مرَّتْ.. فأرْبَكتِ المَجَاز

 

شعر: حسن شهاب الدين

شاعر مصري

 

مَرَّتْ..‏

فأرْبَكتِ المجازَ بأحرُفي

يا لثغةَ التفـَّاحِ

بي لا تعنفي

مَرَّتْ

ولم يكنِ الخيالُ.. بيافعٍ

ليَعِي الكنايةَ

خلفَ هذا المِعطفِ

فبكى الكلامُ الطفلُ

سطوةَ صُدفةٍ

سَكبتْ حليبَ رؤاه

دونَ تأسُّفِ

مرَّتْ..‏

لتكتشفَ الخُرافةُ نفسَها

وقصيدتي..‏

في غـَيـْبـِها

لم تُـكـْشَفِ

‏- كمْ عمرُها..؟

‏- بيتانِ..‏

إلا نجمةً خضراءَ

في أغصانِها

لم تـُقْـطَـفِ

وقميصَ قافيةٍ

وعدتُ خيوطَـه

أنْ أكمِلَ النسجَ الشفيفَ

ولم أفِ

‏...‏

لِدَقيقَـتَـيْـنِ..‏

الشعرُ كانَ حديقةً

وأنا على أبوابهِ

بكِ أحتفي

أهلًا وسهلًا..‏

قدرَ عطرٍ باذخٍ

بهديلِه

لا بالقصيدةِ

أكتفي

إيقاعُ توتٍ

حانَ قطفُ سرابـِه

فنصبتُ أشراكي..‏

فراوغَ مِعزفي

مهلًا..‏

أعتِـقُ فِضَّـتي برنينِه

وأبايعُ الأقمارَ فيه وأصطفي

وأرى شروقَ الماءِ

في جيتارِه

وأعِي اصْطلاءَ الوردِ

كي لا أنطفي

لِدَقيقَـتَـيْـنِ..‏

فتحتُ بابَ قصيدتي

فعبرتِ

‏ فانطلقتْ

‏ وراءَكِ تقتفي

‏.....‏

سأقولُ..‏

بيتٌ للهديلِ

تفتَّـحتْ شرفاتُـه لي

عَنْ ربيعٍ مُتْـرَفِ

سأقولُ..‏

جُنَّ الياسمينُ

ولم يكدْ

قمرُ الطفولةِ

مِنْ حضورِكِ يشتفي

هذبتِ قاموسي المشاغبَ

فارتضى بالصمتِ

طفلُ كلاميَ

المُتعجرفِ ‏

وتركتِ موسيقى الهواءِ..‏

‏ طليقةً

تحتلُّ..‏

إيقاعَ (الخليلِ)‏

بأحرفي

حقلَ انتظارٍ..‏

كانَ صيفُ قصيدتي

وإذا بنهرٍ في يديكِ مُرفرفِ

حين ارتجلتِ

على الطريقِ حديقةً

وأنا زرعتُ ‏

على خطاكِ تلهُّفي

‏...‏

للشّعرِ بعدَكِ..‏

أنْ يفتّشَ جُرحَه

عنْ وردةٍ..‏

ملكوتُـها لم يُعْرَفِ

مرَّتْ بأبَّهةِ الجمالِ..‏

وجرَّدتْ في الروحِ

صُبْحـًا

مِنْ فتونٍ مُرْهَفِ

مرَّتْ.. فوضـَّأتِ الكلامَ

كطفلةٍ..‏

تلهو ببعضِ الغيمِ

دون تكلـُّفِ

فوضى طفولتِها

بلاغةُ وردةٍ

نضجتْ أنوثتُـها

بفردوسٍ خفي

مَرَّتْ..‏

فأرْبَكتِ المجازَ بأحرُفي.‏