حديثٌ إلى سيّدِ العاشقين

درويش الأسيوطي

شاعر مصري 

 

مغرمٌ بالمساءِ المخبّأ بين الجَدَائلِ 

بالعطرِ مُمتزجاً  بالندى 

بالأناملِ ترتادُ خارطةَ البوحِ.. 

في سعيها لاكتشافِ الجسد.

 

مغرمٌ بالعيونِ البحارِ  

وبالماءِ في ذروةِ المَدِّ  

يهوى معانقةَ المطرِ اللؤلؤيِّ 

على مرْمَرِ الجِيدِ 

لا يسألِ الأعينَ المستريبةَ 

عنْ مُدخلٍ للتَّوَجِّسِ  

أو فرجةٍ للتشككِ، أو لحظةٍ للجَلَدْ.

 

 حين يطرقُ أبوابَها بالتودّدِ والرِّفقِ 

تفتحُها لحظةً كيْ يمرَّ 

وتغْلقُها للأبد.

فادخلِ الآنَ يا سيّدَ العاشقينَ 

فما عادَ بالعُمرِ متسعٌ للتّرددِ والانتظارِ.. 

انطلقْ 

ذَلِّلِ الصهوةَ العبقريّةَ  

وادخلْ إلى كرمِكَ الغضِّ مُرتجلاً أغنياتِكَ  

سوفَ تأتيكَ تلك الطيورُ الغريبةُ 

  متعبة ً

حين يدخلُها الشوقُ  

يُسقطُها فوقَ شَطِّكَ .. 

نخلع ثوبَ التعللِ ..

فاخلَعْ بدورِكَ ثَوْبَ التردّدِ  

واحذرْ 

فإنَّ الأميرةَ حين تغادرُها لحظةُ الاكتشافِ 

ستبحثُ عن ثوبِها الريشِ 

عن فرجةٍ للرحيلِ 

فخبيءْ عن الحلمِ أجنحةَ الارتحالِ  

واعتد لعصفورةِ الحلمِ مُتَّكأً مِنْ زنابقِ شِعرِكَ ..

ساحاتِ عشبٍ نديٍّ 

وزهْرًا 

وبدرًا  خجولًا 

ونافذةً من  ضياء.

 

أنتَ يا سيّدي آخرُ العاشقينَ.. 

وأولُ مَنْ خَطَّهُ العشقُ في دفترِ الابتلاءْ. 

فادخلِ الآنَ جنَّاتِها 

وادفعِ البابَ بالرفقِ والكبرياء.

كلُّ ما خَلْفَ تلك البرازخِ ..  

كونُكَ ... 

لا شيء بينك والمشتهى 

أطلق الآن خيلَك نحوَ القبابِ العصيّةِ 

واركضْ..

ليصبحَ  هذا الفراغُ المجللُ بالثلجِ 

شمسًا من الياسمين..

وحقلًا من الأقحوانِ  

وأوديةً للغناء.