شذراتٌ من رحلاتٍ إلى بلاد البلقان ( بلاد الصقالبة ).

إسماعيل أبو البندورة
باحث ومترجم أردني

1 - كان شعار رحلتي التي بدأت في الشهر السابع من عام 2022 ما أورده صديقي الأديب الجزائري "سعيد خطيبي" نقلًا عن الفيلسوف الفرنسيّ " إيبوليت تين" :Tain "نحن نسافر لتغيير الأفكار لا لتغيير المكان !!".
وقول "خطيبي" أيضًا في كتابه ( جنائن الشرق الملتهبة ): "السفر إلى الخارج ليس سوى عودة إلى الداخل!".
أتمنى أن أتمكن بدوري من تغيير الأفكار والعودة إلى الداخل في رحلتي الجديدة إلى هناك!!.
2- في هذه المنطقة من العالم اندلعت حروبٌ طويلةٌ متعاقبة، وخلّفت آثارًا مؤلمة ومحزنة، ما تزال تظهر وتستفيق وتكاد تشتعل حتى يومنا هذا .. كانت هذه الحروب وإكراهاتها قد أبقت الجمر تحت الرماد، وجعلت اشتعال النار واردًا ومحتمًّا في بعض ومعظم الأحيان. وأصعب ما أحدثته الحروب في البلقان عامةً وفي دول يوغسلافيا السابقة تحديدًا تلك الجراح التي بقيت في النفوس ولم تمحها الأيام، ولا تبدل الظروف، ولا ظهور مستجدات جديدة، فبقيت هذه الجراحات تحرك الكامن والهاجع، والفاجع، وتوقظ الكراهية، والبغضاء، والاندفاعات بألوانها كافة.
والذي يبدو أنَّ هذه الحال من الترقب والغليان والانفجار المؤجل سوف تبقى كما يبدو لآجال طويلة وإلى أن تتطلب مستجدات جديدة التخلي عن بعض العقد السياسية والبدهيات والمسبقات غير المستحبة وغير العقلانية.
كنت منذ صباح هذا اليوم الخامس من آب أتابعُ على التلفاز استذكارات احتفالية في كرواتيا وصربيا بطابعين ودافعين مختلفين؛ فقد عرض تلفاز صربيا حفلة استذكار بهذه المناسبة بحضور رئيس الجمهورية . كان موضوعها تشريد الصرب خارج كرواتيا على أثر الحرب التي اندلعت هناك في التسعينيات. وعرض التلفاز منظر العائلات التي شُرّدت من هناك محمولةً على العربات والتراكتورات، وألقى رئيس البلاد كلمة بهذه المناسبة، وختمها بالقول:" سوف ندافع عن بلدنا.. وسوف ننتصر!!".
أمَّا كرواتيا فقد كانت تحتفل ذلك اليوم بما أسمته عيدَ النصر، والتحرير تحت عنوان ( العاصفة )، وهو اليوم الذي طردوا فيه الصرب من البلاد وحرّروا كما يقولون المناطق التي كان يعيش فيها الصرب. وأخذ الاحتفال طابع الاعتزاز والظفراوية، ورافقته المارشات والمنوعات، والحضور الرسمي والعسكري!.
مضى على هذا الحدث عدة أعوام (27 عامًا)، ولكنَّه هناك في دول يوغسلافيا السابقة يستحضر بكلِّ وهجه وأحزانه وعنفوانه وأزعوماته. وبما يؤكد ما ذكرته عن الجمر الكامن تحت الرماد وبما يشير إلى حقيقة فاقعة هنا بأنَّ البلقان لن يهدأ ولن يستقر وسوف يبقى تحت مسمى ( برميل البارود ) الذي يمكن أن ينفجر في أي لحظة.
مشكلاتُ هذه المنطقة ساخنةٌ، وتنذر أحيانًا باشتعالات وصدامات خطرة إلا أنَّها لاتستعصي على الحل إذا ماتوفر لقادة هذه الدول وسياسييها القراءات الصحيحة لحاضرها ومستقبلها، وإذا ماتخلت عن وقع بعض آثار صداماتها السابقة وفكرة الانتصار والانكسار وتبعاتها السلبية؛ لأنَّ هناك ما يمكن أن يجمعها على مائدة حوار إقليمية بينية، أو مائدة حوار أوروبية تفكّك العقد والعثرات وتضمّد الجراحات وتفتح نافذةً عقلانيّةً نحو المستقبل!!.
3- التغيّر المُناخي الهائل والحرارة والرطوبة العالية كانت المفاجأة الأولى التي واجهتني عند وصولي إلى "بلغراد" في يومي الأول، ولم أكن خبرتُها وصادفتُها في السابق أثناء إقامتي القديمة فيها، كما لم أكن أتصور أن تكون على هذا النحو الذي يعكّر الصفو ويفسد المزاج.
ولذتُ على كلِّ حال في محلِّ إقامتي بالمبرّدات، وتمنيتُ أن لا تمتدّ هذه الموجة أكثر حتى لا تضيع فرصتي في التجوّل كما أريد وأشتهي.
وكنت في زمنٍ ما قد قطعت إقامتي في دبي بسبب هذا المُناخ الصيفي الحار المنفر الذي لا يطاق إذ فارقني النوم حينها وجعلني إنسانًا عاجزًا (يتلطى) في جنبات البيت بحثًا عن البرودة والسكينة، ولا شيء غير ذلك..
وكدتُ في لحظات معينة أقول لنفسي ما الذي دفع ودهى الطبيعة المناخية أن تمتدَّ إلى هذه البلاد الخضراء البعيدة عن الصحراء والتصحر والهانئة الراقدة قرب الماء الوفير؟ وما الذي أصبح يثير اضطراب الناس في كل مكان على وجه البسيطة بقسوة المُناخ والمعاش؟. ثم أجبرتُ نفسي على التوقف عما يثير النكد والتكدر وتطلعت من النافذة آملًا أن يشرق الصبح غدًا بما يفرح ويسر ويأتي بما يجعلني أنسى ما حصل في اليوم الأول، وأن يأتيني بتلك النسمات المخبأة الباعثة على الراحة والرضى!.

4 - يختلف الأمر عندما يجد المرء نفسه في حضرة أمكنة جميلة متعددة بشواهدها ومعالمها وسكانها، يمكن أن يقضي فيها وقته براحة وأن يمارس فيها تمارين المتعة وراحة البال. وأن يبتعد عن كل ما يكدر ويحيا في فضاء جديد فيه سؤال مختلف: إلى أيِّ مكانٍ جميل سأذهبُ اليوم؟. أين سأقضي هذا الوقت المستقطع؟ والأمكنة في مثل هذه الأحوال جاذبة ومتأهبة تنادي على من يهوى ويروم الراحة والتجلّي.
وربما نكون في لحظات معينة أمام سؤال غامض عن انحسار الأمكنة وشحوبها وغرابة علاقتنا معها. وأقصد هنا الأمكنة التي يمكنها أن تروّح عن أرواحنا المتعبة وأجسادنا المتآكلة، ونفوسنا المبتورة، فنجدنا في كدر دائم لغياب الأمكنة، وعدم صفاء الارتباط بها.
هنالك مدن حباها الله الماء الوفير وجمال الطبيعة الدائم وأجرى فيها الأنهار وأنزل فيها الأمطار وأراح نفوس أهلها وأنشأ فيها الدعة والطيبة وكلَّ ما يجعل الإنسان ودودًا لا يغشاه التكدر والحزن الطارئ والدفين، وشظف العيش وقلة الحيلة.
ونحن حتى اللحظة في حيرة وأمام سؤال عن غياب الأمكنة وفوضاها، أو وجودها كمعالم باهتة وغياب الفرح والبهجة عنها وتصحرها الاجتماعي والإنساني واستغراقها في مسلسل عذاباتها الذي لا يتوقف ولا ينقطع!.
وأنا هنا لا أحرض على خصومة مع أمكنتنا التي ولدنا وترعرعنا وسقط رأسنا فيها، ولكنَّني أدعو إلى مقايسة ورؤية المفارقة حتى نتمكن من تدبر علاقتنا مع أمكنتنا في الحاضر والمستقبل ونحاول أن لا نغيّب الجمال عنها والسعادة.
وهذه في النهاية خواطر من صيد الخاطر لاحت لي من نفحات تغيّر المكان وجمالياته الشاخصة، كما لاحت ذات لحظة لشاعرنا البدوي علي بن الجهم القرشي(249هـ) الذي قدم إلى بغداد ومدح الخليفة المعتصم بالقول:
"أنت كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوب!".
فأمر الأمير بأن يقيم الشاعر في حدائق بغداد وعلى بطاحها ورباها ووفرة مائها وجمال طبيعتها؛ فأنشا الشاعرُ لاحقًا بيتَ الشِّعر الفاخر المشهور:
عيونُ المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري.

5 - كيف للمرء أن يغالب وجدًا تلبسه مذ وقف أمام البحر متأملاً متأسيًا مبحرًا في عوالم غائمة، ولحظات متقاطعة لا تبين فيها المشاعر والأمور ولا يظهر الخيط الأبيض من الأسود، وتكاد الروح تركن سعيدةً في مستقرها لا تبرح الجسد المضنى الذي لاذ بهذا المكان البعيد لكي يرى ما يحبُّ ويرضى مما يسرُّ الخاطر ويبعث البهجة والرضا..
في صباح باكر مع نسمات خفيفة وطرية تبعث في النفس النشوة وتحثُّ على الإلهام والنجوى وقفت أمام الجبل والبحر في بلاد الجبل الأسود كما تسمى، كأنَّني أمام آلهة جمال إغريقية، وبدأت أتأمل و(أتملى) وأعاين لحظة الجمال هذه لعلّي أعبر منها إلى تجليات أخرى غابت عني وعنا وكادت تحوّل لحظاتنا إلى مديات من الكآبة، وأرواحنا إلى ابتلاء وعسر وكبد مديد.. فما وجدت طريقي إلى حقيقة وتفسير قاطع ومانع، لكن البحر شدني إلى مفازات أخرى وتأملات جليّة وبيان وتبيين؛ فأغمضتُ عينيَّ عما طرأ وتلبّد في خاطري من غيوم وسحابات، ورحت في مناجاة عميقة علّني أتحرر من شرور خواطري والمخبأ في ذاتي!.
وتطلعتُ إلى الجبال والذرى وأقنعتُ خاطري أنَّ التفكير بما هو في العلى خير وأبقى من التحديق في العدم وكئيب الرؤى، وبأنَّ الأسعد أن أبقى في حوزة الماء والبحر والمفتوح من المدى!
وكان لكلِّ ما طرأ على الخاطر في هذا الصباح ما أعادني إلى حالات رديفة مسعفة أخرى فرأيت في لحظة التجلي هذه أنَّني بصدد التخفيف عما يجول بنفسي من انهمار وجدان، ولمع، وتبدت لي وأنا أمام جبل أسود وماء أزرق يمتزجان معًا ليضعا أمام ناظري ما يبهج ويسر حتى يكاد هذا الامتزاج أن يرحل معي وأنا في لحظة وداع حزينة لهذه البلاد الجميلة البعيدة.. وحقًا كاد الحزن يطغى لولا تلك المويجات التي حركنها النسمات الطرية وبدت كأنَّها تودع من ينأى، وأوحت أنَّ ذلك المسافر المغادر قد يشقى.. إذا نأى، واستغنى؛ لأنَّ من طبائع البحر أن يكون للغريب نسيبًا ومستقرًا شفيفًا أبقى.. واستكنت ورضيت ومضيت بحكمة أعطانيها البحر في لحظة وداع.. وتطلعت إلى الجبل الشامخ الذي جلّلته الشموس وأبقت أشجاره عالية باسقة وصخوره راسية مستقرة تكاد تعطي إيحاءاتها وإيماءاتها من أعالي الذرى، وعرفت بعد أن تبدّد الوجد والهاجس أنَّني أمضي في طريقي إلى بلدي وأنَّني في لحظة شفافة أودع فيها الجبال والبحر الذي أعطاني فرصة التأمل والتجلي والمضي إلى الإمساك بحقائقي!!

6 - وقفة مسائية على شاطئ مدينة كوتور/ الجبل الأسود، ارتأيت في المساء الذي بدا فيه الجو رائقًا ومواتيًا للمشي المتمهل المتأمل على الشاطىء أن أعاين البحر وأحواله، وما يتحرك فيه وحوله، وهو الماء الأزرق الذي يزنّر المدينة بين الجبال الراسية العالية ويمنحها رونقًا لا مثيل له.
وقفتُ أتأملُ اليخوت الفخمة الراسية على الشاطىء والمسماة بأسماء النساء في معظمها، واقتربت منها بقدر ما استطعت لكي أرى تركيبها وآلياتها، وكان أصحابها يتسامرون قربها في جلسات وحلقات استرخاء وانتظار ويحدقون في المارة حينًا وفي البحر والجبال في أحيان أخرى.
وعلى الجانب الآخر من الشاطىء رست سفينة ضخمة أشاهدها لأول مرة في حياتي، وكانت من سفن "الكروز" السياحية التي تنقل الناس في رحلات عابرة للدول والمدن وتتوقف فيها لتمكين ركابها من مشاهدة هذه المدن التي يعبرون منها والتسوق فيها. وبقيتُ أنتظر لحظة إقلاعها إذ لحظت أنَّها في حالة تأهب لذلك عندما سحبت حبالها ومراسيها وأطلقت صافرات الوداع والتحية للبلد الذي رست فيه؛ وفقًا لتقاليد معروفة في عالم البحار والإبحار.
وكانت تلك أوّل الصافرات التي تكرّرت بعدها مرتين إلى أن ابتعدت وأبحرت بعيدًا عن الشاطئ.
أدهشتني هذه الباخرة الفخمة أيّما إدهاش إذ بدت لي بحجم مدينة صغيرة، وفيها كل متطلبات الرحلة الفاخرة. وعندما أطلقت أنوارها في بدء عتمة الليل أحدثت مشهدًا مذهلًا من الأنوار المبهرة، والانسياب الهادئ. وصمت البحر إجلالاً لها وكأنَّها عروسٌ جميلة ذات هيبة وإهاب عبرت المدينة وودعتها بالصافرات ومضت إلى لجة الماء بعد أن لوّح لها الناس بوداعٍ إنسانيٍّ رقيق.
كان المشهد يقطر جمالاً وفخامة، وكان الماء يترقرق تتدافع فيه مويجات هادئة رخية، وكنا جميعًا على الشاطىء في لحظة انتشاء وصفاء وابتعدنا عن الشاطىء نودعه بمودة إنسانية وتجلٍّ وانبهار، ونطلق صافرات صامتة اقتداء بالسفينة التي رحلت بعد أن ودّعت المدينة بالجلال وصافرات المحبة والاحترام.
7 - مقاهي بلغراد
الحديثُ عن مقاهي بلغراد هو حديثٌ عن الناس والمجتمع وهم يلتقون ويتحاورون ويمضون أوقاتًا جميلة، وليس حديثًا عن أمكنة ومناضد لا تعني الكثير ولا تعبر عن معاني اجتماعية وثقافية.
وأكادُ أجزم أنَّ المقاهي هنا هي الشيء والمكان الأبرز في المدينة نظرًا لكثرتها وتعدد معطياتها وأشكالها؛ إذ بين كل مقهى ومقهى مقهى آخر، وهي تنتشر في معظم أطراف المدينة سواءً على أطراف الماء أو داخل المدينة أو على الأرصفة، والمثير هنا أنَّ المقاهي تغصُّ بالروّاد ليلاً ونهارًا. أمَّا في ساعات المساء فكأنَّك ترى أهل بلغراد وزوارهم من الأجانب وقد ارتحلوا إلى هذه المقاهي، وبدأت سهراتهم الوادعة التي لا يعكر صفوها أي معكر!.
معنى المقهى هنا في دول يوغسلافيا السابقة، وفي دول البلقان عامة، يختلف تمامًا عما نتصوره عنها في دول الشرق، إذ ليس للمقاهي في بلادنا المعاني والدلالات نفسها، ففي بلادنا لارتيادها والمرور عليها معانٍ سلبية تراكمت عبر السنين وأُلصق بها الكسل والعطالة وتبديد الوقت والانشغال ب"الأراجيل".
مع أنَّ تاريخ المقاهي في البلاد العربية حمل معاني إيجابية في بعض العواصم العربية، وكان المقهى هو الملتقى والمنتدى الذي يجمع المثقفين والسياسيين، ومنه كانت تنطلق بعض أفكار التغيير والتنوير والثورة على الأوضاع المتردية.
وهنا أيضًا كانت المقاهي في مراحل كثيرة سابقة مركزًا لإطلاق الأفكار والمبادرات وفيها يجتمع كبار المثقفين ويطلقون منها حركات الاحتجاج والتمرد على النظم القائمة. وعليَّ هنا أن أتذكر مطعم ومقهى "كولارتس" الشهير الواقع في شارع الأمير ميخائيل في وسط مدينة بلغراد، الذي كان في مكانه القريب من كلية الفلسفة، فقد التقى فيه قادة الفكر عام 1968 وأطلقوا منه احتجاجات طلابية سياسية عاصفة أحرجت النظام القائم حينذاك (ولقد أسفت أثناء زيارتي الحالية لبلغراد لإغلاق هذا المقهى العريق وملاذ المثقفين القديم ).
ويمكن المرور على أكثر من مقهى في بلغراد من تلك المقاهي التي كان لها تاريخ حافل في حياة المدينة، ومضى على افتتاحها سنوات عديدة وأصبحت من أبرز معالم المدينة حتى يومنا هذا.
المقاهي هنا إذن هي حياة الناس ولقياهم ومكان مسراتهم واشتغالاتهم؛ ولأنَّ المقاهي تقدم الطعام أيضًا فتراها تقدم غذاء الروح والجسد في آن واحد!.

8 – صباحات "سراييفو".
تفيق مدينة "سراييفو" مبكرًا وينتشر أهلها في كلِّ الأنحاء لمتابعة أعمالهم، والأطرف في المدينة أن يفيق معهم الحمام بحثًا عن وجبة الصباح في صحن المدينة حيث يتوافد أهل المدينة لنثر الحب أمام الحمام الوديع الذي اعتاد هذا الكرم الإنساني النبيل وترى الأطفال يداعبون الحمام بمشهد إنساني يأخذ المرء إلى حالة استثنائية من الوداعة والرضا.
ولا تصح صباحات ونهارات سراييفو دون الإطلال على الخرير الواني غير المعتاد لنهر "ملياتسكا" الذي يعبر المدينة، وتقام عليه جسورٌ لعبور المشاة، أما وقد داهمه الجفاف في الآونة الأخيرة فقد أصبح منظره يثير الحزن ويبعث على استذكار المياه الهادرة التي كانت تجري فيه مؤذنة بحيوية المدينة وبهجتها.
إذن هذه المدينة تفيق مع الحمام وتؤدي له واجب الرفادة والسقاية ويرد عليها الحمام ببعث البهجة لدى الناس والأطفال.
هذه الجماليات البسيطة والدقيقة في معناها هي مما يؤسس للمدن اختلافها وتميّزها عندما تمنح الناس إطلالات صباحية جميلة نوعية مميزة. وما الذي يصنع المدن غير هذه العلامات والنمنمات الباعثة على الانتباه وإشعال المشاعر والأفكار الطليقة!.