميتاسردية بشكل غير مباشر/ غير ‏معجمي بيّنت للمتلقي حال صاحب النص الذي أحال إليه إيقاع كلمة (أورامي) ‏المتطابقة مع إيقاع (أوراقي) المسندة إلى الفعل (لملمت) الخاص بالورق تداوليًّا، ‏فالأورام هي رواسب تاريخية مؤلمة تركت آثارها الخبيثة حتى عصرنا هذا، وهي ‏التي حاول الشاعر التداوي أو الهروب منها، لكنه وجد نفسه بهروبه قد أقبل عليها ‏ليفصِّلها، ويبوِّبها بحسب حقول معيَّنة منها ما هو خيالي أدبي، ومنها ما هو تاريخي ‏مادي حقيقي، وإقبال الشاعر على هذه الأورام كان منبثقًا من موقفين هما: الأول حين ‏شبّه الأورام بالشيء الذي يمتلكه ومن ثم جمعه في حقائبه بغية السفر به إلى عقل ‏ووجدان القارئ. والثاني من خلال تصنيف حقائبه التي حزمها والتي تجاوزت ‏الثلاثين حقيبة، عشرين منها ما هو لا خير فيه من كل شيء (من سقط المتاع)، ‏وعشر حقائب من الحب المتشكل في الأحلام والرؤى فقط، وهذا يعني أنَّ الحقائب لا ‏خير فيها سوى بالخيال. ومن ناحية إحصائية يرى الباحث أنَّ دلالة هذا الرقم مرتبطة ‏بالنَّسق المضمر في بناء القصيدة التي سيكشف عنها البحث في النهاية، وهي بر ‏الوالدين، التي تشير إلى وجود ذريّة صالحة تنهض بالأوطان وتحافظ عليها، فبنية ‏الأسرة الصالحة هي التي تشكل الأمة القوية، ودليل ذلك قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا ‏الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ ‏شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي ‏أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ ‏إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[الأحقاف، 15]. ‏

ويعدُّ الخطاب الميتاسردي في هذه القصيدة كتابة نرجسية كما يطلق عليها أحيانًا، ‏قائمة على المركزية الذاتية وسبر أغوارها، حيث نلحظ فيها أنَّ الشاعر يعمد لفضح ‏لعبته السردية من خلال التعليق عليها واللعب بأحداثها وتحريك شخوصها، إضافة إلى ‏أنَّ تقنية الميتاسرد أكثر مصداقية؛ فمن خلالها يُبرم عقد الثقة بين المؤلف والقارئ ‏علمًا أنَّ كلاهما على يقين بأنَّ هذا النص ما هو إلا مجرَّد لعبة يبتكرها المؤلف في ‏حيِّز لاوعي القارئ؛ لتمرير رؤيته الخاصة لنفسه والعالم أيضًا(2)، وذلك كان جليًّا ‏في وصف حالته النفسية والجسدية قبل الكتابة بكل تفصيل، ولم يغفل الجوانب ‏المعنوية والعاطفية والمادية الملمّة به، بغية عقد الثقة بينه وبين القارئ، وذلك حين ‏قال: ‏

ورمٌ بذاكرتي وفي كفّي (حبوبُ مَسَكِّنٍ)،

عيناي تنتقلانِ في ولهٍ وزيغْ،

ما بينَ أبوابِ الزمانِ وحبّةٍ في الكفِّ،

والورمُ الخبيثُ يدوسُ أعصابي ويغزوني السوادْ،

بحرٌ، طيورٌ، رملُ صحراءٍ، مكانٌ، لا مكانْ،

ورمٌ، قلمْ،

طفلٌ يصيحُ، صلاةُ أمٍّ، ألفُ بابٍ يصطفِقْ.‏

سرديّة القصيدة ‏

اتَّسم الخطاب الشعري في هذه القصيدة بنَفَس سرديّ، وكانت عناصر السرد وأساليبه ‏واضحة المعالم والأبعاد، واقتربت مقاطعها من القصة القصيرة جدًا من حيث بنائها، ‏وشخصيّاتها، وحبكتها التي بدأت من لحظات التأزُّم في كل حكاية قصيرة جدًا طرقت ‏أبوابها المغلقة معتمدة على عنصري التشويق والإثارة، وارتكزت سردية القصيدة في ‏بنائها على الحوار والسرد معًا، متخذة من السرد أداة محورية لنقل التجربة الشعرية ‏إلى الذات المتلقِّية، فضلًا عن أنَّ السرد يُعدُّ مظهرًا من مظاهر الهروب من الغنائيّة ‏الذاتيّة المنعزلة عن الآخر إلى الدراميّة الموضوعيّة، ذلك أنَّ الشاعر –عمومًا- ما عاد ‏كائنًا يتقصّد بغناء الذات واستغاثاتها؛ بل أخذ يعرض، ويقص، ويروي، ويحاور، ‏ويقوّض، ويبني.‏

وترتبط الأساليب السرديّة في قصيدة "ذات الأبواب" بتقديم النص بوضعية السارد ‏‏(الراوي) أو مظاهر حضوره، وهي تتأرجح بين نوعين هما: أسلوب السرد ‏الموضوعي، وأسلوب السرد الذاتي؛ إذ يتبنى السرد الموضوعي صيغة التعبير عن ‏الآخر (الغائب)، بينما يتبنى السرد الذاتي صيغة التعبير (الأنا) الحاضرة، ويتم ذلك ‏وفق رؤية سردية للحدث المنبثق عن شخصيات في زمان ومكان ربما يكونان ‏واقعيّين أو غير واقعيّين، أمّا بالنسبة للشعر فلا بدّ من أن يكون هناك انتقال من ‏الواقعي إلى غير الواقعي، أو ما يمكن تسميته (المتخيَّل) على الرغم من أنه يذكر مكانًا ‏وزمانًا وشخصيات وأحداثًا من الواقع، وهذا ما صرّح به النص: ‏

أم في الزمانِ ولا مكانَ سوى المكانْ؟

فالقصيدة سوف تأخذ المتلقي في رحلة تطوّف به الزمان، فيتعرَّف على أحداث ‏وشخصيّات حقيقيّة، دون الخضوع لسلطة المكان التي تعني الثبات والجمود والانغلاق ‏والانحسار؛ فالمكان محدود ومقيَّد، أمّا الزمان فغير محدود وحرّ، قد يسير بحركة ‏تصاعدية أو استرجاعية أو استشرافية أو بانورامية، وغيرها. ومن مظاهر السرد ‏الذاتي ما ورد على لسان الشاعر/ السارد قوله: ‏

لملمتُ أورامي، حزمتُ حقائبي،

‏.....‏

ورمٌ بذاكرتي، وفي كفّي قلمْ،

‏.....‏

ورمٌ بذاكرتي وفي كفّي (حبوبُ مَسَكِّنٍ)،

عيناي تنتقلانِ في ولهٍ وزيغْ،

‏.....‏

والورمُ الخبيثُ يدوسُ أعصابي ويغزوني السوادْ،

‏.....‏

أورامُ ذاكرتي ينوء بها الفضاءُ،

‏.....‏

ورمٌ بذاكرتي، قديمْ،

ورمٌ جديدْ.‏

أصحو على نخسِ الرّماحِ لوجنتيّْ

يهوي عليَّ السيفُ،

وانفجرتْ بذاكرتي الرياحُ،

‏.....‏

يشتدُّ بي ورمي الخبيثُ، أصي يـ يـ يـ حُ:‏

‏- يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا اللهُ، عفوكَ!‏

إنَّ تتبُّع السرد الذاتي في القصيدة بيَّن وظيفة هذا السرد؛ فقام بتقديم الحدث عبر رؤية ‏شخصيّة قصصيّة غير مشاركة في صنع الحدث، بل كانت مراقبة له، ومعلّقة عليه ‏وفق أيديولوجيا متعجبة وساخرة وناقدة؛ إذ إنَّ السارد كان هو المتكلم بلسانه، ولم يكن ‏شخصًا من شخوص السرد الفاعلة. ‏

وذلك على النقيض تمامًا من السرد الموضوعي الذي قدّم قصصًا قصيرة جدًا مكتملة ‏الأركان، ومحمّلة بتقنيات: التكثيف، والحذف، والتلخيص، والقفزات والفجوات ‏الزمانية والمكانية، والدلالية، ومن الأمثلة على السرد الموضوعي المتمثل بأصوات ‏مستقلة عن صوت السارد/ الشاعر في القصيدة: ‏

صوت الطّرقات والأفق: ‏

بحـــرًا تسـافرُ، أم ترافقكَ الطيورْ؟

أم تلقفُ الصحراءُ رَكْبَكَ من جديدْ؟

أم في الزمانِ ولا مكانَ سوى المكانْ؟

صوت حكاية شهرزاد الجديدة لشهريار: ‏

‏- قد كان يا ما كانَ، يا ملِكي السعيدْ،

رجلٌ يُقالُ لهٌ فُلانْ،

وأميرةٌ، وعواذلٌ، إنسٌ وجانْ،

ويدور دولابُ الحكايةِ:‏

‏- يمرحون، ويغضبونْ،

يتآمرونَ ويَقتلونَ ويَحلمونْ

ويسافرون إلى أقاصي الأرض في لمح البصرْ.‏

صوت أشرعة القدر لصقر قريش: ‏

‏- منذ الولادِ أنتَ منذورٌ لهذا اليومِ،

فانصُبْ رمحكَ الآتي من الشرقِ العتيدْ،

ستُظِلُّهُ زيتونتانْ،

واعْقِدْ لواءَكَ ها هنا،

وادخلْ بِحُزْنِكَ قُرطُبةْ،

وارسمْ على أسوارها

وجهًا لطفلٍ ضاع في ليلِ الفراتْ!‏

‏- يا صقرُ،

ثاراتُ القبيلة لا تنامْ،

ودمُ الحسينِ على ثيابِ يزيدَ،

صوتًا ما يزالْ،

يرجو قبيلَ الذبحِ بعضَ الماءِ،

ما زال الظمأْ،

يمحو مآثرَنا بطوفانِ الدّماءْ!‏

وتُعيدُ أمجادَ القبيلةِ أنتَ في تلك البلادْ،

كي لا يُقالَ الصقرُ كذَّبَ جدَّهُ،

وانشقَّ عن جسدِ القبيلةِ واستراحْ.‏

صوت صاحب الوجه الذي تشوّه بالنّدوب: ‏

‏- يا سيدي، خُذني إلى دار الخلافةْ!‏

حَذِرًا تلفَّتَ وانكفأْ

ومضى يغُذُّ الخطْوَ مُتَّشِحًا بأثواب الظلامْ،

قالتْ خطاهُ العاثرةْ:‏

‏- هو جعفرُ!‏

‏- مَن جعفرُ؟

يتقاطرونَ كما الجرادِ بإثرِهِ، ويُهَرْوِلُ،

هي فتنةٌ، هي فتنةٌ،

هو رُعبُ هاتيكَ القصورِ الشامخةْ.‏

صوت هارون الرشيد: ‏

‏- مُلكٌ عَضُوضْ!‏

صوت الذين سدّوا الأفق: ‏

‏-ها أنتذا في الرّملِ مدفونٌ، ورأسُكَ في الهواءْ،

عيناكَ داميتانِ،

يقتلكَ الظمأْ

لكنَّ وَجْدَكَ جمرةٌ،

ودماغَكَ المسكونَ بالأورامِ يخترقُ الزمانْ-‏

‏....‏

وتهتفُ ضارعًا:‏

‏- بِلقيسُ، جئتكِ من سليمان الحكيمْ،

قد باح هدهدُهُ بسرِّكِ، فانظري ما تفعلينْ!‏

صوت بلقيس: ‏

بلقيسُ تحزنُ من جديدْ:‏

فأرٌ أضاعَ حضارةً،

فأرُ يشقُّ اليومِ قصركِ غُرفتينْ!‏

صوت هاجر: ‏

تذرفُ دمعةً، وتقولُ (هاجَرُ):‏

‏- أهو من أمرِ السماءْ؟

‏....‏

‏- إنّي بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ

وهبتكَ فلذتي،

فاجعلْ له شعبًا، وزرعًا..‏

صوت عفريت الأرض: ‏

‏- يا سيدي،

هل كنتَ تدري حين خاطبتَ السماءْ

أنَّ الدُّعاءَ سيشملُ البترولَ في آتي الزمانْ؟!‏

صوت بكاء الرِّمال: ‏

‏- ما أظلمَ الإنسانَ إذْ حملَ الأمانةَ ثمَّ خانْ!‏

ما أظلم الإنسانَ إذْ...‏

إنّ تعدُّد الأصوات السابقة انبثق عن صوت واحد، وهو صوت الراوي/ الشاعر، الذي ‏اتَّخذ من الأصوات الأخرى أقنعة اختبأ خلفها، كما أنها لم تكن متساوية في الإيقاع ‏والغاية والأثر والطول (الحجم)، وانعدمت عنها سمة (ديمقراطية السرد) التي تعني ‏انعدام حضور البولوفونية السردية؛ وهذا الانعدام ليس سلبيًّا، بل كان جماليًّا سلّط ‏الضوء على ورم من الأورام أكثر من الآخر، والأورام الأخرى كانت داعمة ‏لأيديولوجيا الورم المُهيمن على الذاكرة والوجود والذات. ‏

فمثلًا، صوت أشرعة القدر لصقر قريش كان أطول الأصوات وأكثرها هيمنة في ‏القصيدة؛ وذلك لأنَّ صوت الشاعر المتألم، وصوت الطرقات والأفق، وصوت ‏شهرزاد كل هذه الأصوات قد مهَّدت له، وترك أثره على نبرة صوت صاحب الوجه ‏الذي تشوّه بالندوب، وصوت هارون الرشيد.... إلى آخر الأصوات، وهذا ما سيتم ‏تفصيله عند دراسة التاريخانيّة الجديدة. ‏

تاريخانيّة القصيدة الجديدة(3)‏

بعد معرفة هيكل القصيدة الفنّي وأركانها البنائيّة (الشكليّة)، لا بدَّ من الدخول في بنائها ‏الموضوعاتي، الذي عكس أبعادًا أيدولوجية وفكرية من المفترض أن تكون مضمرة ‏تُثير تساؤلات وفرضيات في نفس المتلقي؛ لكن الميتاسرد الذي من خلاله قد وضع ‏الشاعر نفسه في موضع المتلقي لجميع (الأورام) التي تُعدُّ إفرازات تاريخية وتراثية ‏‏(دينية وأدبية وسياسية) هو الذي تسبَّب في تعرية جوانب محدَّدة دون غيرها، في ‏انتظار دور القارئ وحدسه وفراسة ذهنه الثقافية في تعرية ما تبقى. ‏

والإشكاليّة الأساسيّة هي الهويّة بوصفها موضوعة رئيسة في القصيدة التي انبثقت ‏من العنونة وجماليّتها: "ذات الأبواب"؛ فمفردة (ذات) لا تعني (نفس) بل تعني (هويّة) ‏هذه الأبواب التي سيطوف القارئ بها رفقة الشاعر، وبذكاء استخدم الشاعر قوله: ‏‏(وتصافقتْ أبوابُ ذاكرةِ الزمنْ) كي يوهم القارئ بأنَّ الأبواب التي سيتحدَّث عنها هي ‏مجرَّد أبواب طَرَقها بذاكرته، وما زالت تأنّ طَرقات أبوابها في عقله؛ ولكن النسق ‏المضمر من استقراء النص بأكمله يحيل إلى أنَّ كل باب من هذه الأبواب يشكِّل هويّة ‏معيّنة ضمن حقول دلاليّة خاضعة لثقافة تاريخانيّة تحتاج إلى نبش ومحاسبة، وعدم ‏التسليم بها، وكتابتها من جديد. ‏

ونبدأ بأول هذه الأبواب: (باب إلى أحضان فتنة شهرزاد)، وهو مستوحى من عالم ‏ألف ليلة وليلة، وجاء في نسقيّة متماهية مع نسقه الأصلي في حيّزه التاريخي الأدبي، ‏فشهرزاد حكاياتها كذوائبها (شعر مقدِّمة رأسها) سكرى تترنَّح في كل ليلة أمام مخيّلة ‏الملك (شهريار)؛ وذلك لأنها تريد التمتع بالحياة والعيش أكثر، فشهرزاد هي الأنثى ‏الإنسانة فقط، وليست الشعب، أو الحرية، أو الروح الثورية، كما عند البياتي في ‏ديوانه: (الموت في الحياة)، ويوسف الخال، وتيسير السبول في قصيدته: (ما لم يقل ‏عن شهرزاد)، وعبدالرحيم عمر في قصيدة: (كيف ماتت شهرزاد) وغيرهم.‏

بيد أنَّ التناص في قصيدة (ذات الأبواب) كان لغايات أعمق ممّا ذهب إليه بعض ‏الشعراء، وهو تاريخانية هذه الحكاية الغائبة عن أذهان أغلب النقاد، ولم أجد بينهم مَن ‏نظر إلى شهرزاد على أنها رمز يشير إلى فتنة الدنيا واللهو فيها وضياع الوقت، فالله ‏تعالى قال: ﴿‏‎ ‎وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ‏الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا‎ ‎‏﴾ [الكهف، 45]، ‏وقال جل جلاله: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي ‏الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ‏وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ ‏الْغُرُورِ﴾[الحديد، 20]، وقال الرسول الكريم: (اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ ‏بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر). ‏

إنَّ تاريخانية شهرزاد الأدبية تقول: إنَّ الملك شهريار ألهته شهرزاد بغية تمتعها ‏بالحياة، والنجاة من سيف سيّاف النساء، وهذا ما تم توظيفه حرفيًّا في القصيدة، بيد أنَّ ‏القراءة الثقافية التاريخانية الجديدة للنص الحديث الذي وظّف (شهرزاد) يتوجب النظر ‏إلى واقعه العربي في بيئته الآنية التي تقول إنَّ الشعوب حالها رادف حال الملك ‏شهريار في اللهو وإضاعة الوقت والجريان خلف الخيال وإهمال الواقع، وهذا ما ‏أوصل الشعوب إلى ما هي فيه الآن من استهلاك دون إنتاج، وانشغال في سبل العيش ‏فقط، وزاد من حدة الأنانية الفردية التي بدورها قد أشاعت التغوُّل وأدَّت إلى موت ‏الإنسانية وإهمال الوظيفة الأساسية في بناء الأوطان ونهضتها، فالإنسان هو خليفة الله ‏على الأرض وكل امرئ ملك في مجاله (مثل شهريار)، وهذا الملك ألهته فتنة الحياة ‏‏(شهرزاد) وترك وظيفته وقضيته أدراج الرياح.‏

وهذه الرؤية تفتح بابًا جديدًا وهو: (بابٌ إلى ميناء دنيا السندبادْ)، وقد ظهرت ‏شخصية السندباد في الليلة الثانية والستين بعد الخمسمئة من ليالي (ألف ليلة وليلة)، ‏يبدأ السندباد البحري في سرد/ قص أولى سفراته على سمّاره وجلسائه وعلى السندباد ‏البري بقوله: "اعلموا يا سادة يا كرام أنه كان لي أب تاجر وكان من أكابر الناس ‏والتجار وكان عنده مال كثير، ونوال جزيل، وقد مات وأنا ولد صغير، وخلف لي ‏مالًا وعقارًا وضياعًا، فلما كبرت وضعت يدي على الجميع، وقد أكلت أكلًا مليحًا، ‏وشربت شربًا مليحًا، وعاشرت الشباب، وتجمّلت بلبس الثياب، واعتقدت أن ذلك يدوم ‏لي.. ولم أزل على هذه الحالة مدة من الزمن، ثم أني رجعت إلى عقلي، وأفقت من ‏غفلتي، فوجدت مالي قد مال وحالي قد حال، وقد ذهب جميع ما كان معي.. وقد ‏خطر لي السفر إلى بلاد الناس"(4). نلاحظ من هذا المدخل المُعرّف بشخصية السندباد ‏البحري الذي وظّفه الشاعر في القصيدة، أنَّ التاريخانية الأدبية وظَّفها كما هي حرفيًّا.‏

لكنَّ الخيال المتخيَّل كان أعمق وأبعد في توظيف السندباد وسفينته في السياق الشعري ‏السردي، ويكشف هذا العمق التاريخانية الجديدة للنص الحديث الذي وظّف (السندباد)، ‏فالقراءة الثقافية من منظور التاريخانية الجديدة تفرض ضرورة قراءته في نسقه ‏الثقافي والاجتماعي البيئي المستمد من المشرق العربي؛ فالسندباد ليس رمزًا للثورة، ‏أو الحرية، بل هو يمثّل كل مستنير صاحب كفاءة فرّ من بلاده عابرًا بحارًا ‏ومحيطات تجاه أرضٍ تُقدّر قيمته وعلمه ومكانته، فكل أبناء جلدته مفتونون بالدنيا ‏‏(شهرزاد) وملذاتها وخيالاتها، مثل (شهريار)، أمّا هؤلاء المستنيرون هم أمثال ‏‏(سندباد) الذي ينظر إلى تغيير وتطوير وطنه من مكان بعيد، وربّما من أرض العدو، ‏ودليل ذلك من النص قوله: (ليعودَ منتشيًا إلى بغدادَ، تملؤه الحياةْ)، أمّا التعجُّب الساخر ‏‏"إلا سفينةَ سندبادْ (يا سبحان الله!!)" هو سخرية من السخرية؛ أي سخرية ممّن ‏يسخرون من سندباد وسفينته وجهوده ومثابرته في الخروج من الواقع المفروض ‏بسياط سلطة تنظر إلى نفسها وشعوبها أنها متخلّفة ومن العالم الثالث أو النامي. ‏

وبما أنَّ الشاعر قد برمَ عَقْد الثقة بينه وبين القارئ عبر الميتاسرد في بداية القصيدة، ‏توجَّب عليه الانتقال من متخيِّل المتخيَّل (الأدب)، إلى المتخيِّل الواقعي (التاريخ)، ‏وهذا الانتقال فيه إثبات وإقناع وتبسيط للقارئ وجهة النظر المضمرة في نسقيّة ‏النص، وبدأ ذلك عبر فتح: (بابٌ إلى أسوارِ قرطبةَ الجميلةْ) التي تأسست نتيجة ‏هروب عبدالرحمن الداخل (صقر قريش) من بطش العباسيين وتقتيلهم لكل أمراء ‏وأبناء ومُوالي بني أمية. ‏

والمتخيل (التاريخي) سَبَرَ أغوار (صقر قريش) حين صرّح بحالته النفسية والذهنية ‏المنهكة من تعب السفر والتخفي والترحال لمدة تجاوزت خمس سنوات قبل وصوله ‏إلى الأندلس، كما بيّن (أي المتخيل التاريخي) صورة بحر الدماء الذي فاض من ‏أحلامه وحاصر ذهنه، لكن التاريخانية لوحدها لا تكفي في قراءة هذا الباب المهيمن ‏على باقي الأبواب، فالجريان خلف التاريخانية بحد ذاتها لن يقدِّم شيئًا جديدًا خارج ‏عن نسقيّة الثقافة السياسية والعسكرية للعقلية العباسية في ذلك الوقت، لذلك سيلج ‏البحث إلى عالم التاريخانية الجديدة التي تقول: ‏

عبدالرحمن الداخل خرج من أرضه مكرهًا نتيجة تطورات سياسية وعسكرية هددت ‏حياته بالدرجة الأولى، لكن بالعزيمة والإصرار وصل إلى الأندلس، وهنا تطابق حاله ‏مع حال (السندباد) وسفينته العجيبة، فهو أثار تعجب الكثيرين بما فعل وكيف صعد ‏إلى سدّة الحكم والسلطة، كما أنَّ هدفه هو إعادة الدولة الأموية وأمجادها في المشرق ‏لكن من خلف البحر أي من الغرب (أرض غريبة).‏

وهنا سمع في ذهنه (أي صقر قريش) صوت أشرعة القدر التي نبّهته إلى التحديات ‏والصعوبات التي بانتظاره وعلى رأسها النزاعات القبلية في الأندلس بين المضرية ‏واليمانية، كما نبّهته إلى فاجعة مقتل الحسين أثناء فترة حكم يزيد بن معاوية، وأثر هذه ‏الحادثة في نفوس عدد كبير من القبائل الموجودة في الأندلس المتألمة لطريقة موته ‏عطشًا لرشفة ماء، هذه التحديات إن لم يعالجها لن يتمكن من إعادة أمجاد القبيلة ‏العربية عمومًا وسينشقّ عن أجداده الأمويين الذين رسّخوا حكمهم على مبدأ سيادة ‏القبيلة، على النقيض من العباسيين الذين تواطأوا مع الفرس وعدد كبير من الشعوبيين ‏في انقلابهم على الأمويين. ‏

بعد ذلك يطرق ذهن وخيال (الشاعر/ السارد) صورة وجه تشوَّه بالندوب يطلب منه ‏أن يأخذه إلى دار الخلافة العباسية التي يقودها أبو جعفر المنصور، ومن شدة الخوف ‏من التصريح باسمه ذكر جعفر فقط، وخطاه العاثرة قالت كلمات تليق بمقام أخي "أبي ‏العباس السفاح"، والمنصور هو الذي لقَّب عبدالرحمن الداخل بصقر قريش وحاول ‏اغتياله أكثر من مرة وكان آخرها (ما ذُكر في القصيدة) حين أرسل (العلاء بن مغيث ‏الحضرمي) ليقتل عبدالرحمن الداخل لكنه فشل وقُتل، ووصل النبأ إلى المنصور وهو ‏في الحج، ومن بعدها كفّ عن ملاحقة صقر قريش، وهذا التوظيف فيه تحدٍّ جديد ‏موازٍ لوضع صقر قريش خارج الأندلس. ‏

وجعفر ليس هارون الرشيد الذي كان يلقب أيضًا أبو جعفر وهو حفيد المنصور؛ لأنَّ ‏النص قد ذكره صراحة وأورد صوته وموقفه النبيل والشريف من الملك والحكم في ‏‏(بابٌ إلى قصر الرشيدْ)، لكن النص تحدَّث عن حالة الصراع بين أبنائه الأمين ‏والمأمون على الحكم، والانقسام الذي تسبَّب فيه أنَّ أم الأمين زبيدة وهي عربيّة، بينما ‏أم المأمون فارسيّة. ‏

والتاريخانية الجديدة التي تأخذ بتوظيف هذه الشخصيات في النص الشعري الجديد في ‏هذا الزمن تفرض قراءته في ضوء المتغيرات الآنية، فالأمة العربية مفككة وغير ‏مجتمعة تحت لواء واحد وقائد واحد (القبيلة)، وسبب هذا التفكك هو فتنة الدنيا ‏‏(شهرزاد)، ونظرة القادة والملوك (شهريار) إلى أنفسهم وشعوبهم من منظور خيالي ‏منهزم وخائب ومحتاج إلى مَن يسلّيه ويقصّ عليه ما يتناسب مع مستواه الفكري ‏والثقافي، كما أنَّ الصالحين منهم (مثل هارون الرشيد) قد ورَّثوا الانقسام من بعدهم ‏لأبنائهم، وفرَّقوا عنصريًا بينهم، وهنا إشارة إلى أنَّ حتى الصالحين في هذا المكان ‏‏(المشرق العربي) غير قادرين على البناء والتقدم والإنصاف ونهضة شعوبهم، مما ‏أدى لاحقًا لانهيار بغداد أمام التتار والمغول الذي جاؤوا من كل حدب ينسلون، فالفشل ‏لا يقاس في لحظته، بل يُقاس بآثاره التاريخية التي خلفها من بعده، كما أنَّ القصيدة لم ‏تخرج عن نسقيّة عالم ألف ليلة وليلة؛ لأنَّ هذا المؤلَّف العظيم ظهر في الدولة ‏العباسية، وكان هارون الرشيد شخصية مهمة في حكاياته. ‏

وكل هذا الألم أخذ الشاعر إلى باب آخر من التاريخ وهو: (بابٌ إلى اليمن السعيدْ) ‏الذي كسر نسقيّته التاريخانية بالخيال عندما صرّح لبلقيس أنه عرف فعلة الهدهد حين ‏وشى بها عند سليمان عليه السلام، لكنَّ هذه المعرفة وفق التاريخانية الجديدة متأخرة ‏ولا فائدة منها، أو لم تعلق عليها بلقيس لصلاح حالها وحال مملكتها مع سليمان عليه ‏السلام، لذلك لم نسمع صوت بلقيس إلا بالحزن والألم بعد انشغالها بالدنيا وملذّاتها ‏وفتنتها (شهرزاد)، نتيجة فعلة الفأر حين نقب الجدار وأتلف سدّها المنيع، وهنا إشارة ‏وتحذير إلى عدم الاستهانة بكل الفارين والهاربين والمستضعفين أمثال (صقر قريش) ‏الذين لا بد من أن يعودوا إلى ديارهم في يوم من الأيام. ‏

وهذه النتيجة تحيل إلى فتح باب جديد من التاريخ وهو: (بابٌ إلى وادٍ بعيدٍ غير ذي ‏زرعٍ)، الذي كان ببطولة (هاجر) عليها السلام وطفلها إسماعيل، استهلَّ هذا الباب ‏سرده عبر تقديم صورة مأساوية متحركة تعبّر عن حالة هاجر وطفلها في ذلك الوادي ‏المقفر، لكن الإيمان والخضوع لأمر الله هو الذي جعل الحياة تنفجر في ذلك المكان ‏وتهوي إلى رماله الأفئدة، فالتاريخانية الجديدة تقول: إنَّ هذه الأم هي رمز للعرب ‏والعروبة، والطفل رمز لكل مستضعف في أرض ميتة، وإرادة الله هي التي ستنصر ‏في النهاية، ولكن شتان بين تقدير رمال ذلك المكان في ذلك الزمان، وتقديس ذلك ‏المكان في هذا الزمان، لأنَّ كل العالم ينظر إليه على أنه أرض البترول ويسابقون ‏ويلهثون للوصول إليه والسيطرة عليه، والقاعدة الثقافية تقول إنَّ امتلاك الطعام يعني ‏امتلاك الشعوب، وامتلاك الشعوب يعني امتلاك الدول، وهذا ما يجري حاليًا بالتحديد. ‏

وكلّ الآلام السابقة عبّر عنها الشاعر على أنها أورام، نعم هي أورام خبيثة تكبر ‏وتتكاثر يومًا بعد يوم، ولا يوجد سبيل لاستئصالها إلا بالهروب منها عبر (حبوب ‏مسكن)، أو عبر الصياح (يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــا الله عفوك!)، أو عبر البحث عن ‏باب جديد. والقراءة التاريخانية الجديدة هي التي كشفت عن النسق المضمر في كل ‏هذه الأبواب المترابطة والمتناسقة والممهّدة لرؤية الشاعر التي لم تفرّق بين الخيال ‏المتخيَّل (الأدب) وبين الخيال الحقيقي (التاريخ)، وبين الحاضر وبين الماضي وربما ‏المستقبل. ‏

فالأدب مرآة الواقع، والواقع أثر الثقافة، والثقافة وجه القوة السياسية الحاكمة، وكل ‏ذلك انعكاس للتاريخ الذي لن يعريه إلا التاريخانية الجديدة، حين عبّرت عن واقع ‏الشعوب المنشغلة بــ(شهرزاد)، وواقع حكامها (شهريار)، وإرادة مثقفيها وعلمائها ‏‏(سندباد)، وثقافتها المتشتتة (الصراع العباسي الأموي)، وانتظار ابتعاث جديد (الطفل) ‏من أم مؤمنة (هاجر) تقدّس الأرض بحقها الإلهي وليس كما يُقدسها كل العالم لوجود ‏البترول في باطنها. ‏

الهوامش:‏

‏(1)‏ انظر: الرواجفة، ليث سعيد هاشم، مدارات سردية: قراءات تطبيقية على الرواية ‏والقصة القصيرة جدًا، ط1، دار الدراويش للنشر والتوزيع والترجمة، بلغاريا، ‏‏2018، ص56.‏

‏(2)‏ انظر: المرجع السابق، ص56.‏

‏(3)‏ ‏ إنَّ التاريخانية الجديدة بمثابة نصوصٍ وخطابات، تَحمل في طيَّاتها أنساقًا جماليَّة ‏رمزيَّة، بيد أنها تَحوي رسائلَ مُضمرة ومَقصديَّات مباشرة أو غير مباشرة، تُحيل على ‏سياقها الثقافي والاجتماعي، والسياسي والأيديولوجي‎.‎‏ ومِن ثَمَّ، فهذه الكتابات النصيَّة ‏والخطابيَّة تَعبيرٌ حقيقي عن حِقبة تاريخيَّة مُعيَّنة، وذلك بكل أبعادها الأيديولوجيَّة، ‏ومَخاطرها السياسيَّة، وصراعاتها الطبقيَّة، ومِن ثَمَّ تَستكشف التاريخانية الجديدة كلَّ ‏الأنساق الثقافيَّة المُضمرة، وذلك في علاقة بمرجعها الخارجي والثقافي والتاريخي‎.‎‏ رابط ‏الموضوع:‏

‎ ‎https://www.alukah.net/publications_competitions/0/39328/#ixzz5ZmE2qFra

‏(4)‏ ألف ليلة وليلة، دار العودة، بيروت، الليلة 562.‏