نوافذ ثقافيّة
محمد سلّام جميعان
شاعر وناقد أردني
• ثقافة عربيّة
الجيش العربي الأردني في حرب فلسطين 1948 حقائق وتضحيات/ بكر خازر المجالي
في هذا الكتاب الموسوعي يتناول المؤلف حرب فلسطين 48، وهي الحرب التي "اجتمع العرب فيها متفرقين، وقاتلوا معًا مختلفين، ووقّعوا الاتفاقيات متنافرين" -بحسب المؤلف- فقد دخل العرب في حلقة اتهاميّة وتشويهات وتأويلات. وساق المؤلف فيضًا من الحقائق التي تكشف عن جهاد الجيش العربي الأردني الذي قاتل تحت ظروف قاسية واستمرَّ بلا توقف محتفظًا بالقدس وما تبقى من أرض فلسطين باسم الضفة الغربيّة.
فمن منطلق الوفاء للأرض والجيش، وتقديرًا لشهداء جيشنا العربي الأردني في فلسطين، يأتي هذا الكتاب. ففي الفصل الأول: فلسطين "رؤية هاشميّة منذ البدء في الدفاع عن الحق العربي" اختار المؤلف الرسالة التي أرسلها جلالة الملك عبدالله الأوَّل "الأمير آنذاك" إلى اللجنة الملكية التي أرسلتها عصبة الأمم المتحدة إلى فلسطين عام 1937 لتقصّي الحقائق، كنموذج يستعرض أصل المشكلة، ويقترح الحلول.
وفي الفصل الثاني: الجيش العربي الأردني في حرب فلسطين 1948م، أوضح المؤلف جهود الجيش والشعب الأردني في تقديم كل الدعم لأهل فلسطين منذ عشرينات القرن الماضي حتى الآن. وفصّل أوجه هذا الدعم والمساندة والحروب التي خاضها نصرةً لأهل فلسطين في مناطق متعددة، وعرج على أوَّل إعمار هاشمي للقدس والمسجد الأقصى في عام 1924م.
وتضمَّن الفصل الثالث سجلًا لشهداء الجيش العربي الأردني في حرب فلسطين 48. فأوضح المؤلف أنّ الأردن قدّم ما نسبته 12% من عدد الجيش كشهداء في المعارك المختلفة على مدى شهرين فقط، مبينًا استبسال الجنود الأردنيين في المعارك المختلفة، وأنَّ وازعهم الأول هو محبتهم وارتباطهم الروحي بأرض فلسطين وخاصة القدس، ولعروبتهم الصادقة وإيمانهم بالحق العربي الواضح المبين.
وفصَّل في الفصل الرابع دور "كتيبة المشاة الرابعة –الرابحة- وكتيبة المشاة السادسة -صحابة بدر- مستشهدًا بإمكاناتهما العسكرية وبالوقائع الحربية وصدى تفوّقهما العسكري، غير مغفل أسماء القادة وأدوارهم. وفي الفصل الخامس استعرض الوقائع التي تضمَّنها كتاب "معارك باب الواد واللطرون" لمؤلفه النقيب محمود الروسان، كمقاتل وشاهد عيان في الجبهة، وقد أوفى المعركة حقها بالتفصيلات والحقائق. وأضاف معلومات عن دور المناضلين الأردنيين في حرب فلسطين خاصة في جبهة باب الواد. ويقرأ القارئ سيرة كتيبة المشاة الثالثة التي قاتلت في القدس عام 1948 كنموذج للكتائب الأردنية التي تميّزت بتفانيها وإقدامها في الحرب والدفاع. وكذلك حديث النقيب فندي يوسف عميش أحد ضباط كتيبة المشاة الثالثة التي قاتل معها في القدس وعاش الحرب والشهادة والقتال وهو ينظر إلى أسوار القدس العربيّة العزيزة؛ يتحدَّث عن مسيرة هذه الكتيبة كمقاتل فيها وقائد سريّة، في كتابه الذي خصّصه للحديث عن بطولات هذه الكتيبة.
وتضمَّن الفصل السادس الحديث عن دور المناضلين الأردنيين في حرب فلسطين 48 الذين هبّوا من كل العشائر والبلدات الأردنية للقتال في فلسطين نصرة لإخوانهم. وسرد في الكتاب حقائق للتاريخ من حرب الجيش العربي الأردني في فلسطين عام 1948م. وصورة تحليلية موجزة لكيفية التعامل مع حقيقة دور جيشنا العربي الأردني، والتقارير الصحفية الصادرة عن رئاسة أركان الجيش العربي الأردني خلال حرب فلسطين 48 ووثائق منتخبة تتعلق بدور المملكة الأردنية الهاشمية في حرب فلسطين.
معركة الكرامة 21 مارس 1968 كما تعكسها الوثائق البريطانية/ محسن محمد صالح
تلقي هذه الدراسة أضواء جديدة على معركة الكرامة من خلال دراسة الوثائق البريطانية غير المنشورة المتعلقة بالمعركة، التي سُمح بالاطلاع عليها منذ سنة 1998، والمحفوظة في مركز السجل العام Public Record Office، أو ما صار يعرف لاحقًا بالأرشيف الوطني National Archives The في لندن.
وتكشف هذه الدراسة عن أنَّ صمود المقاومة والجيش الأردني وما بذلوه من تضحيات، قد أدّى إلى نتائج معاكسة تمامًا لخطط الإسرائيليين.
وتكتسب معركة الكرامة التي وقعت في 21 آذار/ مارس 1968 أهمية كبيرة في التاريخ المعاصر، بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب حزيران/ يونيو 1967 واحتلال الصهاينة للضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء.
ويحاول الكاتب إلقاء أضواء جديدة من خلال دراسة تلك الوثائق، لاستكمال الصورة المتعلقة بتلك المعركة ونتائجها، فلجأ إلى المصادر الأخرى على سبيل التوضيح أو المقارنة، واستفاد من تقارير وبرقيات ورسائل سفراء بريطانيا في عمَّان وتل أبيب إلى الخارجية البريطانية، بالإضافة إلى تقريري الملحقيْن العسكريين البريطانيين في البلدين، فضلًا عن مراسلات أخرى من بيروت وواشنطن، وردود الخارجية البريطانية وتوجيهاتها لسفرائها.
ويقف المؤلف على الظروف التي أدَّت إلى المعركة، وأبرزها حرب الأيام الستة في حزيران/ يونيو 1967 بين العرب والكيان الإسرائيلي، وما مُنيت به الجيوش العربية المصرية والأردنية والسورية من هزيمة ثقيلة.
كما تكشف الدراسة عن مجريات المعركة والتفاصيل المتعلقة بالمواجهات. وفي السياق الأخير يوضِّح الكاتب نتائج المعركة وانعكاساتها على المقاومة الشعبية وعلى الأردن وعلى الكيان الصهيوني، وتفاعلاتها الدولية، مختتمًا الدراسة بنتائج وخلاصات وجيهة من الجهة العلمية الحياديّة.
• ثقافة عالميّة
أنا أوسِيلفي.. إذن أنا موجود/ إلزا غودار، ترجمة: سعيد بنكراد
يبحث هذا الكتاب بطريقة علمية وسيكولوجية خطورة الهاتف الذكي، من خلال حديثه عن العالم الافتراضي بصفة عامة، بما فيها عملية التصوير الذاتي (سيلفي)، أو تصوير العالم الخارجي. فظاهرة "السيلفي" تستحق التأمُّل والفهم وإدراك دلالاتها.
وتدقّ "غودار" ناقوس الخطر في كتابها فتقول: "لقد أصبح السيلفي، من خلال مظاهره المتعددة والتافهة، رمزًا لمجتمع في عزّ تحوُّلاته، مجتمع يديره الشباب بفضل تمكُّنهم من التكنولوجيا الجديدة".
يقول بنكراد في تقديمه للكتاب: "لقد أفرغ السيلفي وظيفة المتخيل داخلها من مضمونه التأملي والاستشرافي وحل محلها صورًا لا تنقل واقعًا، بل تقدمها اعتمادًا على "رتوشات" تحسِّن الأصل أو تعدِّله أو تغطّي على جوانب النقص فيه".
الأرقام تشير إلى أنه في نهاية 2018 تم رصد مليار وثلاثمائة إنسان على ظهر الكوكب يحرصون على أخذ صور سيلفي لكل النشاطات التي ينخرطون فيها. لقد أصبح "الأكل" و"المشي على الشاطئ" و"السفر" أحداثًا كبيرة. فأصبح تعليق عابر على حدث عابر "موقعة" حقيقيّة تنال من "الجيمات" و"اللايكات" ما لم يحظَ به أبطال التاريخ مجتمعين.
وتتساءل "غودار": كيف يمكن لموقف يبدو بسيطًا وعفويًّا في بدايته أن يصبح دالًا على تحوُّلات جذريّة في علاقتنا مع أنفسنا ومع الاَخرين وإثارة الانتباه إلى ممارسات نقوم بها من دون أن نفكر فيها في الغالب من الحالات.
وتؤكد "غودار" كعالمة نفس، أنَّ الشخص الّذي يلتقط الكثير من السيلفيّات يفتقر إلى الثّقة في النفس، ويحاول طمأنة نفسه من خلال الإحالة على نفسه في صورة جميلة يمكن أن يعيد إليها دائمًا -لأنها مصوَّرة- الوقتَ الذي يستعيد فيه شيئًا من احترام الذات. وهكذا، فإنَّ السيلفي يمكن أن يكون تعبيرًا عن هشاشة نرجسيّة...