غوايةُ العنب

جروان المعاني

شاعر أردني

مُتعِبٌ وتعِبٌ أبحث عنِّي

 أرتشفُ الحياة من حُلمٍ بلا رؤى

 أتمدّدُ باتجاهِ النهارِ فلا كان قبلَكِ أحدٌ

 ولا بقيَ بعدكِ وطن

 حتى المرايا عافت الوجوهَ التي مرّت بها

 تمردتْ على لُغة النوايا

 تطلُب السفرَ إليكِ

 تُخبركِ بأن لا شيء يزورُ خيالي 

وها أنا أفترشُ المدى بانتظارِ ميلادِ الغريبِ

 أحبسُ الاصطبارَ كي لا أسمَع الشكوى

 حتى لا يظهر على وجهي الغضبْ

 فارحلي كأس الندامةِ رفيقُنا

 وأنتِ أولى بالحياةِ

 دنيايَ بعدَكِ للغريباتِ

 فأنتِ وطنٌ يُشبِهُ الأوراقَ

 تحفظُ الأشياءَ الصغيرةَ والكبيرةَ 

ومعَ كُلّ هبةِ ريحٍ تصرُخُ أريدُ أن أستريحَ

 فلا ملامة إن مزّقتُ دفاتري

 إن هربت من غوايةِ العنبِ 

إن دغدغتُ جسدَ الصباحِ

 ثم عبثتُ بالماراتِ في طريقي

 إن استبدلتُ طقوسَ الصباحِ واستعدتُ خرائطي

 لأحرقَ ضَعفي أمام عينيكِ

 يا أيّتُها الهابِطةُ من السماءِ تمهّلي علّها تأتي مواسمُ العنبِ

 فنعتصر خمرةَ البقاءِ

 فإذا ما ثملتِ وسألوكِ عني

 قولي كان فكرةً حمقاءَ يحبُّ الأرضَ والنهارَ والنساءَ

 يعرفُ حقيقةَ الطينِ السرِّ وراءَ الموتِ، وأسرارَ البقاءِ

 كان يُحبُّ الناسَ بلا غايةٍ أو رياءٍ، لكلِّ هذا كنتُ أحبّهُ..!.

واذا سألوكِ عنّي أخبرِيهم بأنّني موجُ الكلامِ

 وبأنّني أعاني اغترابي من قومٍ أرضُهم عافت ملابِسَها

 فستروا عورتَها بشوارعٍ تطاردُ خُبزَها

 شوارعٌ أسرارُها مرعبةٌ كلما غرقتَ بها نهشتكَ أنيابُها

 وقولي كان أولَ من حملَ الندى إليّ 

وأعطى النبيذَ خمرتهُ؛ فتشهيتُ من أجلهِ شُربَ المنافي

 ثم خيّطتُ فمَ الحياةِ لأُراقص... المغموسةَ بالقهوةِ

 فيحيا لأجلهِ موتي مرتينِ

 وأعود للدُنيا من أوّلِ الوقتِ

 أعتصرُ خمرةَ الوجودِ كيما أثمل.