الجريمةُ الإلكترونيّةُ: هل من سبيلٍ إلى تأمينِ معاملاتنا الرقميّة؟!

 

د.سعيد سهمي، المغرب

Sahmi_said@yahoo.fr

من بين المشكلات التي ابتلينا بها في عصر الرقميّة والتكنولوجيات الحديثة، أنَّه، بقدر ما كانت الرقميّةُ وسيلةً للتقدم والتحديث، ووسيلةً للتواصل الإنسانيّ التي جعلت العالم- بحقٍّ- قريةً واحدةً، وبقدر كونها وسيلة ارتقاء، ومصدرًا لإظهار النبوغ والعبقريّة في العلوم والتقنيات والآداب والفنون، إلا إنّها للأسف الشديد كانت، بالقدر نفسه، مجالًا خصبًا لظهور عبقريات مزعجة في مجالاتٍ أخرى من قبيل الهاكرز، والتجسس، والسرقة، والابتزاز، والنصب والاحتيال؛ وغيرها من أشكال السلوكيات المشينة خاصة في الدول النامية التي تقلُّ فيها الرقابة على المجال الإعلاميّ الإلكترونيّ؛ هذه الدول التي تقومُ فيها فرق الإجرام التي تتجاوز الابتزاز والعنف الرمزيّ وغيرها من السلوكيات المذمومة، بالنصب (escroquerie) والاحتيال والسرقة. 

تُعرّف الجريمة الإلكترونيّة أو السيبرانيّة بأنّها "الجريمة التي تقع باستخدام الكمبيوتر أو الإنترنت، أو في جهاز الكمبيوتر أو الإنترنت"،  والآن يمكننا القول إنَّ الجرائم الإلكترونية هي الجرائم التي تتم عبر مختلف وسائل التواصل الإلكترونية، التي تنتشر عبر الأنترنيت والتواصل الافتراضي والرقمي؛ وقد حدّدت  معاهدةُ مجلس أوروبا لمكافحة الجرائم (معاهدة بودابست) لسنة 2001 أربعَ مجموعات من الجرائم الإلكترونية هي: الجرائم التي تقع ضد سلامة المعلومات والبرامج وخصوصيتها وتوافرها؛ والجرائم المتصلة بالكمبيوتر؛ والجرائم المتصلة بالمحتوى؛ والجرائم المتصلة بانتهاك حقوق الملكية الفكرية والحقوق الملحقة بها. 

ومن بين التعريفات الشاملة لمفهوم الجريمة الإلكترونية بمفهوم العصر، التعريف الذي نجده في موسوعة ويكبيديا، أنّها تشير إلى "أي مخالفة تُرتكب ضد أفراد أو جماعات بدافع جرمي ونيّة الإساءة لسمعة الضحية أو لجسدها أو عقليتها، سواءً كان ذلك بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأن يتم ذلك باستخدام وسائل الاتصالات الحديثة مثل الإنترنت، غرف الدردشة، البريد الإلكتروني أو المجموعات".

الرسائلُ الإلكترونيّة مصايدُ للنصب والاحتيال

تتهاطل علينا، عبر المواقع الإلكترونيّة، عشراتُ الرسائل النصّيّة التي تعلن صراحةً عن أشكال الإجرام المالي، والسرقة المالية، بشكلٍ علني، ومظاهر الابتزاز، عبر عديد التطبيقات الرقمية؛ التي يقوم بها الناس عيانًا، من خلال المراسلات التي تمطر علينا كل يوم تقريبًا، عبر البوابات الإلكترونيّة خاصة منها الرسائل النصية التي تصل عبر البريد الإلكترونيّ أو الإيميلات (Emails)، وأحيانًا عبر الهاتف؛ وهو وما يدعونا إلى طرح السؤال حول الجهات المسؤولة عن النشر، أو عن تسويق هذه الأشكال من النصب والاحتيال والسرقة، علمًا أنَّ المواقع الإلكترونيّة لا بدَّ أنَّ لديها إمكانية مراقبة ما يُنشر، حيث إنه يبدو من خلال المواقع الإلكترونية أنَّ الاسم في الغالب يتكرر، ومع ذلك لا تتم متابعة من ينتحلون تلك الأسماء، رغم أنَّ معلوماتهم الشخصية تكون واضحة، ومصادر المعلومات تكون واضحة، والبلد أو المدينة مصدر الإجرام واضحة.

إنَّ هذه السلوكيات الإجراميّة في التعامل الرقميّ لها آثارٌ سلبيّة على التعامل الرقميّ الذي ينشده العالم -أجمع- اليوم، خاصة في زمن كورونا، والذي يعوّل على التعاملات عن بعد في مختلف ميادين الحياة المهنيّة والعلميّة والماليّة والتجاريّة والصحيّة، وغيرها، فهذه السلوكيات قد تجعل الأفراد يفقدون الثقة في التعامل الرقميّ، وفي التواصل الرقميّ، حين تصبح البوابات الإلكترونية مجالًا خصبًا للسرقة والاحتيال، مما يُفقدها المصداقيةَ، مستقبلًا. 

 وإذا كانت الشركاتُ الكبرى الإلكترونيّة التي تعتمد خدمة البريد الإلكتروني "جي ميل" (Gmail) التابعة لشركة جوجل الأمريكيّة، أو ياهو (Yahoo) التابعة لشركة فرايزون ميديا الأمريكية أيضًا، أو غيرها من المؤسسات التي تدبر هذه العمليات؛ إذا كانت تضع خيارات لعملاها للتحكم في الرسائل، أو منع الاتصال الذي يكون ذا أبعادٍ دلاليّةٍ ماليّة، أو يحتوي على مؤشرات النصب المالي، من خلال إلغاء المراسلات ذات الحمولة الدلالية التي تشير إلى المال، عبر تقنيات محددة مثل التهميش من خلال استخدام نظام الخطل الإلكتروني  (spam) أو عبر تقنية الإغلاق (blocage) التي يختارها المستعمل أو العميل (client)، إلا إنَّ هذه العمليات غير كافية، إذ تبقى المسؤولية ملقاة على عاتق المؤسسات القانونية والقضائية التي تغض الطرف عن هذه الممارسات، بل إنّه في الغالب لا تتم المتابعة القضائيّة للمحتالين والمبتزّين رغم وضع شكايات في الموضوع، والمؤسسات القانونية والقضائية هنا، في بعديها المحلي والدولي.

إنَّ عددًا كبيرًا من الأفراد، يتعرضون للنصب والاحتيال، عبر المواقع الإلكترونيّة، من طرف هؤلاء الذين، في الغالب، يترددون على الأوطان التي تعتبر معابر للهجرة، مثل دول شمال إفريقيا التي تعرّض فيها عددٌ من المواطنين للابتزاز، وتمَّ- بالفعل- السطو على أموالهم؛ ورغم أنَّ الحكومات قامت ببعض الخطوات والإجراءات للحدِّ من مثل هذه الجرائم، إلا إنّها لم تكن كافيةً لأنَّ النصّاب أو المحتال على المال بمجرد الحصول على هدفه يفرُّ إلى بلدانٍ بعيدة، فلا يعود إليها أبدًا وهو ما يدعو إلى التساؤل حول الكيفية التي يمكن نهجها لمتابعة جحافل النصّابين والمحتالين، سيَّما وأنَّ التعرّفَ على اسم المحتال متاحٌ،  بحيث إنه في حال التحويل المالي تكون المعلومات الشخصية، في الغالب، مضبوطة؛ ومن ثم فإنَّ الأمن الرقميّ وما يسمى بالقضاء الرقميّ، الذي صار مشاعًا في جلِّ البلدان، بإمكانه أن يعرف من هو الفاعل، بدون أدنى جهد، وهو ما يجعل المرء يتساءل عن الجدوى من عدم متابعة هؤلاء؛ علمًا أنّهم يسيئون إلى الدولة، ويقفون عائقًا ضد التنمية، لا سيّما بالنسبة لأرباب المشاريع الكبرى الذين ينفرون من الدول التي يغيب فيها الأمن.

من جهةٍ أخرى، ففي الوقت الذي تشجّع فيه دول العالم على التعامل الرقميّ الذي أصبح وسيلةً للاقتصاد في المال والجهد، هذه الأشكالُ من الإجرام الرقميّ تجعل الناس يفقدون الثقة في التعامل الرقميّ، ولعلَّ من مظاهر ذلك أنّنا نرى الناس، اليوم، في زمن كورونا، بحيث توافرت مختلف وسائل التعامل والأداء المالي رقميًّا، نراهم يصطفون في طوابير أمام وكالات الكهرباء والماء والاتصالات وغيرها لأداء الفواتير أو أداء الضرائب؛ لكونهم غير مقتنعين تمامًا أنَّه بالإمكان أن نتعامل ماليًّا عبر الإنترنيت والبوابات الإلكترونية المتاحة، بشكل آمن، ودون أي مشكل، وهو ما يطرح السؤال حول ضرورة المتابعة القضائيّة للنصّابين، وفرض المراقبة الدائمة على المواقع الإلكترونية من خلال تفعيل الأمن الإلكتروني والحكامة الإلكترونية والقضاء الإلكتروني.

حيلُ النصب الإلكترونيّ 

من بين الطرق المعروفة التي صرنا نشاهدها تقريبًا في العشر سنوات الأخيرة، بشكلٍ يوميٍّ، أنَّ عددًا من العمال الذين ينحدرون في الأعمِّ الأغلب من إفريقيا جنوب الصحراء حيث يعملون على اقتناص أرقام الهاتف والبريد الإلكتروني لشخصيات مشهورة سياسيّة أو ماليّة، من المليارديرات من أجل اتهامهم بحسب الموضع الذي يبدو للنصّاب أو المحتال مهمًّا وقابلًا للتنفيذ بالسرعة المطلوبة.

على أحد المواقع الإلكترونية الشهيرة التي تقوم بدور الوساطة التجارية والمالية، يضع مقاول إعلانًا يبحث فيه عن شريك مالي من أجل إنشاء مشروع عقاري، وبعد مدة يكتشف أحدهم الرقم الذي يكون متاحًا من خلال هذا الموقع الإلكتروني، بحيث يبعث برسالة نصيّة إلى المعنيّ بالأمر بدعوى أنّه ثريٌّ تغريه التجارة والمشاريع المرتبطة بالعقار، وأنّه لديه ثروة مالية كبيرة ورثها، ويريد أن يستثمرها في العقار. 

بعد التواصل مع المعنيّ بالأمر صاحب الإعلان، يتمُّ الاتفاق على مكان اللقاء من أجل التأسيس للمشروع، بحيث إنه في نهاية المطاف يلتقيان بعد عدة اتصالات هاتفيّة للتعجيل بإقامة المشروع، وهو ما يجعل المقاول يستقبله في منزله، وبعد برهة يطالبه المحتال بمبلغ "بسيط" يتمثل في 2000 دولار لتيسير نقل الأموال من أمريكا،  وبعد أن تملّكه الشك،  يحيله المحتال على امرأة، يدعي أنّها أمه، لتتواصل معه من الولايات المتحدة الأمريكية عبر الهاتف، وبرقم أمريكي، والتي تطلب منه أن يمنح ابنها المبلغ المذكور، ثم عند الرفض يطالبه فقط ب300 دولار لتيسير تحويل الأموال، وقضاء يومين في انتظار التوصل بالملايين القادمة من أمريكا، وحين يرفض صاحبنا كلَّ هذه الأمور؛ لأنَّه لا يعقل أن يعجز ملياردير في عصر التحويل المالي في لمح البصر عبر مختلف دول العالم، أن يتوفر على مبالغ بسيطة يسدُّ بها رمقه، مما يدفع بالمحتال في نهاية المطاف إلى مغادرة المكان والعودة من حيث أتى.

بهذه الطريقة الخبيثة نفسها، والتي لم تنجح مع هذا الشخص، يبدو أنّها نجحت، كما تذكر الصحف والمواقع الإلكترونيّة، مع أشخاصٍ كثر، مكّنوا هؤلاء المحتالين من الملايين وطار أصحابها من النصّابين والمحتالين إلى غير رجعة، ولم تتم متابعتهم قضائيًّا، أو لم ينجح القضاء في أغلب الأحيان في التوصل إليهم ومعاقبتهم وإعادة الأموال إلى أصحابها، بل إنَّ الكثيرين من الذين تعرضوا ويتعرضون للنصب والاحتيال يخفون قضيتهم كي لا يتعرضوا للسخرية من طرف الآخرين، ولعلمهم أنَّ عرض مشكلتهم على القضاء في الغالب لا يوصل إلى هدفٍ إيجابيّ.

لقد تعرض العشراتُ من المقاولين والتجار وأرباب الشركات إلى كثيرٍ من عمليات النصب، بحيث إنَّ الأمر ينطلق من مبالغ مالية بسيطة وينتهي إلى الملايين بعد أن يتم إيهام الشخص بأنَّه سيحصل على أرباح مغرية، يتم في غالب الأحيان السطو على كل ماله والفرار إلى وجهة غير معلومة، وذلك لسهولة النصب في العصر الرقميّ عبر تزوير الوثائق، بما في ذلك دفاتر الشيكات وغيرها، وعلى الرغم من أنَّ مختلف العمليات الماليّة تتم في واضحة النهار، وتكون البواباتُ الإلكترونية أحيانًا مراقبةً، إلا أنّه، غالبًا، لا يتم التوصل إلى حلٍّ ولا يتمُّ توقيف الشخص المحتال.

الابتزازُ الرقميّ

من بين أشكال الجريمة الإلكترونيّة الابتزاز الذي يتمُّ عادةً عبر تتبع الضحيّة وتصيّد هفواتها للإيقاع بها عبر التصوير، وذلك بالتقاط الصور المخلّة أو الفيديوهات الإباحيّة أو ما شابه، والتي تنتهي بالنسبة لمن يقعون ضحية خاصّة من النساء التي تكون في نهاية المطاف مطالبة بدفع مبالغ مالية من أجل عدم فضحها، ولأنَّ الأمر يتمُّ في سريّة تامة، فإنَّ ذلك يجعل الضحية التي تتعرض للنصب مطيعةً لكلِّ ما يطلبه النصّاب.

في الغالب يتم اصطياد الضحايا من بين النساء، من خلال التقاط الصورة الإباحيّة التي في الغالب تقع ضحيته بعض المتهورات اللواتي لا يتورعن في إرسال الصور الإباحيّة للصديق الافتراضيّ عبر فيسبوك أو تويتر أو عبر تطبيق واتساب، بل قد يصل الأمر بالبعض وتحت الضغط التدريجيّ إلى إرسال ممارسات شاذة في شكل فيديوهات إباحيّة، مما يعرضها للمجازفة التي تنتهي في النهاية بابتزازها من طرف النصّاب، الذي سيطالبها حتمًا بإرسال مبالغ مالية باهظة، ولأنَّه من الصعب توقيف جشع هذا النصّاب، فإنَّ المطالبة بالمبالغ الماليّة لا تتوقف، مما قد يؤدي بالضحية إلى القيام بمجازفات خطيرة لتوقيف الضحية، وهذا ما يحدث غالبًا للموظفات اللواتي تعرضن لهذا النوع من الابتزاز، وخاصّةً إن كانت الضحية متزوجةً؛ فإنَّ القيمة التي يتم المطالبة بها من طرف المبتزِّ تكون مضاعفةً، لمنع الفضيحة التي لا تقبلها مجتمعاتنا المحافظة.

العملاتُ الرقميّة

ظهرت منذ مطلع العقد الثاني من القرن الحالي عملات مالية رقميّة كان لها الفضل في اغتناء عدد من الأفراد عبر العالم، من خلال دخول السوق السوداء ودخول البورصات العالميّة، من قيبل "البيتكوين" التي جعلت أغلب من انخرطوا في هذه العملات منذ بدايتها  أثرياء  من الصفر عندما استثمروا بعض أموالهم في هذه العملات، والتي تحوّلت مع الزمن الى أموال طائلة بعد أن ارتفعت قيمتها في سوق العملات وفاقت العملات العالمية مثل الدولار، والأورو، والجنيه الإسترليني، وغيرها من العملات، فجعلت من أرباب هذه العملات والمستثمرين فيها أغنياء  بين عشية وضحاها؛ وقد استغلَّ البعض هذا التحوّل والاستثمار في العملات الرقميّة التي صارت تستعمل في المبادلات التجارية وفي سوق البورصات وفي المضاربات المالية عالميًّا، فقاموا بإنشاء عملات رقمية مزيفة وبقيم مغرية،  من قبيل ألوان كوين، والسانت كوين، والماتريكس كوين، وغيرها من العملات التي ما زال الأغلبية ينتظرون نتائج ما أقدموا عليه من مساهمات مالية لوسطاء لتلك الشركات الماليّة الوهميّة، ومصير ما أسهموا به من أموال وصلت عند البعض الملايين، إذ وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاها أنّهم وقعوا ضحية النصب والاحتيال، وأنَّ العملات المزعومة هي مجرد أوهام.

الشركاتُ الرقميّةُ الوهميّة

في السياق نفسه، وتحت مسمّى التسويق الرقميّ، والوساطة الرقميّة، والإشهار الرقمي، تم استغلال الرقميّة أيضًا في النصب على العملاء من خلال شركات تزعم أنها مؤسسات قانونية تقوم على التسويق والمضاربة، بحيث استحوذ أصحابها على الملايين وفروا إلى أماكن مجهولة، من قبيل هذه الشركات مجهولة الهوية التي يديرها أشخاص من بلدان غربية يصعب محاسبة أصحابها؛ وقد نهبت الملايين لأفرادٍ من كل بلدان العالم الذين أسهموا في هذه الشركات الوهمية بأموالهم في انتظار الحصول على أرباح؛ ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف قد وقعوا ضحية النصب والاحتيال.

بهذه الطريقة استولت إحدى شركات التسويق الوهميّة في المغرب على ملايين الدراهم، وفرّت إلى غير رجعة، وللأسف فإنَّ الأغلبية من الذين تم الاستيلاء على أموالهم هم من الموظفين الذين يبحثون عن مصادر أخرى للدخل، اعتمادًا على التعامل الرقميّ، علمًا أنَّ القانون يمنع المزاوجة بين وظيفتين،  وهو ما يجعل الذين تعرضوا للاحتيال من طرف الشركة نفسها قد صمتوا ولم يتابعوا الجناة قضائيًّا، وأمّا الذين كانت لديهم جرأةٌ لمتابعة الشركة قانونيًّا؛ فإنّهم في نهاية المطاف لم يحصلوا على أي شيء يذكر؛ حيث إنَّ مقرَّ الشركة الوهمي تم إغلاقه  في حين أن أصحاب هذا المشروع الوهميّ قد فروا نحو المجهول.

على سبيل الختم: هل من سبيلٍ إلى تأمين التعامل الرقميّ الماليّ والتجاريّ؟

لا أحد يجهل الدور الكبير الذي تلعبه الرقميّة اليوم في مختلف مجالات الحياة، حيث وقفنا في ظلِّ جائحة كورونا على ضرورة التعامل الرقميّ في مختلف القطاعات من تعليمٍ وصحةٍ وتجارةٍ ومبادلاتٍ وتحويلاتٍ بنكيّة وغيرها، ولكن مع الاحتراز من أشكال التدليس والسرقة والنصب والاحتيال التي يقوم بها  عددٌ من أعداء التقدم، الذين اتّخذوا من الرقميّة وسائل للاغتناء غير المشروع، حيث أساءوا وما يزالون للتعامل الرقميّ، وهو ما يدعو إلى تأمين التعامل الرقميّ سواء على المستوى المحليّ والدوليّ من طرف القضاء؛ من خلال تفعيل دور الأمم المتحدة في متابعة الشركات التي لا تضع معايير دقيقة وضمانات للعملاء، ولا تؤمن المعلومات الشخصيّة التي يجهل الكثيرون كيفيّة التحكم فيها.

إننّا، في الواقع، بحاجة إلى هذا الاشتغال الرقميّ الذي صار اليوم البديل في ظل تزايد المخاوف على المال المحمول نقدًا، والذي صار بديلًا عنه إنجاز التعاملات المالية عبر التطبيقات الإلكترونية على الهواتف وعبر الأنترنت، فضلًا عن الفرص الكثيرة التي تتيحها الرقميّة، وهو ما يدعو إلى التعجيل بوضع حدٍّ للجريمة الرقمية؛ في هذا الصدد لا بدَّ من تفعيل القضاء الإلكترونيّ محليًّا ودوليًّا؛ فضلا عن التوعية التي ينبغي أن يكون الإعلام الوسيلة الأساس لها، فضلا عن التربيّة الرقميّة التي ينبغي أن تُناط بالمدرسة باعتبارها فضاءً توعويًّا، وذلك لتعزيز التعامل الرقميّ في ظروفٍ آمنة.