دماءٌ على عباءَةِ المتنبي

دماءٌ

على عباءَةِ المتنبي

‏ شعر: عاطف أحمد عريقات

شاعر أردني

ateferegat934@gmail.com

 

‏ صــــاح الذَّلــولُ تمهَّــلْ إننـي تَـعــبُ

‏ للــــه قــلبُـــك لا تـشـــكـو ولا يَـجِـبُ

‏ ‏

‏ حـصنـي حصـــانيَ والبيداءُ أروقـتي

‏ قصوريَ الصـخرُ والقيعـــانُ والكثبُ

 

‏ زَلْزَلْـتُ إذ قـلـتُ آســــاسًـــا وأعمـدةً

‏ فانهـار لـلقـاعِ ذاك الهيــكلُ الخــربُ

 

‏ أيّـَانَ سِـرْتُ أرى لحمـــًا على وَضَـمٍ

‏ يـدعـو الذبابَ ولم يرجـفْ له عصبُ

 

‏ لا ثـغـر لـمـيــاءَ أو ألْـمَــى يـؤرقـنـي

‏ أو لـحــظُ وطـفـاءَ يـسبيـني ولا هُدُبُ

 

‏ لـلسـيــف يـمـنـايَ لـم أرفـع بـهـا أبـدًا

‏ كأسًــا وما كان في الصهـباء لي أَرَبُ

 

‏ صدري خزائـن أســرار متى انفتحـت

‏ سيـسـقـط الزَّيـفُ والأوهــام والحجـبُ

 

‏ لـم أدْرِ لمّـَا كتـمْـتُ الوجــدَ فـي كـبـدي

‏ هل مهجَتي النارُ أم أضلاعيَ الحـطـبُ

 

‏ دفـاتـر العـشــق فـي صـدري مـخـبّـَـأَةٌ

‏ فـكـيـف ذاع بـأنـي الـمـدْنَـف الـوَصـِبُ

 

‏ مـا أعـمـقَ الجـرح في الأعماقِ يـنزفُني

‏ مـا بـالُ خـولــة تــنـآنـــي و أَقــْتــرِبُ؟!‏

‏ ‏

‏ لــقـد رحـلْـتُ وظـلَّ الـقـلـب فـي حـلـبٍ

‏ فيها عـصـاني وتـسْري فـي دمي حـلـبُ

‏ ‏

‏ مــاذا مــقـامــيَ فـــي نـاس تـجـهَّـمـنــي

‏ وكـان في الأرضِ لي منأى ومضطربُ

 

‏ لـمـّا تـركـْنـــا ضـمـيرًا عــن مـيـامنــِنـا

‏ حـنَّ الـذلـولُ ومـــا حـنُّــوا وما عَـتِـبـوا

 

‏ لــثــلـجُ لـبـنــان أدفــا مــن قــلوبـهـــــمُ

‏ يـحـنـو عـلـيّ وإن مـنُّـوا فـقــد كـذبـــوا

 

‏ قد اتَّســخْــتُ بـمـا أعطـيـتُ مـن ذهــبٍ

‏ تضوى به الروح والأجســــــاد والأدبُ

 

‏ وافيْـت يـا مـصر محمـولًا عـلـى قـلــقٍ

‏ يـقـودنــي الـكـبـْر والآلام والـغــضـــبُ

 

‏ مـجــدًا تـخـلَّق مــن ســـيــفٍ وقــافــيـةٍ

‏ فـي ظــلِّ قامـتــه الأهـــرام تـحـتـجــبُ

 

‏ رأيـت فــي مـصـرَ ما يُبْكي وأضحكني

‏ فـيـها غـرائـبُ منـهـا يعجــبُ العـجــبُ

‏ ‏

‏ وعـادنـي العيـد في الفسـطاط لا سـكـنٌ

‏ آوي إلـيــه وخــلـفــي تــلـهـث الـنُّــوَبُ

 

‏ هــمٌّ وحـمًّــى إلـى نـومــي تـرافــقــنـي

‏ جـفـَّـت لـيـالـــيَّ لا كـأس ولا حــبــــبُ

‏ ‏

‏ داجـيـْتُ مـن لا يـسـاوي خُـفَّ راقصـةٍ

‏ أو ظـلـفَ مـهـر ولـكـن عـنـده الـذهــبُ

 

‏ أرجــو نـوالَ الــذي مــا دونـــه أحــــدٌ

‏ وكـنت أعـطـيـه أضـعـافَ الـذي يـهـبُ

 

‏ أشـكو الأوام وقـربـي النـيـلُ يـمـنعـنــي

‏ عـنـه الخصِـيُّ ومـنـه تـرتـوي الـغُـرُبُ

 

‏ لـقـد صـمــتُّ وكـان الصـمتُ يجـهدنـي

‏ وحـيـن غـنَّـيـتُ لـم يـأخــذْنـيَ الـطـربُ

 

‏ رحـلـــت يا مـصـر محـنـيًّا عــلـى ألــمٍ

‏ تمـحو الدروبَ أمام الريـحُ والســــحـبُ

 

‏ فـــي كــلِّ شِــعـبٍ كـُويْـفـيرٌ يـراقـبـنـي

‏ تحصـي خطايَ له الحيطانُ والشــــهبُ

 

‏ وصــار بــيـتــي تــرحـــالًا وقــافـلــــة

‏ ورحــت أوغِـلُ فـي جرحــي وأنـتـحبُ

 

‏ لـقـد هـرمــنا وشـــاخــت فـي مرافئـهـا

‏ زَوارِق الـحـلـــمِ كـادَ الـحـلـمُ يــنـتـهـبُ

 

‏ الــمــوت حـولــي ذؤبـان مـجـلـَّـحَـــــة

‏ لـســــنا نــراها ولا نـدري مـتــى تـثـبُ

 

‏ سـأشــرب المـوت فـوّارًا ويشـــــربنـي

‏ بقـيـّـــة العمـر فـوق النـطـع تنســــكـبُ